الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> كررِ اللومَ عليه إن تشا، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- كررِ اللومَ عليه إن تشا،
- فهوَ صبُّ بحميّاه انتشَى
- هزهُ بل أزه ذكرُ الحمَى ،
- فتَثَنّى طَرَباً، بل رَعَشَا
- كادَ أن يقضي فجددتُ لهُ
- ذِكرَ سكّانِ الحِمى ، فانتَعَشَا
- لستَ عندي عاذِلاً بل عادِلٌ،
- سُرّ بالذّكرى فَوشّى ، إذ وَشَى
- مغرمٌ حاولَ كتمانَ الهوى ؛
- وشهودُ الدَّمعِ لا ترضى الرُّشَى
- شامَ برقَ الشامِ صبحاً: فصَبا
- وتَراعاهُ عِشاءً، فعَشَا
- لاحَ، واللّيلُ بهِ مكتَهِلٌ،
- وجَنينُ الصّبحِ حملٌ في الحَشَا
- وهلالُ الأفقِ يحكي قوسُهُ
- جانبَ المِرآة ِ يبدو من غِشَا
- وحكَى كَيوانُ صَقراً لائِذاً
- بجناحِ النسر لما فرشا
- وكأنّ المُشتري ذو أمَلٍ
- نالَ حَظّاً، ومن البدرِ ارتَشَى
- وحكَى المِرّيخُ في صَنعَتِهِ
- خَدَّ مَحبوبٍ بلَحظٍ خُدِشَا
- وسَهيلٌ مثلُ قلبٍ خافِقٍ
- مكنَ الرعبُ به، فارتعشَا
- وبناتُ النّعشِ سِربٌ نافِرٌ
- هامَ ذعراً ومن النسرِ اختشى
- والثريا سبعة ٌ قد أشبهتْ
- شكلَ لَحيانٍ بتَختٍ نُقِشَا
- ووميضٌ غادرتْ غرتُه
- أدهمَ الليلِ صباحاً أبرشا
- طَرّزَ الأُفقَ بنورٍ ساطِعٍ،
- أدهشَ الطرفَ بهِ بل أجهشَا
- فَتلاهُ من دُموعي وابِلٌ
- لا يَزيدُ القَلبَ إلاّ عَطَشَا
- طبقَ الآفاقَ حتى خلتُهُ
- من ندى أيدي عليٍّ قد نشا
- كاتبُ السرَ الذي في عصرهِ،
- سرُّ دَستِ المُلكِ يوماً ما فَشَا
- يَقِظُ الآراءِ، مَسلوبُ الكَرى ،
- مستجيشُ العزم، متعوبُ الوشا
- فالأماني من عَطاهُ تُرتَجى ،
- والمَنايا من سَطاهُ تُختَشَى
- خلقٌ لو يقتدي الدهرُ بهِ
- كحَلَتْ أصباحُهُ كلّ عِشَا
- ذو يراعٍ راعَ آسادَ الشّرى ،
- وحَشا الأعداءَ رُعباً قد حَشَا
- لا يراعي ذمة َ الأسدِ التي
- بَينَها في الغابِ قِدماً قد نَشَا
- وبَسطتَ الأنْسَ في زَمَنٍ
- ولأطوادِ العُلى مُفترِشَا
- أصبحَ العضبُ بهِ مرتعداً،
- وانثنى اللّدنُ بهِ مُرتَعِشَا
- فإذا أوحى إليهِ أمرهُ
- جاءَ طوعاً وعلى الرّاسِ مشَى
- كلما تاهَ جماحاً صدرهُ
- صرّفَتهُ كَفُّهُ حَيْثُ يَشَا
- كفلَ الأيامَ إلاّ أنهُ
- أيتَمَ الأطفالَ لمّا بَطَشَا
- عربيُّ واطىء ٌ رومية ً
- يُنسِلُ الزّنجَ لها والحَبَشَا
- يُصبحُ الرَوضُ هَشيماً كُلّما
- رقمَ الطرسَ به، أو رقشا
- ما رأينا قَبلَه لَيثَ شرًى
- حملتْ يمناهُ صلاًّ أرقشا
- ويدُ الأقدارِ تقضي ما يشَا
- جُدتَ لي بالودّ من قبلِ النّدى
- منعماً بالرقبِ لي بل منعشاً
- كنتُ من ظلّي به مستوحشا
- فسأجلو ذكرَكم في مَوطِنٍ
- يحمدُ السامعُ فيه الطرشَا
- إنّما الذّكرُ، طَليقاً، مُقعَدٌ،
- فإذا قُيّدَ بالشّعرِ مشَى
- فاستمعْ لابنة ِ يوميها التي
- جُمّلَ الفكرُ لها بل جُمّشَا
- وابقَ في عزّ مقيمٍ ظلُّهُ،
- بسطَ الأمنُ لهُ، فافترشَا
- مستَظِلاًّ دوحَة المَجدِ التي
- ثَبتتْ أصلاً، وطابتْ عُرُشَا
المزيد...
العصور الأدبيه