الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ >>
قصائدأبو القاسم الشابي
قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ
أبو القاسم الشابي
- قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ
- سَاحِرٍ، في ظِلال غابٍ جميلِ
- كان فيه النّسيم، يرقصُ سكراناً
- على الوردِ، والنّباتِ البَليلِ
- وضَبابُ الجبالِ، يَنْسَابُ في رفقٍ
- بديعٍ، على مُروج السُّهولِ
- وأغاني الرعاة ِ، تخفقُ في الأغوارِ
- والسّهلِ، والرّبا، والتّلولِ
- ورحابُ الفضاءِ، تَعْبُقُ بالألحانِ
- والعطرِ، والذّياءِ الجميلِ
- والمَلاَكُ الجميلُ، ما بين ريحانٍ
- وعُشْبٍ، وسِنديانٍ، ظَليلِ
- يتغنَّى مع العَصَافيرِ، في الغاب
- ويرنو إلى الضَّباب الكَسُولِ
- وشعورُ الملاك ترقصُ بالأزهار
- والضوءِ، والنَّسيمِ العَليل
- حُلُمٌ ساحرٌ، به حَلُمَ الغابُ
- فَوَاهاً لِحُلْمِهِ المَعْسُولِ!
- مثلُ رؤيا تلوحُ للشّاعر الفنَّان
- في نشوة ِ الخيال الجليلِ
- قد تملَّيْتُ سِحرَهُ في أناة ٍ
- وحنانٍ، وَلَذَّة ٍ، وَذُهولِ
- ثُمَّ ناديتُ، حينما طفحَ السِّحرُ
- بأرجاءِ قَلبي المبتولِ
- يا شعورٌ تميد في الغَاب بالر
- يحانِ، والنّور، والنّسيم البليلِ
- كَبَّليني بهاتِهِ الخِصَلِ المرخَاة ِ
- في فتنة ِ الدَّلال المَلُولِ
- كبّلي يا سَلاسلَ الحبِّ أفكا
- ري، وأحلامَ قلبيَ الضَّلِّيلِ
- كبِّليني بكل ما فيكِ من عِطْرٍ
- وسحرٍ مُقَدّسٍ، مَجْهولِ
- كبِّليني، فإنَّما يُصْبِحُ الفنّان
- حرّاً في مثل هذي الكبولِ
- ليت شعري! كَمْ بينَ أمواجِكِ السّو
- دِ، وطيّاتِ ليلِكِ المسدولِ
- من غرامٍ، مُذَهَّبِ التاجِ، ميْتٍ
- وفؤادٍ، مصفَّدٍ، مغلولِ
- وزهورٍ من الأمانيِّ تَذوِي
- في شُحُوبٍ، وخيبة ٍ، وخمولِ
- أنتِ لا تعلمين..، واللَّيلُ لا يعلَمُ
- كم في ظلامِه من قَتيلِ
- أنتِ أُرْجُوحَة ُ النسيمِ فميلي
- بالنسيمِ السعيدِ كِلَّ مَمِيلِ
- ودَعي الشَّمسَ والسماءَ تُسَوِّي
- لكِ تاجاً، من الضياء الجميلِ
- ودِعي مُزْهِرَ الغُصُونِ يُغَشِّيـ
- ـكِ بأوراقِ وَردِه المطلولِ
- للشّعاع الجميلِ أنتِ، وللأنسا
- مِ، والزَّهر، فالعبي، وأطيلي
- ودعي للشقيِّ أشواقَه الظمْأى
- وأَوهامَ ذِهْنه المعلولِ
- يا عروسَ الجبالِ، يا وردة َ الآ
- مالِ، يا فتنة َ الوجودِ الجليل
- ليتني كنتُ زهرة ً، تتثنَّى
- بين طيّات شَعْرِكِ المصقولِ!
- أو فَراشاً، أحومُ حولكِ مسحوراً
- غريقاً، في نشوتي، وَذُهُولي!
- أو غصوناً، أحنو عليكِ بأوراقي
- حُنُوَّ المُدَلَّهِ، المتْيولِ!
- أو نسيماً، أضمُّ صدركِ في رِفقٍ،
- إلى صَدْرِيَ الخفوقِ، النَّحيلِ
- آهِ! كم يُسْعِدُ الجمالُ، ويُشْقي
المزيد...
العصور الأدبيه