الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> كيف ببيت قريب منك مطلبه >>
قصائدالفرزدق
كيف ببيت قريب منك مطلبه
الفرزدق
- كَيْفَ بِبَيْتٍ قَرِيبٍ مِنْكَ مَطلَبُهُ
- في ذاكَ مِنكَ كنائي الدّارِ مَهجُورِ
- دَسّتْ إليّ بِأنّ القَوْمَ إنْ قَدَرُوا
- عَلَيْكَ يَشفُوا صُدوراً ذاتَ توْغيرِ
- إلَيْكَ مِنْ نَفَقِ الدَّهْنَا وَمَعْقُلَةٍ
- خاضَتْ بِنا اللّيلَ أمثالُ القَراقِيرِ
- مُسْتَقْبِلينَ شَمالَ الشّأمِ تَضْرِبُنا
- بحاصِبٍ كنَديفِ القُطنِ مَنْثُورِ
- عَلى عمائِمنَا يُلْقَى وَأرْحُلِنَا،
- عَلى زَوَاحِفَ نُزْجِيها مَحَاسِيرِ
- إني وَإيّاكِ إنْ بَلّغْنَ أرْحُلَنَا،
- كمَن بَوَاديهِ بعَدَ المَحلِ ممطُورِ
- وفي يمينِكَ سَيْفُ الله قَدْ نُصِرَتْ
- عَلى العَدُوّ، وَرِزْقٌ غَيْرُ مَحْظُورِ
- وَقَدْ بَسَطْتَ يَداً بَيْضَاءَ طَيّبَةً
- للنّاسِ مِنكَ بفَيْضٍ غَيرِ مَنزُورِ
- يا خَيْرَ حَيٍّ وَقَتْ نَعْلٌ لَهُ قَدَماً،
- وَمَيّتٍ، بَعْدَ رُسْلِ الله، مَقْبُورِ
- إني حَلَفْتُ، ولَمْ أحْلِفْ على فَنَدٍ،
- فِنَاءَ بَيْتٍ مِنَ السّاعينَ مَعمُورِ
- في أكْبَرِ الحَجّ حافٍ غَيرَ مُنْتَعِلٍ
- مِنْ حَالِفٍ مُحرِمٍ بالحَجّ مَصْبورِ
- بالباعِثِ الوَارِثِ الأمْوَاتِ قَد ضَمِنتْ
- إيّاهُمُ الأرْضَ بالدّهرِ الدّهارِيرِ
- إذا يَثُورُونَ أفْوَاجاً كَأنّهُمُ
- جَرَادُ رِيحٍ من الأجداثِ مَنشورِ
- لَوْ لَمْ يُبَشِّرْ بِهِ عِيسَى وَبَيَّنَهُ،
- كُنْتَ النّبيَّ الّذي يَدعُو إلى النُّور
- فأنْتَ، إذْ لَمْ تَكُنْ إيّاهُ، صَاحبُهُ
- مَعَ الشّهِيدَينِ وَالصِّدِّيقُ في السُّورِ
- في غُرَفِ الجَنّةِ العُلْيَا التي جُعِلَتْ
- لَهُمْ هُناكَ بِسَعْيٍ كانَ مَشكُورِ
- صَلّى صُهَيْبٌ ثَلاثاً ثُمّ أنْزَلَهَا
- على ابنِ عَفّانَ مُلْكاً غَيرَ مَقصُورِ
- وَصِيّةً مِنْ أبي حَفْصٍ لِسِتّتِهمْ
- كَانُوا أحِبّاءَ مَهْدِيٍّ وَمَأمُورِ
- مُهَاجِرِينَ رَأوْا عُثْمَانَ أقْرَبَهُمْ
- إذْ بَايَعُوهُ لهَا وَالبَيْتِ والطُّورِ
- فَلَنْ تَزَالَ لَكُمْ، وَالله أثْبَتَهَا
- فيكُمْ، إلى نَفخَةِ الرّحمَنِ في الصُّورِ
- إني أقُولُ لأصْحَابي، وَدُونَهُمُ
- مِنَ السّمَاوَةِ خَرْقٌ خاشعُ القُورِ:
- سيرُوا، ولاَ تَحْفِلُوا إتْعابَ رَاحِلَةٍ،
- إلى إمَامٍ بِسَيْفِ الله مَنْصُورِ
- إني أتَاني كِتَابٌ كُنْتُ تَابِعَهُ
- إليّ مِنْكَ، وَلَمْ أُقْبِلْ مَعَ العِيرِ
- ما حَمَلَتْ نَاقَةٌ مِنْ سُوقَةٍ رَجُلاً
- مِثْلي، إذا الرّيحُ لَفّتْني على الكُورِ
- أكْرَمُ قَوْماً وَأوْفَى عِنْدَ مُضْلِعَةٍ
- لمُثْقَلٍ مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ مَبْهُورِ
- إلاّ قُرَيْشاً، فَإنّ الله فَضّلَهَا
- معَ النّبُوّةِ بالإسْلامِ وَالخِيرِ
- مِنْ آلِ حَرْبٍ، وَفي الأعياصِ مَنزِلهم،
- هُمْ وَرّثُوكَ بِنَاءً عَاليَ السُّورِ
- حَرْبٌ وَمَرْوَانُ جدّاكَ اللّذا لَهُمَا
- مِنَ الرّوَابي عَظِيمَاتُ الجَمَاهيرِ
- تَرَى وُجُوهَ بَني مَرْوَانَ تَحْسِبُهَا،
- عِنْدَ اللّقاءِ، مَشُوفاتِ الدّنانيرِ
- الضّارِبينَ على حَقٍّ، إذا ضَرَبُوا
- يَوْمَ اللّقَاءِ، وَلَيْسُوا بالعَوَاوِيرِ
- غَلَبْتُمُ النّاسَ بالحَقّ الّذي لَكُمُ
- عَلَيْهِمُ وَبِضَرْبٍ غيرِ تَعْذِيرِ
- إنّ الرّسُولَ قَضَاهُ الله رَحْمَتَهُ
- للنّاسِ، وَالنّاسُ في ظَلْماءَ دَيجُورِ
- لَقَدْ عَجِبْتُ مِنَ الأزْديّ جَاءَ بِهِ
- يَقُودُهُ للمَنَايَا حَيْنُ مَغْرُورِ
- حَتى رَآهُ عِبَادُ الله في دَقَلٍ
- مُنَكَّساً، وَهْوَ، مَقْرُونٌ بخِنْزِيرِ
- لَلسُّفْنُ أهْوَنُ بَأساً إذْ تُقَوِّدُهَا
- في المَاءِ مَطْلِيَّةَ الألْوَاحِ بِالْقِيرِ
- وَهُمْ قِيَامٌ بِأيْدِيهِمْ مَجَادِفُهُمْ
- مُنَطَّقِينَ عُرَاةً في الدَّقَارِيرِ
- حتى رَأَوْا لأبي العَاصِي مُسَوَّمَةً،
- تَعْدُو كَرَادِيسَ بالشُّمّ المَغَاوِيرِ
- مِنْ حَرْبِ آلِ أبي العاصِي إذا غضِبوا
- بِكلّ أبْيَضَ كالمِخْرَاقِ مأثُورِ
- اخْسَأْ كُلَيْبُ، فإنّ الله أنْزَلَكُمْ
- قِدْماً مَنَازِلَ إذْلالٍ وَتَصْغِيرِ
المزيد...
العصور الأدبيه