الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> ليبك على الحجاج من كان باكيا >>
قصائدالفرزدق
ليبك على الحجاج من كان باكيا
الفرزدق
- لِيَبْكِ على الحَجّاجِ مَنْ كانَ باكياً
- على الدِّينِ أوْ شارٍ على الثّغْرِ وَاقِفِ
- وَأيْتامُ سَوْداءِ الذّراعَينِ لمْ يَدَعْ
- لها الدّهرُ مالاً بالسّنِينَ الجَوَالِفِ
- وما ذَرَفَتْ عَيْنانِ بَعْدَ مُحَمّدٍ
- عَلى مِثْلِهِ، إلاّ نُفُوسَ الخَلائِفِ
- وَما ضُمّنَتْ أرْضٌ فتحملَ مِثْلَهُ،
- وَلا خُطّ يُنْعى في بُطونِ الصّحائِفِ
- لحَزْمٍ وَلا تَنكِيلِ عِفْرِيتِ فِتْنَةٍ،
- إذا اكتَحَلَتْ أنيابُ جَرْباءَ شارِفِ
- فَلمْ أرَ يَوْماً كانَ أنْكَى رَزِيّةً،
- وَأكْثَرَ لَطّاً للعُيُونِ الذّوَارِفِ
- مِنَ اليَوْمِ للحَجّاجِ لمّا غَدَوْا بِهِ،
- وَقد كانَ يَحمي مُضْلِعاتِ المَكالِفِ
- وَمُهْمِلَةٍ لَمّا أتَاهَا نَعِيُّهُ،
- أرَاحَتْ عَلَيها مَهمَلاتِ التّنايِفِ
- فَقالَتْ لعَبْدَيْها: أرِيحا! فَعَقِّلا،
- فَقدَ ماتَ راعي ذُوْدِنا بالطّراَيِفِ
- وَماتَ الّذي يَرْعَى على النّاسِ دِينَهم،
- وَيَضرِبُ بالهِندّي رَأسَ المخالِفِ
- فَلَيْتَ الأكُفّ الدّافِناتِ ابنَ يوسف
- تَقطّعَن إذْ يَحْثِينَ فَوْقَ السّقايِفِ
- وَكَيْفَ، وَأنْتُمْ. تَنظُرُونَ، رَمَيتُم
- بِهِ بَينَ جَوْلَيْ هَوّةٍ في اللّفَايِفِ
- ألمْ تَعْلَمُوا أنّ الّذِي تَدْفنُونَهُ
- بِهِ كانَ يُرْعَى قاصِياتُ الزّعانِفِ
- وَكانَتْ ظُباتُ المَشرَفِيّةِ قَدْ شَفَى
- بها الدِّين والأضْغانَ ذاتَ الخَوَالِفِ
- ولَمْ يَكُ دُونَ الحُكْمِ مالٌ وَلم تكن
- قُواهُ مِنَ المُستَرْخِياتِ الضّعايِفِ
- وَلكِنّها شَزْراً أُمرّتْ، فأُحكمَتْ
- إلى عُقَدٍ تُلْوَى وَرَاءَ السّوَالِفِ
- يَقُولُونَ لَمّا أنْ أتَاهُمْ نَعيُّهُ،
- وَهم من وَرَاءِ النهرِ جَيشُ الرّوَادِفِ
- شَقِينا وَماتَتْ قُوّةُ الجَيشِ وَالّذِي
- بِهِ تُرْبَطُ الأحْشاءُ عِنْدَ المَخاوِفِ
- فإنْ يكُنِ الحَجّاجُ ماتَ فلَمْ تَمُتْ
- قُرُومُ أبي العاصِي الكِراَمِ الغَطارِفِ
- ولَمْ يَعدَموا مِنْ آلِ مَرْوَانَ حَيّةً
- تَمامَ بُدُورٍ، وَجْهُهُ غَيرُ كاسِفِ
- لَهُ أشْرَقَتْ أرْضُ العِرَاقِ لِنُورِهِ،
- وَأُومِنَ، إلاّ ذَنْبَهُ، كُلُّ خائِفِ
المزيد...
العصور الأدبيه