الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> ما نحن إن جارت صدور ركابنا >>
قصائدالفرزدق
ما نحن إن جارت صدور ركابنا
الفرزدق
- ما نَحْنُ إنْ جارَتْ صُدُورُ رِكَابِنَا
- بِأوّل مَنْ غَرّتْ هدايَةُ عاصِمِ
- أرَادَ طَرِيقَ العُنصُلَينِ، فياسَرَتْ
- بهِ العِيسُ في نَائي الصُّوّى مُتَشائِمِ
- وَكَيْفَ يَضِلُّ العَنْبَرِيُّ بِبَلْدَةٍ
- بهَا قُطِعَتْ عَنْهُ سُيُورُ التّمَائِمِ
- وَلَوْ كانَ في غَيرِ الفَلاةِ وَجَدْتُهُ
- خَتُوعاً بِأعْنَاقِ الجِداءِ التّوَائِمِ
- وَكُنْتَ إذا كَلّفْتَ حاضِنَ ثَلّةٍ
- سُرَى اللّيلِ دَنّى عن فُرُوجِ المَحارِمِ
- رَأى اللّيْلَ ذا غَوْلٍ عَلَيْهِ ولَم تكنْ
- تُكَلّفُهُ المِعْزَى عِظَامَ المَجاشِمِ
- أنَخْنَا بِهَجْرٍ بَعْدَمَا وَقَد الحَصَى،
- وَذَابَ لُعابُ الشّمسِ فوْقَ العَمائِمِ
- ونَحْنُ بذي الأرْطَى يَقِيسُ ظِمَاؤنَا
- لَنَا بالحَصَى شِرْباً صَحيحَ المَقَاسِمِ
- فَلَمّا تَصَافَنّا الإداوَةَ أجْهَشَتْ
- إليّ غُصُونُ العَنْبَرِيّ الجُرَاضِمِ
- وَجَاءَ بِجُلْمُودٍ لَهُ مِثْلُ رَأسهِ
- لِيُسْقَى عَلَيْهِ المَاءَ بَينَ الصّرَائِمِ
- فضَاقَ عَنِ الأُثْفِيّةِ القَعبُ إذْ رمى
- بِهَا عَنْبَريٌّ مُفْطِرٌ غَيْرُ صَائِمِ
- وعلَمّا رَأيْتُ العَنْبَرِيّ كَأنّهُ،
- على الكِفلِ، خُرْآنُ الضّباعِ القَشاعمِ
- شَدَتُ له أزْرِي وَخَضْخضْتُ نُطفَةً
- لِصْدْيَانِ يُرْمى رَأسُهُ بِالسّمَائِمِ
- صَدي الجوْفِ يَهوِي مِسمعاهُ قد التظى
- عَلَيهِ لَظى يَوْمٍ من القَيظِ جَاحِمِ
- وَقُلتُ له: ارْفَعْ جِلدَ عَينَيكَ إنّما
- حَياتُكَ في الدّنْيَا وَجِيفُ الرّواسِمِ
- عَشيّةَ خمس القَوْم، إذْ كان منهمُ
- بَقَايَا الأداوِي كالنّفُوسِ الكَرَائِمِ
- فَآثرْتُهُ لَمّا رَأيْتُ الّذي بِهِ
- على القَوْمِ أخشَى لاحقاتِ المَلاوِمِ
- حِفاظاً وَلَوْ أنّ الإداوَة تُشْتَرَى،
- غَلَتْ فَوْقَ أثْمَانٍ عِظامِ المَغارِمِ
- على ساعَةٍ لَوْ كانَ في القَوْمِ حاتمٌ
- على جُودِهِ ضَنّتْ بِهِ نَفسُ حاتمِ
- رَأى صَاحبُ المِعَزى الذي في عُرَاقِها
- رَخِيصاً، ولَوْ أُعطي بها ألفَ رَائِمِ
- مِنَ الأمْعُزِ اللاّتي ورِثْتَ كِلابَهَا
- وَأرْبَاقَهَا، تَيْساً قَصِيرَ القَوَائِمِ
- فَكافَرَني إنْ لمْ أُغِثْهُ، وعلَوْ تَرَى
- مُناخي بهِ المِعزَى غَداةَ النّعائِمِ
- لَكُنّ شُهُوداً أنْ يُكَافِرَ نِعْمَتي
- بِعَطْفِ النَّقا إذْ عاصِمٌ غَيرُ قَائِمِ
