الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ،
- وجبالاً تمرّ مرّ السحابِ
- إنّ في ذلكَ، اعتباراً وذكرى ،
- يَتَوَعّى بها ذَوو الألبابِ
- قلْ لصادي الآمالِ لا تردِ العيـ
- ـشَ، فإنّ الحياة َ لمعُ سرابِ
- أينَ رَبّ السّريرِ والجيزَة ِ البَيْـ
- ـضاء ذاتِ النخيلِ والأعنابِ
- عَرَصاتٌ كأنّهنّ سَماءٌ،
- قد توارتْ شموسُها في الحجابِ
- أينَ ربّ الآراءِ والرّتَبة ِ العَلـ
- ـياءِ، والماجدُ الرفيعُ الجنابِ
- والذي لَقّبوهُ بالأبلَجِ الوَ
- هابِ طوراً، والعابسِ النهابِ
- لَيثُ إبنا أُرتُقَ الملكُ المَنـ
- ـصورُ، ربُّ الإحسانِ والأنسابِ
- صاحبُ الرتبة ِ التي نكصَ العا
- لمُ من دونِها على الأعقابِ
- ومُجَلّي لَبسَ الأمورِ، إذا بَر
- قَعَ قُبحُ الخَطا وجوهَ الصّوابِ
- حازَ حِلمَ الكُهولِ طِفلاً وأُعطي
- ورعَ الشيبِ في أوانِ الشبابِ
- جلّ عن أن تقبلَ الناسُ كفيـ
- ـهِ، فكانَ التقبيلُ للاعتابِ
- لم تُرَنّحْ أعطافَهُ نَشوة ُ المُلـ
- ـكِ، ولا يزدهيهِ فرطُ أعتجابِ
- رافعُ النّارِ بالبقاعِ، إذا أخْـ
- ـمدَ بردُ الشتاءِ صوتَ الكلابِ
- ومحيلُ العامِ المحيلِ، إذا اعتا
- دَ لسانُ الفصيحِ نطقَ الذبابِ
- عَرَفوا رَبَعهُ، وقد أنْكِرَ الجُو
- دُ، برَفعِ اللّوا ونَصبِ العِتابِ
- وقدورٍ بما حَوتْ راسيِاتٍ،
- وجِفانٍ مَملُوّة ٍ كالجَوابي
- ملكٌ أصبحَ الخلائقُ والأ
- يامُ والأرضُ بعده في اضطرابِ
- فاعتَبِرْ خُضرَة َ الرّياضِ تَجِدْها
- أثرَ اللطمِ في خدودِ الروابي
- حَمَلوهُ على الرّقابِ، وقد كا
- نَ نَداهُ أطواقَ تلكَ الرّقابِ
- ما أظنّ المَنونَ تَعلَمُ ماذا
- قصفتْ بعدهُ من الأصلابِ
- يا رجيمَ الخطوبِ، فاسترقِ السمـ
- ـعَ، فأُفقُ العُلَى بغَيرِ شِهابِ
- فليَطُلْ، بعدَه على الدّهرِ عَتبي،
- ربّ ذمٍّ ملقبٍ بعتابِ
- أيّها الذّاهبُ الذي عرّضَ الأمـ
- ـوالَ والنّاسَ بعدَهُ للذّهابِ
- طارَ لبّ السماحِ، يومَ توفيـ
- ـتَ، وشُقّتْ مَرائرُ الآدابِ
- وعلا في العلا عويلُ العوالي،
- ونَحيبُ اليَراعِ والقِرضابِ
- لو يُرَدّ الرّدى بقوّة ِ بأسٍ
- لوَقَيناكَ في الأُمورِ الصّعَابِ
- بأسودٍ بيضِ الوجوهِ، طوالِ الـ
- ـباعِ، شُمِّ الأنوفِ، غُلبِ الرّقابِ
- تَرَكوا اللّهوَ للغُواة ِ، وأفنَوا
- عُمرَهم في كتائبٍ، أو كِتابِ
- وجِيادٍ مثلِ العَقارِبِ نحوَ الـ
- ـروعِ تسعى شوائلَ الأذنابِ
- كلِّ طرفٍ مطهمٍ، سائلِ الغُـ
- ـرة ِ، جعدِ الرسغينِ، سبطِ الإهابِ
- كنتَ ذُخراً لنا، لوَ أنّ المَنا
- يا جنبتْ عن رفيعِ ذاكَ الجنابِ
- لم أكنْ جازعاً، وأنت قَريبٌ،
- لبُعادِ الأهلينَ والأنسابِ
- كانَ لي جُودُكَ العَميمُ أنيساً
- في انفرادي، وموطناً في اغترابي
- ما بَقائي من بعدِ فقدِكَ، إلاّ
- كبَقاءِ الرّياضِ بعدَ السّحاب
المزيد...
العصور الأدبيه