الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> وأطلس عسال وما كان صاحبا >>
قصائدالفرزدق
وأطلس عسال وما كان صاحبا
الفرزدق
- وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً،
- دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني
- فَلَمّا دَنَا قُلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني
- وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ
- فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْني وبَيْنَهُ،
- على ضَوْءِ نَارٍ، مَرّةً، وَدُخَانِ
- فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَكَشّرَ ضَاحِكاً
- وَقَائِمُ سَيْفي مِنْ يَدِي بمَكَانِ
- تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَني لا تَخُونُني،
- نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبانِ
- وَأنتَ امرُؤٌ، يا ذِئبُ، وَالغَدْرُ كُنتُما
- أُخَيّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ
- وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِرَى
- أتَاكَ بِسَهْمٍ أوْ شَبَاةِ سِنَانِ
- وَكُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ، وَإن هُما
- تَعاطَى القَنَا قَوْماهُما، أخَوَانِ
- فَهَلْ يَرْجِعَنّ الله نَفْساً تَشَعّبَتْ
- على أثَرِ الغادِينَ كُلَّ مَكَانِ
- فأصْبَحْتُ لا أدْرِي أأتْبَعُ ظَاعِناً،
- أمِ الشّوْقُ مِني للمُقِيمِ دَعَاني
- وَمَا مِنْهُمَا إلاّ تَوَلّى بِشِقّةٍ،
- مِنَ القَلْبِ، فالعَيْنَانِ تَبتَدِرَانِ
- ولَوْ سُئِلَتْ عَني النَّوَارُ وَقَوْمُهَا،
- إذاً لمْ تُوَارِ النّاجِذَ الشّفَتَانِ
- لَعَمْرِي لَقَدْ رَقّقْتِني قَبلَ رِقّتي،
- وَأشَعَلْتِ فيّ الشّيبَ قَبلَ زَمَاني
- وَأمْضَحتِ عِرْضِي في الحياةِ وَشِنتِهِ،
- وأوْقَدْتِ لي نَاراً بِكُلّ مَكَانِ
- فَلوْلا عَقَابِيلُ الفُؤادِ الّذِي بِهِ،
- لَقَدْ خَرَجَتْ ثِنْتَانِ تَزْدَحِمَانِ
- وَلَكِنْ نَسِيباً لا يَزالُ يَشُلُّني
- إلَيْكَ، كَأني مُغْلَقٌ بِرِهَانِ
- سَوَاءٌ قَرِينُ السَّوْءِ في سَرَعِ البِلى
- عَلى المَرْءِ، وَالعَصْرَانِ يَختَلِفَانِ
- تَمِيمٌ، إذا تَمّتْ عَلَيكَ، رَأيتَها
- كَلَيْلٍ وَبَحْرٍ حِينَ يَلْتَقِيَانِ
- همُ دونَ مَن أخشَى، وَإني لَدُونَهمْ،
- إذا نَبَحَ العَاوِي، يَدِي وَلِسَاني
- فَلا أنَا مُخْتَارُ الحَيَاةِ عَلَيْهِمُ
- وَهُمْ لَنْ يَبيعُوني لفَضْلِ رِهَاني
- مَتى يَقْذِفُوني في فَمِ الشّرّ يكفِهمْ،
- إذا أسْلَمَ الحَامي الذّمَارِ، مَكَاني
