الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> هاج المنازل رحلة المشتاق >>
قصائدسلامة بن جندل
- هاجَ المَنازِلُ رِحلةَ المُشتاقِ
- دِمَنٌ وآياتٌ لَبِثْنَ بَواقي
- لَبِسَ الروامسُ والجديدُ بِلاهما
- فتُرِكْنَ مِثلَ المُهرقِ الأخلاقِ
- للحارثيَّةِ ، قَبلَ أن تَنأى النَّوى
- بِهِمِ ، وإِذ هيَ لا تُريدُ فِراقي
- ومَجَرُّ سارِيةٍ تَجُرُّ ذُيولَها
- نَوسَ النَّعامِ ، تُناطُ بالأعناقِ
- مِصرِيَّةٍ ، نَكباءَ أعرَضَ شَيمُها
- بأُشابةٍ ، فزَرُودَ ، فالأَفلاقِ
- هَتكَتْ على عُوذِ النِّعَاجِ بُيوتَها
- فَيَقَعْنَ للرُّكْباتِ ، والأرواقِ
- فتَرَى مَذانِبَ كُلِّ مَدفَعِ تَلْعةٍ
- عَجِلَتْ سواقِيها مِنَ الإِتآقِ
- فكأَنَّ مَدفَعَ سَيل كُلِّ دَميثةٍ
- يُعلَى بذِي هُدُبٍ ، مِنَ الأعلاقِ
- مِن نَسجِ بُصرَى والمدائن ، نُشِّرَتْ
- للبيع يومَ تَحَضُّرِ الأسواقِ
- فوَقَفتُ فيها ناقَتي ، فتَحَنَّنَتْ
- لِهَوَى الرَّواحِ ، تَتُوقُ كُلَّ مَتاقِ
- حتّى إِذا هيَ لم تُبِنْ لِمُسائلٍ
- وَسَعَتْ رِياحُ الصّيفِ بالأصياقِ
- أَرسَلتُ هَوجاءَ النَّجاءِ ، كأنَّها
- إِذْ هَمَّ أسفَلُ حَشْوِها بِنَفَاقِ
- مُتَخَرِّفٌ ، سَلَبَ الربيعُ رداءَهُ
- صَخِبُ الظلامِ ، يُجيبُ كُلَّ نُهاقِ
- مِن أخدَرِيَّاتِ الدَّنا ، التَفَعَتْ لـهُ
- بُهْمَى النِّقاعِ ، وَلَجَّ في إِحناقِ
- صَخِبُ الشَوارِبِ والوَتِينِ ، كأنَّهُ
- مما يُغَرِّدُ مَوهِنا بِخِناقِ
- في عانةٍ شُسُبٍ ، أَشَدَّ جِحاشَها ،
- شُزُبٍ ، كأَقواسِ السَّراءِ ، دِقاقِ
- وكأَنَّ رِيقَتَها ، إِذا نَبَّهْتَها ،
- كأسٌ ، يُصَفِّقُها لِشُربٍ ساقي
- صِرْفٌ ، تَرَى قَعرَ الإِناءِ وَرَاءَهَا
- توُدِي بِعَقلِ المَرءِ قَبلَ فُواقِ
- يَنسَى لِلَذَّتِها أَصالةَ حِلمِهِ
- فيَظَلُّ بَينَ النَّومِ والإِطراقِ
- فتَرَى النِّعاجَ بِها ، تَمشَّى خِلْفةً
- مَشْيَ العِباديّينَ في الأمواقِ
- يَسمُرْنَ وَحفا ، فَوقَه ماءُ النَّدَى ،
- والنَّبتَ ، كُلَّ عَلاقةٍ ونِطاقِ
- ولَقَد هَبَطتُ الغَيثَ ، حُلَّ بهِ النَّدَى
- يَرفُفْنَ فاضِلَهُ علَى الأشداقِ
- أَهدِي بهِ سَلَفا ، يَكونُ حَدِيثُهُمْ
- خَطَرا ، وذِكرَ تَقَامِرٍ وسِباقِ
- حتَّى إِذا جاءَ المُثَوِّبُ ، قَد رأى
- أَسَدا ، وطالَ نَواجِذُ المِفراقِ
- لَبِسوا ، مِنَ الماذِيِّ ، كُلَّ مُفاضةٍ
- كالنّهِي ، يَومَ رياحِهِ ، الرَّقراقِ
- مِنْ نَسجِ داودٍ ، وآلِ مُحَرِّقٍ
- غالٍ غَرائبُهُنَّ في الافاقِ
- ومنَحتُهُم نَفسي ، وآمِنةَ الشَّظَى
- جَرداءَ ، ذاتَ كَرِيهةٍ ونِزاقِ
- كالصَّعْدةِ الجَرداءِ ، آمَنَ خَوفَها
- لَطَفُ الدَّواءِ ، وأَكرَمُ الأعراقِ
- تَشأَى الجِيادَ ، فيَعتَرِفْنَ لِشأوِها
- وإِذا شأَوا لحِقَتْ بحُسنِ لَحاقِ
- وأَصَمَّ صَدقا ، مِن رِماحِ رُدَينةٍ
- بيَدَيْ غُلامِ كَرِيهةٍ ، مِخراقِ
- شاكٍ ، يَشُدُّ على المُضافِ ، ويَدَّعي
- إِذ لا تَوافَقُ شُعْبتا الإِيفاقِ
- إِنّي امرؤٌ ، مِن عُصبةٍ سَعدِيَّةٍ
- ذَربَى الأسِنَّةِ كُلَّ يَومِ تَلاقي
- لا يَنظُرونَ إِذا الكَتِيبةُ أَحجَمَتْ
- نَظَرَ الجمالِ ، كُرِبْنَ بالأَوساقِ
- يَكفُونَ غائبَهُم ، ويُقضَى أمرُهُم
- في غَيرِ نَقصٍ مِنهُمُ ، وَشِقاقِ
- والخَيلُ تَعلمُ مَن يَبُلُّ نُحورَها
- بدَمٍ ، كماءِ العَنْدَمِ المُهرَاقِ
المزيد...
العصور الأدبيه