الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> أعيني إلا تسعداني ألمكما >>
قصائدالفرزدق
أعيني إلا تسعداني ألمكما
الفرزدق
- أعَيْنَيَّ إلاّ تُسْعَداني ألُمْكُمَا،
- فَما بَعدَ بِشرٍ من عَزَاءٍ وَلا صَبرِ
- وَقَلّ جَدَاءً عَبْرَةٌ تَسْفَحَانِهَا،
- على أنّهَا تَشفي الحرَارَةَ في الصّدرِ
- ولَوْ أنّ قَوْماً قاتَلُوا المَوْتَ قَبْلَنَا
- بشَيْءٍ، لَقَاتَلْنَا المَنِيّةَ عَن بِشْرِ
- وَلَكِنْ فُجِعْنَا، والرّزِيئَةُ مِثْلُهُ،
- بِأبْيَضَ مَيْمُونِ النّقيبَةِ وَالأمْرِ
- عَلى مَلِكٍ كادَ النّجومُ لِفَقْدِهِ
- يَقَعْنَ، وَزَالَ الرّاسِيَاتُ من الصّخرِ
- ألَمْ تَرَ أنّ الأرْضَ هُدّتْ جبالُهَا،
- وَأنّ نجُومَ اللّيلِ بعَدَكَ لا تَسرِي
- وَمَا أحَدٌ ذُو فَاقَةٍ كَانَ مِثْلَنَا
- إلَيْهِ، وَلَكِنْ لا بَقِيّةَ للدّهْرِ
- فإنْ لا تَكُنْ هِنْدٌ بكَتهُ، فقد بكتْ
- عَلَيْهِ الثُّرَيّا في كَوَاكِبِها الزُّهْرِ
- أغَرُّ، أبُو العاصي أبُوهُ، كَأنّمَا
- تَفَرّجَتِ الأثْوَابُ عَنْ قمَرٍ بَدْرِ
- نمَتْهُ الرّوَابي مِنْ قُرَيْشٍ، وَلمْ تكُنْ
- لَهُ ذاتُ قُرْبَى في كُلَيْبٍ وَلا صِهرِ
- سَيَأتي أمِيرَ المُؤمِنِينَ نَعِيُّهُ،
- وَيَنْمي إلى عَبْدِ العَزِيزِ إلى مِصْرِ
- بأنّ أبَا مَرْوَانَ بِشْراً أخَاكُمَا
- ثَوى غَيْرَ مَتْبُوعٍ بَعَجْزٍ وَلا غَدرِ
- وَقَد كانَ حَيّاتُ العِرَاقِ يَخَفْنَهُ،
- وَحَيّاتُ مَا بَينَ اليَمَامَةِ وَالقَهْرِ
- وَقَدْ أُوِثَرتْ أرْضٌ عَلَينا تَضَمّنَتْ
- رَبيعَ اليَتَامَى وَالمُقِيمَ عَلى الثَّغْرِ
- وَكانَتْ يَدا بِشْرٍ يَدٌ تُمطِرُ النّدى
- وَأُخْرَى تُقيمَ الدِّينَ قَسراً على قَسرِ
- أقُولُ لِمَحْبُوكِ السَّرَاةِ، كَأنّهُ
- منَ الخَيْلِ مَجنونُ الإطاقةِ والحُضرِ
- أغَرَّ صَرِيحيٍّ أبُوهُ وَأُمُّهُ،
- طَوِيلٍ أمَرّتْهُ الجِيادُ عَلى شَزْرِ:
- أتَصْهِلُ عِنْدِي بَعْدَ بِشْرٍ وَلم تذُق
- ذُكُورَةَ قَطّاعِ الضّرِيبَةِ ذي أثْرِ
- غَضِبْتُ، وَلمْ أمْلِكْ لِبشْرٍ، بصَارِمٍ
- عَلى فَرَسِي عِنْدَ الجنازَةِ وَالقَبْرِ
- حَلَفْتُ لَهُ لا يَتْبَعُ الخَيْلَ بَعدها
- صَحيحُ الشَّوَى حتى يكوسَ من العَقرِ
- ألَسْتُ شَحيحاً إنْ رَكِبتُكَ بَعدَهُ
- ليَوْمِ رِهَانٍ أوْ غَدَوْتَ مَعي تجرِي
- وَكُنّا بِبِشْرٍ قَدْ أمِنّا عَدُوَّنَا
- من الخَوْفِ، وَاستغنى الفقيرُ عن الفَقرِ
المزيد...
العصور الأدبيه