الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> ومطروفة العينين قد قدت الصبا >>
قصائدالفرزدق
ومطروفة العينين قد قدت الصبا
الفرزدق
- وَمَطْرُوفَةِ العَيْنَينِ قد قُدْتُ الصِّبا،
- تُقادُ إلى أخْرَى لَذِيذٍ شَمِيمُهَا
- وَكَيْفَ بعَيْني وَالتي طُرِفَتْ بهَا
- لهَا حِينَ ألْقَاهَا يَمُوتُ سُجُومُهَا
- وَدَوّيّةٌ نَاءٍ مِنَ الخِمْسِ مَاؤهَا،
- تَقَمَّسُ في طَافي السّرَابِ أرُومُهَا
- وَلَيْلَةِ أسْرَابٍ نُزُولٍ مِنَ القَطَا
- يُثَارُ بِألِحْي المُرْقِلاتِ جُثُومُهَا
- أثرْتُ بِا جُونَ القَطا حِينَ عَسكرَتْ
- على الأرْضِ دَيّورٌ تَداعى خُصُومُهَا
- كأنّ حديثَ الدّارِجاتِ مِنَ القَطَا
- تَراطُنُ أنْبَاطٍ تَلاقَتْ ورُومُهَا
- بمُستَأنِسٍ بالقَفْرِ فَرْدٍ تَقاذَفَتْ
- على الأرْضِ دَيمُوماتُها وَحُزُومُهَا
- كأنّ رِجالَ الدّاعِرِيّةِ تَحْتَهَا،
- قِلاصُ نَعَامٍ يَنْتَحِيهَا ظَليمُهَا
- وَلَيْلَةِ لَيْلٍ لِلْمَهَارِي طَوِيلَةٍ،
- وَأيّامُهَا اللاتي طِوَالٌ حُسُومُهَا
- أقَمْتُ بهَا أعْنَاقَ غيدٍ، كَأنّها
- سُكَارَى تُفَدّى تَارَةً، وَتَلُومُهَا
- وَسَوْداءَ مِنْ لَيْلِ التَّمامِ اعتَسَفتُها
- إلى أنْ تَجَلّى عَنْ بَياضٍ هُدومُهَا
- كَأنّ بِها مَوصُولَتَينِ طَعَنْتُهَا
- بِأعْنَاقِ أطْلاحٍ دَوَامٍ كُلُومُهَا
- أقَمْتُ لَهَا أعْناقَ لازِقَةِ الذُّرَى،
- إلى أنْ تَجَلّى بِالبَيَاضِ بَهِيمُهَا
- وَمَا جُشّمَ الأظْهَارَ مِثلُ شِمِلّةٍ،
- وَحَامِلَةٍ للهَمّ مَاضٍ صَرِيمُهَا
- تَخَوّنَهَا تَهْجِيرُ كُلِّ وَدِيقَةٍ،
- إلى أنْ أتَتْ مُخَّ السُّلامَى شُحومُهَا
- وَهاجِرَةٍ كَلّفْتُ نَفْسِي وَنَاقَتي،
- من المُنضِجاتِ اللّحمِ نِيّاً سُمومُها
- فَهُنّ شِفَاءُ الهَمّ، إذْ جاءَ طارِقاً
- لَدَى البَدَوَاتِ المُسْمَهِرِّ عَزِيمُهَا
- وَحَمرَاءُ مِنْ لَيْلِ الشّتاءِ قَتلتُها
- منَ القَرّ، يَأبَى كَلبُها لا يُرِيحُهَا
- يَعَضّ عَلى النّارِ الّذينَ يَلُونَهَا،
- إذا كانَ ثَوْبَ الكلبِ منها جَحيمُهَا
- جَعلتُ لحَافَ القَرّ للمُبتَغي القِرَى،
- بضَرْبَةِ سَاقٍ قَدْ أُفِرَّ صَمِيمُهَا
- أنَخْنَا ثَلاثاً تَحتَ ضَامِنَةِ القِرَى،
- مِنَ الغَلْي يَسْمُو بالمَحالِ هَزِيمُهَا
- فَلَيْتَ أمِيرَ المُؤمِنينَ قدِ انْتَهَتْ
- إلَيهِ مِنَ الصُّهْبِ المَهارِي رَسِيمُهَا
- عَلَيها امرُؤٌ لا يَنقُضُ اللّيلُ عَزْمَهُ،
- وَلا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلاّ حَميمُهَا
- بِذِعْلِبَةٍ مَا مَسّ إلاّ مُنَاخُها
- لِنصْفِ صَلاةٍ، وَهيَ دامٍ رَثيمُهَا
- لهَا الأرْضُ إلاّ أرْبَعٌ ثِفنَاتُهَا،
- إذا اللّيْلَةُ السّوداءُ نَاداهُ بُومُهَا
- وَلا يَقْتُلُ اللّيْلَ المُبَيَّتَ هَمُّهُ
- مِنَ الصّهْبِ بالرُّكْبَانِ إلاّ كُتومُهَا
- وَلَيْلَةِ لَيْلٍ قَدْ حَمَلْتُ ثَقِيلَهَا
- عَلى رَحْلِ مِذْعانٍ بَطيءٍ سُؤومُها
- خَبَطْتُ بهَا الظَلماءَ، حتى أضَاءَهَا
- عَمُودُ ضِيَاءٍ بالبَيَاضِ يَضِيمُهَا
- وَلَيْلَةِ لَيْلٍ مُرْجَحِنٍّ ظَلامُهَا،
- سَوَاءٌ عَلَيْنَا طَلْقُهَا وَغُيُومُهَا
- كَأنّ بهَا الأيّامَ وَاللّيْلَ وُصِّلا
- وَظَلْمَاءَ مُسْوَدٌّ عَلَيْهَا بَهِيمُهَا
- إذا مَا رَجَوْنَا ضَوْءهَا اعتكَرَتْ لهَا
- شَآمِيّةُ الألْوَانِ ضَوْءٌ بَرِيمُهَا
- فَذلِكَ من لَيلِ الطِّوَالِ إذا التَقَتْ
- عَلَيْنَا بهِ ظَلْمَاؤهُ وَعُتُومُهَا
- إذا قُلْتُ للحُرّاسِ هَلْ لَيْلَتي دنتْ
- من الصّبْحِ أوْ كانَتْ جُنوحاً نجُومُهَا
- يَقُولُونَ: ما يَنْزِلْنَ إلاّ تَنَزُّلاً
- بَطِيئاً، وَمُسْوَدّاً عَلَيْنَا أدِيمُهَا
- فَلَيْتَ مَكَانَ الأرْبَعِينَ الّتي لهَا
- بِسَاقَيّ آثارٌ مُبِينٌ وَشُومُهَا
- أخا نَجْدَةٍ عندي أخُوهُ فجَعتُهُ
- بهِ، وَالمَنَايَا جَانِيَاتٌ حُتُومُهَا
- فَنَازَلَني بِالسَّيْفِ عَنْهُ وَدُونَهُ
- مع السيْفِ حِضْبُ الأرْضِ بادٍ شكيمُها
المزيد...
العصور الأدبيه