الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> بني نهشل أبقوا عليكم ولم تروا >>
قصائدالفرزدق
بني نهشل أبقوا عليكم ولم تروا
الفرزدق
- بَني نَهشَلٍ أبْقُوا عَلَيكُمْ وَلمْ تَرَوْا
- سَوَابِقَ حَامٍ للذِّمَارِ مُشَهَّرِ
- كَرِيمٍ تَشَكّى قَوْمُهُ مُسْرِعَاتِهِ،
- وَأعْداؤهُ مُصْغُونَ للمْتَسَوِّرِ
- ألانَ، إذا هَرَّتْ مَعَدٌّ عُلالَتي،
- وَنَابَيْ دَمُوعٍ للمُدِلِّينَ مُصْحِرِ
- بَني نَهْشَلٍ لا تَحْمِلُوني عَلَيكُمُ
- عَلى دَبِرٍ، أنْدَابُهُ لَمْ تَقَشَّرِ
- وَإنّا وَإيّاكُمْ جَرَيْنَا، فَأيُّنَا
- تَقَلّدَ حَبْلَ المُبْطِىءِ المُتَأخِّرِ
- وَلَوْ كَانَ حَرّيُّ بنُ ضَمْرَةَ فِيكُمُ
- لَقالَ لَكُمْ لَسْتُمْ عَلى المُتَخَيَّرِ
- عَشِيّةَ خَلّى عَن رَقاشِ وَجَلّحَتْ
- بِهِ سَوْحَقٌ كَالطّائِرِ المُتَمَطِّرِ
- يُفَدّي عُلالاتِ العِبَايَةِ، إذْ دَنَا
- لَهُ فارِسُ المدْعاسِ غَيرُ المُغَمِّرِ
- وَأيْقَنَ أنّ الخَيْلَ إنْ تَلْتَبِسْ بِهِ
- يَقِظْ عانِياً أوْ جِيفَةً بَينَ أنْسُرِ
- وَما تَرَكَتْ مِنكُمْ رِماحُ مُجاشِعٍ
- وَفُرْسانُها إلاّ أكُولَةَ مَنْسِرِ
- عَشِيّةَ رَوّحْنا عَلَيْكُمُ خَنَاذِذاً
- مِن الخَيْلِ، إذْ أنْتمْ قَعودٌ بقَرْقرِ
- أبَا معْقِلٍ لَوْلا حَوَاجِزُ بَيْنَنَا،
- وَقُرْبَى ذَكَرْنَاها لآلِ المُجَبِّرِ
- إذاً لَرَكِبْنَا العامَ حَدَّ ظُهُورِهِمْ،
- عَلى وَقَرٍ أنْدابُهُ لَمْ تَغَفَّرِ
- فَمَا بكَ مِنْ هذا وَقَدْ كُنتَ تَجتَني
- جَنى شَجرٍ مُر العَواقِبِ مُمْقِرِ
- وَهُمْ بَينَ بَيْتِ الأكْثَرِينَ مُجاشَعٍ
- وَسَلمى وَرِبْعيِّ بنِ سَلمى وَمُنْذِرِ
- وَلَستُ بهاجٍ جَنْدَلاً، إنّ جَندَلاً
- بَنُونَا وَهُمْ أوْلادُ سَلمى المُجَبِّرِ
- وَلا جَابِراً، وَالحَيْنُ يُورِدُ أهْلَهُ
- مَوَارِدَ أحْياناً إلى غَيْرِ مَصْدَرِ
- وَلا التّوْأمَيْنِ المَانِعَيْنِ حِمَاهُما،
- إذا كانَ يَوْمٌ ذُو عَجاجٍ مَثَوَّرِ
- أنا ابنُ عِقالٍ وَابنُ لَيْلى وَغَالِبٍ،
- وَفَكّاكِ أغْلالِ الأسِيرِ المُكَفَّرِ
- وَكانَ لَنا شَيْخَانِ ذُو القَبْرِ مِنهما
- وَشَيْخٌ أجارَ النّاسَ من كلّ مَقْبَرِ
- على حينَ لا تُحيا البَناتُ، وَإذْ هُمُ
- عُكوفٌ على الأنصَابِ حوْلَ المُدوَّرِ