- فلا لامرِىءٍ بي حِينَ يُسنِدُ قَوْمَهُ
- إليّ، ولا بالأكْثَرِينَ يَدَانِ
- وَإنّا لَتَرْعَى الوَحْشُ آمِنَةً بِنَا،
- وَيَرْهَبُنا، أنْ نَغضَبَ، الثّقَلانِ
- فَضَلْنَا بِثِنْتَينِ المَعَاشِرَ كُلَّهُمْ:
- بِأعْظَمِ أحْلامٍ لَنَا وَجِفَانِ
- جِبالٌ إذا شَدّوا الحُبَى من وَرَائهم،
- وَجِنٌّ إذا طَارُوا بِكُلّ عِنَانِ
- وَخَرْقٍ كفَرْجِ الغَوْلِ يُخَرَسْ رَكْبُهُ
- مَخَافَةَ أعْدَاءٍ وَهَوْلِ جِنَانِ
- قَطَعْتُ بِخَرْقَاءِ اليَدَيْنِ، كأنّها،
- إذا اضْطَرَبَ النِّسعانِ، شاةُ إرَانِ
- وَماءُ سَدىً من آخرِ اللّيلِ أرْزَمَتْ
- لِعِرْفَانِهِ مِنْ آجِنٍ وَدِفَانِ
- وَدَارِ حِفَاظٍ قَدْ حَلَلْنا، وَغَيرُهَا
- أحَبُّ إلى التِّرْعِيّةِ الشّنآنِ
- نَزَلْنَا بِهَا، والثّغْرُ يُخشَى انْخَرَاقُه،
- بِشُعْثٍ على شُعْثٍ وَكُلِّ حِصَانِ
- نُهِينُ بِهَا النّيبَ السّمَانَ وَضَيْفُنَا
- بهَا مُكْرَمٌ في البَيْتِ غَيرُ مُهَانِ
- فَعَنْ مَنْ نُحامي بَعدَ كلّ مُدجَّجٍ
- كَرِيمٍ وَغَرَّاءِ الجَبِينِ حَصَانِ
- حَرَائِرُ أحْصَنّ البَنِينَ وَأحْصَنَتْ
- حُجُورٌ لهَا أدّتْ لِكُلّ هِجَانِ
- تَصَعّدْنَ في فَرْعَي تَمِيمٍ إلى العُلى
- كَبَيْضِ أداحٍ عَاتِقٍ وَعَوَانِ
- وَمِنّا الّذِي سَلّ السّيُوفَ وَشَامَها
- عَشِيّةَ بَابِ القَصْرِ مِنْ فَرَغَانِ
- عَشِيّةَ لمْ تَمْنَعْ بَنِيهَا قَبِيلَةٌ
- بِعِزٍّ عِرَاقيٍّ وَلا بِيَمَانِ
- عَشِيّةَ مَا وَدّ ابنُ غَرّاءَ أنّهُ
- لَهُ مِنْ سِوَانَا إذْ دَعَا أبَوَانِ
- عَشِيّةَ وَدّ النّاسُ أنّهُمُ لَنَا
- عَبِيدٌ، إذِ الجَمْعَانِ يَضْطَرِبانِ
- عَشِيّةَ لمْ تَسْتُرْ هَوَازِنُ عامِرٍ
- وَلا غَطَفَانٌ عَوْرَةَ ابنِ دُخَانِ
- رَأوْا جَبَلاً دَقَّ الجِبَالَ، إذا التَقتْ
- رُؤوسُ كَبِيرَيْهِنّ يَنْتَطِحَانِ
- رِجَالاً عَنِ الإسْلامِ إذ جاء جالَدوا
- ذَوِي النَّكْثِ حتى أوْدَحوا بهَوَانِ
- وَحتى سَعَى في سُورِ كُلّ مَدِينَةٍ
- مُنَادٍ يُنَادي، فَوْقَهَا، بِأذَانِ
- سَيَجْزِي وَكِيعاً بالجَماعَةِ إذْ دَعَا
- إلَيْهَا بِسَيْفٍ صَارِم وَسِنَانِ
- خَبيرٌ بِأعْمالِ الرّجالِ كما جَزَى
- بِبَدْرٍ وَباليَرْمُوكِ فَيْءَ جَنَان
- لَعَمرِي لنِعَمَ القَوْمُ قَوْمي، إذا دَعا
- أخُوهُمْ على جُلٍّ مِنَ الحَدَثَانِ
- إذا رَفَدُوا لمْ يَبْلُغِ النّاسُ رِفْدَهمْ
- لضَيْفِ عَبيطٍ، أوْ لضَيْفِ طِعَانِ
- فَإنْ تَبْلُهُمْ عَنّي تَجِدْني عَلَيْهِمُ
- كَعِزّةِ أبْنَاءٍ لَهُمْ وَبَنَانِ
المزيد...
العصور الأدبيه