الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ،
- إذا نزَلَتْ بساحتِهِ الخُطوبُ
- يَسرّ النّفسَ ثمّ يُسِرُّ حُزناً،
- يَضيقُ ببَعضِهِ الصّدرُ الرّحيبُ
- ويُبدي البأسَ للأعداءِ كَيلا
- تُؤنّبُهُ الشّوامتُ، أو تَعيبُ
- ومثلُ عُلاكَ نُورَ الدّينِ مَن لا
- يُقَلقِلُ قَلبَهُ نُوَبٌ تَنوبُ
- فإنكَ في جلادِ الملكِ خطبٌ،
- وفي يَومِ الجِدالِ لهُ خَطِيبُ
- تخافكَ حينَ تزجرها الرزايا،
- وتجلَى حينَ تلحظُها الكروبُ
- بقَلبٍ كلّ فِكرَتِهِ عيونٌ،
- وطَرْفٍ كلّ نَظرَتِهِ قلوبُ
- وإنّ يدَ الرّدى ، ووقيتَ منها،
- سِهامُ خطوبِها أبداً تُصيبُ
- أرتكَ بفقدِ فخرِ الدينِ رزءاً،
- تُشَقّ له المَرائرُ لا الجُيوبُ
- كريمٌ ما بسمعِ نداهُ وقرٌ،
- ولاي وجهِ نائلِهِ قطوبُ
- ولو أنّ الوغَى سلبتهُ منّا،
- وبَزّتهُ الوَقائعُ والحُروبُ
- لقامَ بنَصرِهِ منّا رِجالٌ
- تُزَرّ على دُروعِهِمُ القُلوبُ
- بيض يغتدي نملُ المنايا
- لهُ من فوقِ صَفحَتِها دَبيبُ
- وخَيلