الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> رأيت بني مروان يرفع ملكهم >>
قصائدالفرزدق
رأيت بني مروان يرفع ملكهم
الفرزدق
- رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ يَرْفَعُ مُلْكَهُمْ
- مُلُوكٌ شَبابٌ، كالأسُودِ، وَشِيبُها
- بِهِمْ جَمَعَ الله الصّلاةَ فَأصْبَحَتْ
- قد اجتَمَعتْ بعدَ اختلافٍ شُعوبُها
- وَمَنْ وَرِثَ العُودَينِ وَالخاتَمَ الّذي
- لَهُ المُلكُ وَالأرْضُ الفَضَاءُ رَحيبُها
- وكانَ لَهُمْ حَبلٌ قَدِ استكرَبوا بِهِ
- عَرَاقيَ دَلْوٍ كانَ فاضَ ذَنُوبُها
- على الأرْضِ من يَنهَزْ بها من ملوكِهمْ
- يَفِضْ كالفَراتِ الجَوْنِ عفواً قليبُها
- تُرَدّدُني بَينَ المَدِينَةِ وَالّتي
- إلَيْها قُلُوبُ النّاسِ يَهْوِي مُنيبُها
- هي القَرْيَةُ الأولى التي كُلُّ قَرْيَةٍ
- لهَا وَلَدٌ يَنْمي إلَيْها مُجيبُها
- هُدُوءاً رِكابي لا تَزَالُ نَجيبَة،
- إلى رَجُلٍ مُلْقىً، تَحِنّ سُلُوبُها
- وَلمْ يَلْقَ ما لاقَيْتَ إلاّ صَحَابَتي،
- وَإلاّ رِكَابٌ لا يُرَاحُ لُغُوبُها
- أتَتْكَ بِقَوْمٍ لمْ يَدَعْ سَارِحاً لَهُمْ
- تَتابُعُ أعْوامٍ ألَحّتْ جُدُوبُها
- وَخَوْقَاءِ أرْضٍ مِنْ بَعيِدٍ رَمَتْ بنا
- إليكَ مع الصُّهبِ المهارِي سُهُوبُها
- بِمْتّخذينَ اللّيْلَ فَوْقَ رِحَالِهمْ
- بها جَبَلاً قَد كانَ مَشْياً خَبيبُها
- إلَيْكَ بِأنْضَاءٍ عَلى كُلّ نِضْوَةٍ
- نَجيبَتُها قَدْ أُدْرِجَتْ وَنَجيبُها
- رأيتُ عُرَى الأحقابِ والغُرَضَ التقتْ
- إلى فُلْفُلِ الأَطْبَاءِ مِنها دُؤوبُها
- كَأنّ الخَلايَا فَوْقَ كُلّ ضَرِيرَةٍ
- تُخَطِّمُهُ في دَوْسَرِ المَاءِ نِيبُها
- أقُولُ لأصْحَابي وَقَدْ صَدقَتْهُمُ،
- مِنَ الأنْفُسِ اللاتي جَزِعن كَذوبُها
- عَسَى بيَدَيْ خَيرِ البَرِيّةِ تَنْجَلي
- مِنَ الَّلزَبَاتِ الغُبْرِ عَنّا خُطوبُها
- إذا ذُكّرَتْ نفسي ابنَ مرْوَان صَاحبي
- ومَرْوَانَ فاضَتْ ماءَ عَيني غُرُوبُها
- هُمَا مَنَعاني، إذْ فَرَرْتُ إلَيْهِمَا،
- كَما مَنَعَتْ أرْوَى الهِضَابِ لُهُوبُها
- فما رِمْتُ حتى ماتَ مَنْ كنتُ خائفاً،
- وَطُومن مِن نفسِ الفَرُوقِ وَجيبُها
- وَهَلْ دَعْوَتي من بَعد مرْوَانَ وَابْنِهِ
- لَها أحَدٌ، إذْ فَارَقَاها، يُجِيبُها
- وَكُنتُ إذا ما خِفْتُ أوْ كُنتُ رَاغِباً
- كَفاني مِنْ أيْديهِما لي رَغِيبُها
- بِأخْلاقِ أيْدِي المُطْعَمِينَ إذا الصبَّا
- تَصَبّبَ قُرّاً غَيرَ مَاءٍ صَبِيبُها
- رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ إذْ شُقّتِ العَصَا
- وَهَرّ مِنَ الحَرْبِ العَوَانِ كَليبُها
- شَفَوْا ثائرَ المَظلومِ وَاستَمسكَتْ بِهم
- أكُفُّ رِجالٍ رُدّ قَسْراً شَغُوبُها
- وَرِثْتَ، إلى أخلاقِهِ، عَاجِلَ القِرَى،
- وَضَرْبَ عَرَاقيبِ المتالي شَبُوبُها
- رَأيْتَ بَني مَرْوَانَ ثَبّتَ مُلْكَهُمْ
- مَشُورَةُ حَقٍّ كانَ مِنْها قَرِيبُها
- جَزى الله خَيراً مِنْ خَليفَةِ أُمّةٍ،
- إذا الرّيحُ هَبّتْ بَعد نَوْءٍ جَنوبُها
- كَفَى أُمّةَ الأمّيّ كُلَّ مُلِحّةٍ
- منَ الدّهرِ مَحذورٍ عَلَينا شَصِيبُها
- عَستْ هَذِه الَّلأْواءُ تَطْرُدُ كَرْبَها
- عَلَيْنَا سَماءٌ مِنْ هِشَامٍ تُصيبُهاَ
- كَما كانَ أرْوَى إذْ أتَاهُمْ بِأهْلِهِ
- حُطَيئَةُ عَبْسٍ من قُرَيْعٍ ذَنُوبُها
- فهَبْ لي سَجلاً من سجالك يُرْوِني
- وَأهْلي إذا الأوْرَادُ طالَ لُؤوبُها
- وكَمْ أنعَمْتْ كَفّا هِشامٍ على امرِىءٍ
- لَهُ نِعْمَة خَضْرَاء ما يَسْتَثيبُها
المزيد...
العصور الأدبيه