الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> يا عجبا للعذارى يوم معقلة >>
قصائدالفرزدق
يا عجبا للعذارى يوم معقلة
الفرزدق
- يا عَجَبا للعَذَارَى يَوْمَ مَعْقُلَةٍ،
- عَيّرْنَني تحتَ ظلّ السِّدرَةِ الكِبَرَا
- فَظَلّ دَمْعيَ مِمّا بَانَ لي سَرِباً
- عَلى الشّبابِ إذا كَفْكَفتُه انحَدَرَا
- فإنْ تكنْ لِمّتي أمسَتْ قدِ انطَلَقَتْ
- فَقَدْ أصِيدُ بهَا الغِزْلانَ وَالبَقَرَا
- هَلْ يُشتَمَنّ كَبِيرُ السنّ أنْ ذرَفتْ
- عَيْنَاهُ أمْ هُوَ مَعذورٌ إنِ اعتَذرَا
- يا بِشْرُ إنّكَ سَيْفُ الله صِيلَ بِهِ
- عَلى العَدُوّ وَغَيْثٌ يُنْبِتُ الشّجَرَا
- مَنْ مِثْلُ بِشْرٍ لحَرْبٍ غَيْرِ خامدةٍ
- إذا تَسَرْبَل بِالمَاذِيّ وَاتّزَرَا
- العَاصِبِ الحَرْبَ حَتى تَسْتَقيدَ لَهُ
- بِالمَشْرَفِيّةِ، وَالعَافي إذا قَدَرَا
- سَيْفٌ يَصُولُ أمِيرُ المُؤمِنين بِهِ
- وَقَدْ أعَزّ بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ نَصَرَا
- كمُخدِرٍ من لُيُوثِ الغِيلِ ذي لِبَدٍ
- ضِرْغامَةٍ يَحطِمُ الهاماتِ وَالقَصَرَا
- تَرَى الأسُودَ لَهُ خُرْساً ضَرَاغِمُها
- يَسْجُدْنَ مِنْ فَرَقٍ مِنهُ إذا زَأرَا
- مُسْتَأنِسٍ بِلِقاءِ النّاسِ مُغْتَصِبٍ
- للألفِ يَأخُذُ مِنْهُ المِقْنَبُ الخَمَرَا
- كَأنّمَا يَنْضحُ العَطّارُ كَلْكَلَهُ
- وَساعِدَيْهِ بِوَرْسٍ يَخضِبُ الشَّعَرَا
- وَمَا فَرِحْتُ ببُرْءٍ مِنْ ضَنى مَرَضٍ
- كَفَرْحَةٍ يَوْمَ قالُوا أخبَرَ الخَبَرَا
- ألْفَتْحُ عِكْرِمَةُ البَكْرِيُّ خَبّرَنَا
- أنّ الرّبِيعَ أبَا مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَا
- فَقُلْتُ للنّفْسِ: هَذي مُنيَةٌ صَدقتْ
- وَقَدْ يُوَافِقُ بَعضُ المُنيَةِ القَدَرَا
- كُنّا أُنَاساً بِنَا اللأوَاءُ فَانْفَرَجَتْ
- عَن مثلِ مَرْوَانَ بالمصرَينِ أوْ عمرَا
- مُشَمِّرٌ يَستَضيءُ المُظْلِمُونَ بِهِ،
- يَنْكي العَدُوَّ وَنَستَسقي بهِ المَطرَا
- ما النّيلُ يَضْرِبُ بالعِبْرَينِ دارِئَهُ
- وَلا الفُرَاتُ إذا آذِيُّهُ زَخَرَا
- يَعْلُو أعَاليَ عَانَاتٍ بِمُلْتَطِمٍ،
- يُلْقي على سُورِها الزّيتونَ وَالعُشَرَا
- تَرَى الصَّرارِيَّ وَالأمَواجُ تَلِطمُهُ،
- لَوْ يَسْتَطِيعُ إلى بَرّيةٍ عَبَرَا
- إذا عَلَتْهُ ظِلالُ المَوْجِ وَاعْتَرَكَتْ
- بِوَاسِقَاتٍ تَرَى في مائِها كَدَرَا
- بِمُسْتَطِيعِ نَدَى بِشْرٍ عُبَابُهُمَا
- وَلَوْ أعانَهُمَا الزّابُ إذا انْحَدَرَا
- لَهُ يَدٌ يَغْلِبُ المُعْطِينَ نَائِلُهَا،
- إذا تَرَوّحَ للمَعْرُوفِ أوْ بَكَرَا
- تَغْدُو الرّيَاحُ فتُمسي وَهيَ فاتِرَةٌ،
- وَأنْتَ ذُو نَائِلٍ يُمْسِي وَما فَتَرَا
- تَرَى الرّجَالَ لبِشرٍ وَهْيَ خَاشِعَةٌ
- تَخاَشُعَ الطَّيْرِ للْبَازي إِذا انكدَرا.
- مِنْ فَوقِ مُرْتَقِبٍ باتتْ شامِيَةٌ
- تَلُفّهُ، وَسَمَاءٌ تَنْضحُ الدِّرَرَا
- حَتى غَدا لَحِماً من فَوْقِ رَابِيَةٍ،
- في لَيْلَةٍ كَفّتِ الأظفارَ وَالبَصَرَا
- إذا رَأتْهُ عِتَاقُ الطّيْرِ أوْ سَمِعَتْ
- مِنِ هَوِيّاً تَشَظّتْ تَبتغي الوَزَرَا
- أصْبَحَ بَعدَ اختلافِ النّاسِ بَيْنَهُمُ
- بِآلِ مَرْوَانَ دِينُ الله قَدْ ظَهَرَا
- مِنْهُمْ مَساعِرَةُ الشّهباءِ إذ خمدتْ
- وَالمُصْطَلوها إذا مَشْبوبُها استَعَرَا
- خَلِيفَةُ الله مِنْهُمْ في رَعِيّتِهِ،
- يَهْدِي بِهِ الله بَعْدَ الفِتْنَةِ البشرَا
- بهِ جَلا الفِتْنَةَ العَمياءَ فانكَشَفَتْ
- كَما جَلا الصّبحُ عَنهُ اللّيلَ فانسفَرَا
- لَوْ أنّني كنتُ ذا نَفسَينِ إنْ هَلَكَتْ
- إحداهُما كانَتِ الأخرَى لمنْ غَبَرَا
- إذاً لجِئْتُ على ما كانَ من وَجَلٍ،
- وَمَا وَجَدْتُ حِذاراً يغلِبُ القَدَرَا
- كُلُّ امْرِىءٍ آمِنٌ للخَوْفِ أمّنَهُ
- بِشرُ بنُ مَرْوَانَ وَالمَذعورُ من ذَعرَا
- فَرْعٌ تَفَرّعَ في الأعيَاصِ مَنْصِبُهُ،
- وَالعامِرَينِ لَهُ العِرْنينُ من مُضرَا
- مُعْتَصِبٌ بِرِدَاءِ المُلْكِ، يَتْبَعُهُ
- مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرّايَاتِ وَالقَتَرَا
- مِنْ كُلّ سَلْهَبَةٍ تَدْمى دَوَابِرُها
- مِنَ الوَجا وَفُحولٍ تَنفُضُ العُذَرَا
- وَالخَيلُ تُلقي عِتاقَ السَّخلِ مُعجَلةً
- لأياً تُبِينُ بِها التّحْجيلَ وَالغُرَرَا
- حَوّاً تُمَزِّقُ عَنْها الطّيْرُ أرْدِيَةً،
- كغِرْقىء البَيض كَنّتْ تحتَها الشَّعَرَا
- شَقَائِقاً مِنْ جِيَادٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ،
- كما شَقَقتُ من العُرْضِيّةِ الطُّرَرَا
- يُزَيِّنُ الأرْضَ بِشْرٌ أنْ يَسِيرَ بها،
- ولا يَشُدّ إلَيْهِ المُجْرِمُ النّظَرَا
المزيد...
العصور الأدبيه