- أنَا ابنُ الّذِي رَدّ المَنِيّةَ فَضْلُهُ،
- وَما حَسَبٌ دافَعتُ عَنهُ بمُعْوِرِ
- أبي أحَدُ الغَيْثَينِ صَعْصَعةُ الّذِي،
- متى تُخِلفِ الجَوْزَاءُ وَالنّجمُ يُمطِرِ
- أجارَ بَناتِ الوَائِدِينَ وَمَنْ يُجِرْ
- عَلى الفَقْرِ يَعْلَمْ أنّهُ غَيرُ مُخَفَرِ
- وَفارِقِ لَيْلٍ مِنْ نِسَاءٍ أتَتْ أبي
- تُعالِجُ رِيحاً لَيْلُها غَيرُ مُقْمِرِ
- فقالَتْ: أجِرْ لي ما وَلَدْتُ، فإنّني
- أتَيْتُكَ مِنْ هَزْلى الحَمولَةِ مُقتِرِ
- هِجَفٍّ من العَثْوِ الرّؤوسِ إذا ضَغَتْ
- لَهُ ابنَةُ عامٍ يَحطِمُ العَظمَ مُنكَرِ
- رَأى الأرْضَ مِنها رَاحَةً فَرَمَى بهَا
- إلى خُددٍ مِنْها، وَفي شَرّ مَحْفِرِ
- فَقالَ لهَا: نامي، فإني بِذِمّتي،
- لِبِنْتِكَ جَارٌ مِنْ أبِيهَا القَنَوَّرِ
- فَما كانَ ذَنْبي أنْ جَنابٌ سَمَا بِهِ
- حِفاظٌ، وَشَيطانٌ بَطيءُ التّعَذّرِ
- وَمَسجونَةٍ قَالَتْ، وَقد سَدّ زَوْجُها
- عليها خَصَاصَ البَيتِ من كلّ منظرِ:
- لَعَمرِي لَقَدْ أرْوَى جَنابٌ لِقاحَهُ
- وَأنْهَلَ في لَزْنٍ مِنَ المَاءِ مُنْكَرِ
- فإنّكَ قَدْ أشْبَعْتَ أبْرَامَ نَهْشَلٍ،
- وَأبْرَزْتَ مِنهُمْ كلَّ عَذرَاءَ مُعصِرِ
- ولَوْ كُنتَ حُرّاً ما طَعِمتَ لحُومها،
- وَلا قُمتَ عند الفَرْثِ يا ابن المُجشَّرِ
- ألَمْ تَعْلَمَا يا ابنَ المُجَثَّر أنّها
- إلى السّيْفِ تُستَبكى إذا لمْ تُعَقَّرِ
- مَناعِيشُ للمَوْلى مَرائِيبُ للثأى،
- مَعاقِيرُ في يَوْمِ الشّتَاءِ المُذَكَّرِ
- وَما جَبَرَتْ إلاّ عَلى عَتَبٍ بِهَا
- عَرَاقِيبُها، مُذ عُقّرَتْ يوْمَ صَوأرِ
- وَإنّ لهَا بَينَ المِقَزَّينِ ذائِداً،
- وَسَيْفَ عِقالٍ في يَدَيْ غيرِ جَيْدَرِ
- إذا رُوّحَتْ يَوْماً عَلَيْهِ رَأيْتَهَا
- بُرُوكاً، مَتاليها عَلى كُلّ مَجْزَرِ
- وَكائِنْ لها من مَحبِسٍ أُنْهِبَتْ بِهِ
- بجَمْعٍ، وَبالبَطْحَاءِ عَنْدَ المُشَعَّرِ
- وَما إبِلٌ أدْعَى إلى فَرْعِ قَوْمِهَا،
- وَخَيْرٌ قِرىً للطّارِقِ المُتَنَوِّرِ
- وَأعرَفَ بالمَعُروفِ منها إذا التَقَتْ،
- عَصَائِبُ شَتى بِالمَقَامِ المُطَهَّرِ
- وَمَا أُفُقٌ إلاّ بِهِ مِنْ حَدِيثِهَا،
- لها أثَرٌ يَنْمى إلى كلِّ مَفْخَرِ
المزيد...
العصور الأدبيه