الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> وأوَدُّ أن أحيا بفكرة ِ شاعرٍ >>
قصائدأبو القاسم الشابي
- وأوَدُّ أن أحيا بفكرة ِ شاعرٍ
- فأرى الوجودَ يضيقُ عن أحلامي
- إلاّ إذا قَطَّعتُ أسْبابي مَعَ الدُّ
- نيا وَعِشْتُ لِوَحْدتي وَظَلامي
- في الغابِ، في الجبلِ البعيدِ عن الورى
- حيثُ الطبيعة ُ، والجمالُ السامي
- وأعيشُ عيشة َ زاهدٍ مُتَنَسِّكٍ
- ما إنْ تُدَنِّسه الحَياة ُ بِذَامِ
- هجرَ الجماعة َ للجبا، تورُّعاً
- عنها وعن بَطْشِ الحياة الدَّامي
- تمشي حواليه الحياة ُ كأَنَّها
- الحلمُ الجميل، خفيفة َ الأقدامِ
- وتَخَرُّ أمواجُ الزَّمانِ بهَيْبة ٍ
- قدسيَّة ٍ، في يميِّها المُترامي
- فأعيش في غابِ حياة ً، كلّها
- للفنِّ للأَحلامِ، للإلهامِ
- لكِنَّني لا أستطيعُ، فإنَّ لي
- أمَّا، يصدُّ حنانُها أوهامي
- وصغارَ إخوانٍ، يرون سلامهمَ
- في الكَائناتِ مُعَلَّقاً بسَلامي
- فقدوا الأب الحاني، فكنتُ لضعفهم كهفاً،
- يَصدُّ غوائلَ الأيامِ
- وَيَقِيهمُ وَهَجَ الحياة ، وَلَفْحَها
- ويذودُ عنهم شرّة َ الآلامِ
- فأنا المكبَّلُ في سَلاسِلَ، حيَّة ٍ،
- ضَحَّيْتُ مِنْ رَأَفي بها أحلامي
- وأنا الذي سكنَ المدينة َ، مكرهاً
- ومشى إلى الآتي بِقَلْبٍ دامِ
- يُصْغي إلى الدُّنيا السَّخيفة ِ راغماً
- ويعيشُ مثلَ النَّاسِ بالأَوهامِ
- وأنا الذي يحيا يأرض، قفرة ً
- مدحوَّة ً للشكِّ والآلامِ...
- هَجَمَتْ بيَ الدُّنيا على أهوالها
- وخِضمَّها الرَّحْبِ، العميقِ الطَّامي
- من غير إنذَارٍ فَأحْمِلَ عُدَتي
- وأخوضَهُ كالسَّابحِ العَوَّامِ
- فتحطّمتْ نفسي على شُطْآنهِ
- وتأجّجتْ في جَوِّه آلامي
- الويلُ للدّنيا التي في شرعها
- فأسُ الطَّعام كريشة ِ الرّسّامِ؟
المزيد...
العصور الأدبيه