الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> يا إلهَ الوجودِ! هذي جراحٌ >>
قصائدأبو القاسم الشابي
- يا إلهَ الوجودِ! هذي جراحٌ
- في فؤادي، تشْكو إليْك الدّواهي
- هذه زفرة ٌ يُصعِّدها الهمُّ
- إلى مَسْمَعِ الفَضَاء السَّاهي
- فلقد جرّعني صوتُ الظّلام
- هَذِهِ مُهْجَة ُ الشَّقَاءِ تُنَاجيكَ
- فهلْ أنتَ سامعٌ يا إلهي؟
- أنتَ أنزلتني إل ظلمة ِ الأرض
- وقد كنتُ في صباحٍ زارهِ
- أَلَماً علّمني كرِهَ الحياة
- كَجَدْولٍ في مَضَايِقِ السُّبُلُ
- كالشّعاع الجميل، أَسْبَحُ في الأفق
- وأُصْغي إلى خرير المياهِ
- وأُغنِّي بينَ الينابيعِ للفَجْر
- وأشدو كالبلبلِ التَّيَّاهِ
- أَنَا كَئيبْ،
- أنتَ أوصلتَني إلى سبل الدنيا
- وهذي كثيرة ُ الأشتباهِ
- ثم خلَّفَتَني وحيداً، فريداً
- فَهْوَ يا ربِّ مَعْبَدُ الحقِّ،
- أنتَ أوقفتَني على لُجَّة الحزْنِ
- وجَرَّعتني مرارة َ آهِ!
- أنت أنشأتني غريباً بنفسي
- بين قوميْ، في نشْوتي وانتباهي
- ـامي، وآياتِ فنِّهِ المتناهي
- وحبَّبْتَني جُمَودَ السَّاهي
- وتلاشت في سكون الأكتئاب
- أنتَ جَبَّلتَ بين جنبيَّ قلباً
- سرمديَّ الشُّعور والانتباهِ
- عبقريَّ الأسى : تعذِّبه الدنيا
- وتُشْجيه ساحراتُ الملاهي!
- أيها العصفورْ
- أنتَ عذّبتني بِدِقَّة حِسِّي
- وتعقَّبْتَني بكلّ الدَّواهي
- بالمنايا تَغْتال أشْهى أمانيَّ
- وتُذوِي محاجري، وَشِفاهي
- فإذا من أحبُّ حفنة ُ تُرْبٍ
- تافهٍ، مِنْ تَرائبٍ وَجِبَاهِ
- أنَّة َ الأوتار..!
- غَرِيبَة ٌ فِي عَوَالِمِ الحَزَن
- يتلاشى فوق الخضَمِّ: ويبقى الـ
- ـيمُّ كالعهدِ مُزْبدَ الأمواه...
- مرّت ليالٍ خبَتْ مع الأمدِ
- يا إلهَ الوجودِ! مالكَ لا تَرثي
- لحزن المُعَذَّب الأوَّاهِ؟
- قد تأوَّهتُ في سكونِ اللّيالي
- ثم أطبقتُ في الصّباح شِفاهي
- رُوحِي، وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ
- يَا رِياحَ الوجود! سيري بعنفٍ
- وتغنِّيْ بصوتك الأوَّاه
- وانفحيني مِنْ رُوحِكِ الفَخْم ما يُبْـ
- ـلغُ صَوْتي آذَانَ هذا الإلهِ
- وانثُري الوَرْدَ للثُّلوجِ بدَاداً
- واصعقي كلّ بُلبلٍ تَيَّاه
- فالوجودُ الشقيُّ غيرُ جديرٍ
- وَهْوَ نايُ الجمالِ، والحبِّ، والأحْـ
- فالإله العظيم لميخلق لدنيا
- سوى للفناءِ تَحْتَ الدّواهي
- مَشَاعِرِي فِي جَهَنَّمَ الأَلمِ
المزيد...
العصور الأدبيه