الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما >>
قصائدصفي الدين الحلي
- هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما
- حينَ أمستْ منكَ الربوعُ رسومَا
- وخَلَتْ من سَناكَ زُهرُ المَغاني،
- فاستَحالَ النّهارُ لَيلاً بَهيمَا
- يا هلالاً أودى بهِ الخسفُ لمّا
- صارَ عندَ الكمالِ بدراً وسيمَا
- وقضيباً رمنا لذيذَ جماه،
- فذوى حين صار غُصْناً قَويما
- ما ظَنَنّا المَنونَ تَرقَى إلى البَد
- رِ، وأنّ الحِمامَ يَغشَى النّجومَا
- هَدّ قَلبي مَن كانَ يُؤنِسُ قَلبي
- إذْ نَبَذناهُ بالعَراءِ سَقِيمَا
- ونأى يوسفي، فقد ذهبتْ عينا
- يَ من حزنِهِ، وكنتُ كظيمَا
- يا صَغيراً حوَى عَظيمَ صِفاتٍ،
- أوجبتْ في قلوبِنا التعظيمَا
- خلقاً طاهراً، وكفّاً صناعاً،
- ولِساناً طَلقاً، وطَبعاً سَليماً
- كنتَ رقّي، فصِرتَ مالكَ رِقّي
- بحجى ً منكَ يستخفّ الحلومَا
- ويدينِ ثنتْ عنانَ يراعٍ
- أنبتَتْ في الطّروسِ دُرّاً نَظيماً
- ومقالٍ، إذا دعاهُ لبيبٌ
- ظنّ أني منكَ استفدتُ العلومَا
- وإذا ما تَلَوتُ نَظمي ونَثري،
- خالني منكَ أطلبُ التعليمَا
- يا خَليلاً، ما زالَ خَصماً لخَصمي
- كيفَ صَيّرتَ لي الغَرامَ غَريمَا
- كيفَ جَرّعتَني الحَميمَ من الحُز
- ن، وقد كنتَ لي صَديقاً حَميمَا
- نِمتَ عن حاجتي، فأحدثتَ عندي
- لتنائيكَ مقعداً ومقيما
- وتَرَحّلتَ عن فِنائي رَحيلاً،
- صَيّرَ الحُزنَ في الفُؤادِ مُقيمَا
- لستُ أنساكَ، والمنية ُ تخفي
- منكَ نُطقاً عَذباً وصَوتاً رَخيمَا
- ومَسَحتُ الجَبينَ منكَ بكَفّي،
- فأعادَ المسيحُ قلي كليمَا
- كنتُ أملتُ أن تشيعَ نعشي،
- وتواري في التربِ عظمي الرميمَا
- وتَوَقّعتُ أن أرُدّ بكَ الخَطـ
- ـبَ، فأمسَى نَواكَ خَطباً جَسيمَا
- قد تبوأتَ قاطناً الخلـ
- ـدِ، فأورَثتَ في فُؤادي الجَحيمَا
- وتَفَرّدتَ بالنّعيمِ مِنَ العَيـ
- ـشِ، وأبقَيتَ لي العَذابَ الأليمَا
- فسقَى عهدكَ العهادُ، فقد فزْ
- وعليكَ السّلامُ حَيّاً، ومَيتاً،
- ورضيعاً، ويافعاً، وفطيمَا
المزيد...
العصور الأدبيه