الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا، >>
قصائدصفي الدين الحلي
لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
صفي الدين الحلي
- لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
- ولا ينالُ العلى من قدمَ الحذرا
- ومن أرادَ العلى عفواً بلا تعبٍ،
- قضَى ، ولم يَقضِ من إدراكِها لا ب
- لابدّ للشهدِ من نحلٍ يمنعهُ،
- لايجتني النفعَ من لم يحملِ الضررا
- لا يُبلَغُ السّؤلُ إلاّ بعدَ مُؤلمة ٍ،
- ولا تَتِمُّ المُنى إلاّ لِمَنْ صَبَرَا
- وأحزَمُ النّاسِ مَن لو ماتَ مِنْ ظَمإٍ،
- لا يَقرَبُ الوِردَ حتى يَعرِفَ الصَّدَرَا
- وأغزَرُ النّاسِ عَقلاً مَن إذا نظَرَتْ
- عيناهُ أمراً غدا بالغيرِ معتبرا
- فقَد يُقالُ عِثارُ الرِّجلِ إن عثرَتْ،
- ولا يُقالُ عِثارُ الرّأيِ إنْ عَثَرَا
- من دبرض العيشَ بالآراءِ دامَ لهُ
- صفواً، وجاءَ إليهِ الخطبُ معتذرَا
- يَهونُ بالرّأيِ ما يَجري القَضاءُ بِه،
- من أخطأ الرأيَ لا يستذنبُ القدرَا
- من فاتهُ العزُّ بالأقلامِ أدركَهُ
- بالبِيضِ يَقدَحُ من أعطافِها الشّرَرَا
- بكلّ أبيَضَ قد أجرى الفِرِندُ بهِ
- ماءَ الرّدى ، فلو استقطرتَه قطرَا
- خاضَ العجاجة َ عرياناً فما انقشعتْ
- حتى أتى بدمِ الأبطالِ مؤتزرَا
- لايحسنُ الحلمُ إلاّ في مواطنِهِ،
- ولا يَليقُ الوَفَا إلاّ لِمنْ شَكَرَا
- ولا ينالُ العُلى إلاّ فتًى شرفَتْ
- خِلالُهُ، فأطاعَ الدّهرَ ما أمَرَا
- كالصّالِح المَلِكِ المَرهوبِ سَطوَتُه،
- فلو توعّدَ قلبَ الدّهرِ لانفطرَا
- لمّا رأى الشرَّ قد أبدَى نواجذَهُ،
- والغدرَ عن نابِهِ للحربِ قد كشرَا
- رأى القسيَّ إناثاً في حقيقتِها،
- فعافَها، واستَشارَ الصّارِمَ الذّكَرَا
- فجَرّدَ العَزمَ من قَتلِ الصِّفاحِ لها
- ملكٌ عن البيضِ يستغني بما شهرَا
- يكادُ يُقرأُ منْ عُنوانِ هِمّتِهِ
- ما في صحائفِ ظهرِ الغيبِ قد سُطِرَا
- كالبحرِ والدّهرِ في يومَيْ ندًى وردًى ،
- والليثِ والغيثِ في يوميْ وغًى وقرَى
- ما جادَ للناسِ إلاّ قبلَ ما سألوا،
- ولا عفا قطّ إلاّ بعدما قدَرَا
- لاموهُ في بذلِهِ الأموالَ، قلتُ لهم:
- هل تَقدُرُ السُّحبُ ألاّ تُرسلَ المَطرَا
- إذا غدا الغصنُ غضّا في منابتِه،
- من شاءَ فليجنِ من أفنانِهِ الثمَرَا
- من آلِ ارتقٍ المشهورِ ذكرهُمُ،
- إذ كانَ كالمِسكِ إن أخفَيتَهُ ظَهَرَا
- الحاملينَ منَ الخطيّ أطولَهُ،
- والناقلينَ من الأسيافِ ما قصرَا
- لم يَرحَلوا عن حِمَى أرضٍ إذا نزَلوا
- إلاّ وأبقَوْا بِها مِن جودِهم أثَرَا
- تَبقَى صَنائعُهم في الأرضِ بعدَهمُ،
- والغَيثُ إن سارَ أبقَى بعدَهُ الزَّهَرَا
- لِلَّهِ دَرُّ سَما الشّهباءِ من فَلَكٍ،
- فكلّما غابَ نجمٌ أطلعتْ قمرَا
- يا أيّها الملكُ الباني لدولتِهِ
- ذكراً طوَى ذكرَ أهل الأرض وانتشرَا
- كانتْ عِداكَ لها دَستٌ، فقد صَدَعتْ
- حَصاة ُ جَدّك ذاك الدّستَ فانكَسَرَا
- فاوقعْ إذا غدروا سوطَ العذابِ بهمْ
- يظلّ يخشاكَ صرفُ الدّهرِ إن غدرَا
- وارعَبْ قلوبَ العِدى تُنصَرْ بخَذْلِهمُ،
- إنّ النبيّ بفَضلِ الرّعبِ قد نُصِرَا
- ولا تكدّرْ بهمْ نفساً مطهرَة ً،
- فالبحرُ من يومِه لا يعرفُ الكدرَا
- ظَنّوا تأنّيكَ عن عَجزٍ، وما عَلِموا
- أنّ التأنّيَ فيهمْ يعقبُ الظفرَا
- أحسَنتُمُ، فبَغَوا جَهلاً وما اعترَفوا
- لكم، ومن كفرَ النُّعمى فقد كفرَا
- واسعدْ بعيدك ذا الأضحى وضحّ بهِ
- وصلْ وصلّ لربّ العرشِ مؤتمرَا
- وانحَرْ عِداكَ فبالإنعامِ ما انصَلَحوا،
- إنْ كانَ غيركَ للأنعامِ قد نحرَا
المزيد...
العصور الأدبيه