الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي،
- إذا هَزّتْ مَعاطِفَها العَوالي
- وأبدَتْ أوجُهُ البِيضِ ابتِساماً،
- يُطيلُ بكاءَ آجالِ الرّجالِ
- ومَن عَشِقَ العَلاءَ، وخافَ حَتفاً
- غَدا عندَ الكَريهَة ِ، وهوَ سالي
- ولم يَحُزِ العُلى إلاّ كَميٌّ،
- رَحيبُ الصّدرِ في ضِيقِ المَجالِ
- تيقنَ أنّ طيبَ الذكرِ يبقى ،
- وكلَّ نعيمِ ملكٍ في زوالِ
- لذاكَ سمتْ بركنِ الدينِ نفسٌ
- تعلمَ ربُّها طلبُ الكمالِ
- سَمتْ فأرَتهُ حَرّ الكَرّ بَرداً،
- ويَحْمُومَ المَنيّة ِ كالزّلالِ
- فألبسَ عرضهُ درعاً حصيناً،
- وصَيّرَ جِسمَهُ غَرَضَ النّبالِ
- تبوأ جنة َ الفردوسِ داراً،
- وحَلّ على الأرائِك في ظِلالِ
- وخلفَ كلَّ قلبٍ في اشتغالٍ،
- وكلَّ لهيبِ صدرٍ في اشتعالِ
- بروحي مَن أذابَ نَواهُ روحي،
- وأفقدَ فقدُهُ عزّي ومالي
- ولم أكُ قَبلَ يومِ رَداهُ أدري
- بأنّ التُّربَ برجٌ للهلاكِ
- وقالوا: قد أصبتَ، فقلتُ: كلاّ،
- وما وقعُ النبالِ على الجبالِ
- ولم أعلَمْ بأنّ الرّمسَ يُمسِي
- بموجٍ الحربِ من صدفِ اللآلي
- أيا صخراَ احنانِ أدمتَ نوحي،
- فها أنا فيكَ خنساءُ الرجالِ
- وفَتْ لي فيكَ أحزاني ودَمعي،
- وخانَ عليكَ صبري واحتمالي
- بذلتَ النفسَ في طلبِ المعالي،
- كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ
- تسابقُ للوغَى قبلَ التنادي،
- كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ
- شددتَ القلبَ في حوضِ المنايا،
- ووَبلُ النُّبلِ مُنحَلّ العزالي
- لبستَ على ثيابِ الوشيِ قلباً،
- غنيتَ بهِ عن الدرعِ المذالِ
- تَهُزُّ لمُلتَقَى الأعداءِ عِطفاً،
- يهزّ رطيبهُ مرحُ الدلالِ
- فعشتُ، وأنتَ ممدوحُ السجايا،
- ومتَّ، وأنتَ محمودُ الخلالِ
- أرُكنَ الدّينِ كم رُكنٍ مَشيدٍ
- هَدَدتَ بفَقدِ ذيّاكَ الجَمالِ
- ربوعكَ بعدَ بهجتِها طلولٌ،
- وحاليها من الأنوارِ خالِ
- تنوحُ لفقدِكَ الجردُ المذاكي،
- وتَبكيكَ الصّوارِمُ والعَوالي
- يَحِنّ إلى يَمينِكَ كلُّ عَضبٍ،
- وتشتاقُ الأعنة ُ للشمالِ
- أتَسلُبُكَ المَنونُ، وأنتَ طَودٌ،
- وتُرخِصُكَ الكُماة ُ، وأنتَ غالِ
- وتَضعفُ عَزمَة ُ البيضِ المَواضي،
- وتَقُصرُ همّة ُ الأسَلِ الطّوالِ
- ولم تُحطَمْ قَناة ٌ في طعانٍ،
- ولم تُفلَلْ صِفاحٌ في قِتالِ
- ولا اضطرمتْ جيادٌ في طرادٍ،
- ولا اعتركتْ رجالٌ في مجالِ
- ولا رَفَعوا بوَقعِ الخَيلِ نَقعاً،
- ولا نسجَ الغبارُ على الجِلالِ
- وتُمسي اللاّذخيّة ُ في رُقادٍ،
- تَوَهَّمُ فِعلَها طَيفَ الخَيالِ
- ولم تُقلَعْ لقَلعَتِهِمْ عروشٌ،
- إذا استَوَتِ الأسافِلُ والأعالي
- ولا وادي جهنّمَ حينَ حلوا
- بهِ أمسَى عليهم شَرَّ فالِ
- سأبكي ما حَييتُ، ولستُ أنسَى
- صَنائعَكَ الأواخِرَ والأوالي
- ولو أنّي أُبَلَّغُ فيكَ سُؤلي،
- بكيتكَ بالصوارمِ والعوالي
- بكلذ مهندِ الحدّينِ ماضٍ
- تَدبّ به المَنيّة ُ كالنّمالِ
- يريكَ به ركامُ الموتِ موجاً،
- وتمنعهُ الدماءُ منَ الصقالِ
- وإسمرَ ناهزَ العشرينَ لدنٍ،
- رُدَيْنيِّ المَناسبِ ذي اعتِدالِ
- يُضيءُ على أعاليهِ سِنانٌ
- ضياءَ النّارِ في طرفَ الذُّبالِ
- وأشفي من دماءِ عداكَ نفساً،
- تنوطُ القولَ منها بالفعالِ
- لعَلّ الصّالحَ السّلطانَ يَجلُو
- بغُرّة ِ وجهِهِ ظُلمَ الضّلالِ
- ويُجريها من الشِّعبَين قُبّاً،
- إلى الهَيجاءِ تَسعَى كالسّعالي
- يحرضُها الطرادُ على الأعادي،
- كأنّ الكرّ يذكرُها المخالي
- عليها كلُّ ماضي العزم ذمرٍ،
- كميٍّ في الجلاد وفي الجدالِ
- ويشفي عندَ أخذِ الثأرِ منهُم
- نفوساً ليسَ تقنعُ بالمطالِ
- وأعلَمُ أنّ عَزمتَهُ حُسامٌ،
- ولكنّ التفاضي كالصقالِ
المزيد...
العصور الأدبيه