الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً >>
قصائدأبو القاسم الشابي
إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً
أبو القاسم الشابي
- إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً
- لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ
- يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ، كأنَّما
- يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ
- وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا
- وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ
- وقضَوا على رُوح الأخوَّة ِ بينهم
- جَهلاً وعاشُوا عِشية َ الأَغرابِ
- فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة ِ والفَنَا
- وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ
- لُعَبٌ، تُحرِّكُها المَطامعُ، واللّهى
- وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ
- وأرى نفوساً، مِنْ دُخانٍ، جامدٍ
- مَيْتٍ، كأشباحٍ، وراءَ ضَبَابِ
- مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها
- وتحرَّوا كتحرُّكِ الأنصابِ
- وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا
- إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ
- لا قلبَ يقتحمُ الحياة َ، ولا حِجَى ً
- يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ
- بلْ في اليرابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى
- تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ
- وتموتُ خاملة ً، كَزَهرٍ بائسٍ
- ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ
- أبداً تُحدِّقُ في التراب..، ولا تَرَى
- نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..!
- الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه
- هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ
- ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ، ميِّتٍ
- قَدْ شيَّدتْهُ غباوة ُ الأَحقَابِ
- والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره
- في فهمِ ألفاظٍ، ودرسٍ كيابٍ
- يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى
- كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي
- والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ
- دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ
- الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ
- ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ!
المزيد...
العصور الأدبيه