- لأيْقَن أني قَدْ نَقَعْتُ فُؤادَهُ،
- بِشَرْبَةِ صَادٍ يَابِسِ الرّأسِ هَائِمِ
- وَكنّا كأصْحابِ ابنِ مامةَ إذْ سَقَى
- أخا النّمِرِ العَطشانَ يوْمَ الضَّجاعِمِ
- إذا قال كَعْبٌ قد رَوِيتَ ابنَ قاسِطٍ،
- يَقُولُ لَهُ زِدْني بِلالَ الحَلاقِمِ
- فَكُنْتُ كَكَعْبٍ غَيرَ أنّ مَنِيّتي
- تَأخَرَ عَنّي يَوْمُهَا بِالأخَارِمِ
- فَرُحْنا وَرِيقُ العَنْبَرِيّ كَأنّهُ
- بِأنْيَابِ ضَبْعَانٍ على الخُرْءِ آزِمِ
- وَكُنتُ أُرَجّي الشكرَ مِنهُ إذا أتى
- ذَوِي الشّأمِ من أهلِ الحُفَيرِ وَرَاسِمِ
- تَمَنّى هِجائي العَنْبَرِيُّ، وَخِلْتُني
- شَدِيداً شَكِيمي عُرْضَةً للمُرَاجِمِ
- ولَوْ كان من أهلِ القُرَى ما أثَابَني
- على الرّمْيِ أقْوَالَ اللّئِيمِ المُخاصِمِ
- إذا اخضَرّ عَيشومُ الجِفارِ وَأُرْسِلَتْ
- عَلَيْهِنّ أنْوَاءُ الرّبِيعِ المَرَازِمِ
- فَأيِّهْ بهِمْ شَهْرَينِ أنَّى دَعَوْتَهُمْ
- أجَابُوا على مَرْقُومَةٍ بالقَوَائِمِ
- طِرَازَ بِلادٍ عَن عُرَيْجِ بنِ جَندبٍ
- وَعن حيّ جُنجودٍ حمارِ القَصَائِمِ
- تَرَى كُلَّ جَعْرٍ عَنْبَرِيّ خبَاؤهُ،
- ثُمَامٌ وَعَيْشُومٌ قِصَارُ الدّعائِمِ
- ألَسْتُمْ بِأصَحابي وَكانَ ابنُ عامرٍ
- ضَلَلْتُمْ بِهِ فَلْجَ المِيَاهِ العيَالِمِ
- غَداةَ بَكَى مَغْرَاءُ لمّا تَسَافَدَتْ
- بمغْرَاءَ بِالحَيْرَانِ أحْلامُ نَائِمِ
- وَلا يُدْلِجُ المَوْلى إذا اللّيلُ أسدَفَتْ
- عَلَيْهِ دُجَى أثْبَاجِهِ المُتَرَاكِمِ
- تُنِيخُ المَوَالي حِينَ تَغْشَى عُيُونُهُمْ
- كَأشْبَاهِ أوْلادِ الغَطاطِ التّوَائِمِ
- وَلَوْ كان صَفْرَاء الثّرِيدِ وَجَدْتَهُمْ
- هُداةً بِأفْوَاهٍ غِلاظِ اللّهَازِمِ
- إذا مَا تَلاقَى ابْنَا مُفَدّاةَ عُفّرَتْ
- أُنُوفُ بَني الجَعْرَاءِ تحتَ المَناسِمِ
- وَمَا كانَتِ الجَعْرَاءُ إلاّ وَلِيدَةً،
- وَرِثْنَا أبَاهَا عن تَمييمِ بنِ دارِمِ
- إذا ما اجتَمَعْنَا حَكّمُوا في رِقابهِمْ
- أللعِتْقِ أدْنَى أمْ هُمُ للمَقاسِمِ
- قُعُودٌ بِأبْوَابِ الزُّرُوبِ، وَلا تَرَى
- لهُمْ شَاهِداً عِنْدَ الأمُورِ العَظائِمِ
- ولَمْ تَعْتِقِ الجَعْرَاءُ مِني وَمَا بهَا
- فِرَاقٌ ولَوْ أغْضَتْ على ألْفِ رَاغمِ
- بِهمْ كَانَ أوَصَاني إبي أنْ أضُمّهُمْ
- إليّ وَأنْهَى عَنْهُمُ كُلَّ ظَالِمِ
- إذا مَا بَنُو الجَعْرَاءِ لَفّوا رُؤوسَهم
- بَدا لُؤمُهُمْ بَينَ اللّحى والعَمائِمِ
المزيد...
العصور الأدبيه