الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> لجيشِ الحيا في مأقظِ الروضِ معركٌ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
لجيشِ الحيا في مأقظِ الروضِ معركٌ،
صفي الدين الحلي
- لجيشِ الحيا في مأقظِ الروضِ معركٌ،
- كأنّ لهُ ثأراً على الأرضِ يُدرَكُ
- إذا استَلّ فيهِ الرّعدُ أسيافَ برقِهِ،
- فليسَ بهِ إلاّ دمُ الزقّ يسفكُ
- فيا حَبّذا فَصلُ الخَريفِ ومُزنُهُ،
- وسترُ السحابِ الطلقِ بالبرقِ تحبكُ
- وللطلّ في الغدرانِ رقشٌ منمنمٌ،
- كأنّ أديمَ الماءِ صرحٌ مشبكُ
- ولم أنسَ لي في ديرِ سهلانَ ليلة ً،
- بها السحبُ تبكي والبوارقُ تضحكُ
- وثوبُ الثرى بالزعرفانِ معطرٌ،
- وللرّيحِ ذَيلٌ بالرّياضِ مُمَسَّكُ
- وأقبلَ شماسٌ وقسٌّ وأسقفٌ،
- ومِطرانُهم مع مَقربانٍ وبَطرَكُ
- يحفونَ بي حتى كأنّي لديهمُ
- حَبيبٌ مُفَدّى ، أو مَليكٌ يُمَلَّكُ
- ويصغونَ لي علماً بأني لبحثهم
- عُذَيقُ جَناهُ، والجُذيلُ المُحكَّكُ
- وأقبلَ كلٌّ منهمُ بمدامة ٍ،
- بها كانَ في تقديسهِ يتنسكُ
- فذلكَ نحوي يحملُ الكأسَ جائياً،
- وهذا بمسحِ الكفّ بي يتبركُ
- وطافوا بكأسٍ لا يوحدُ راحُها،
- ولكن لها في الكأسِ ماءٌ يُشَرِّكُ
- مشعشعة ٌ يخفي الزجاجُ شعاعها،
- فمن نُورِها سِترُ الدُّجُنّة ِ يُهتَكُ
- تَوَهّمَها السّاقُونَ نُوراً مُجَسَّماً،
- فظلتْ بها بعدَ اليقينِ تشككُ
- إذا قَبّلوها يُنعِشُ الرّوحَ لُطفُها،
- وإن تركوها، فهيَ للجسمِ تهتكُ
- وإن سامحوها في المزاجِ تمردتْ،
- ومالتْ فكادتْ أنفسُ الصحبِ تهلكُ
- فتَكنا بسَيفِ الماءِ فيها، فَحاوَلَتْ
- قصاصاً، فباتتْ وهيَ في العقلِ تفتكُ
- وهَبّ لَنا شادٍ كَريمٌ نِجادُهُ،
- خُؤولتُهُ في الفَخرِ قَيسٌ وبَرمَكُ
- يُحَرّكُ أوتاراً تُناسِبُ حسَّها،
- بها تَسكُنُ الأرواحُ حينَ تُحَرَّكُ
- إذا جسّ للعشاقِ نغمة ٍ
- يُشارِكُها في البَمّ رَستٌ وسَلمَكُ
- ورتّلَ من شِعري نَسيباً مُنَقَّحاً،
- يكادُ يُعيرُ الرّاحَ سُكراً ويُوشكُ
- إذا ما تَأمّلتُ البُيوتَ رأيتُها
- نُضاراً بنارِ الألمَعيّة ِ يُسبَكُ
- ولمّا مَلَكتُ الكأسَ ثمّ حسَوتُها،
- تقاضتْ فظلتْ، وهيَ للعقلِ تملكُ
- بخلتُ على الأغيارِ منها بقَطرَة ٍ،
- وجُدتُ لساقيها بما كنتُ أملِكُ
- وناوَلتُهُ كأساً، إذا ما تَمَسّكَتْ
- يداهُ بها ظلتْ بها تتمسكُ
- فظلّ إلى اللذاتِ يهدي نفوسنا،
- على أنه لا يهتدي أين يسلكُ
- فلا تنسَ في الدنيا نصيبكَ، وابتدرْ
- إلى الراحِ، إنّ الراحَ للروحِ تمسكُ
- وثقْ أن ربّ العرشِ، جلّ جلاله،
- غفورٌ، رحيمٌ، للسرائرِ مدركُ
- وما كانَ من ذَنبٍ لدَيهِ، فإنّهُ
- سيَغفِرُهُ إلاَّ بهِ حينَ نُشرِكُ
المزيد...
العصور الأدبيه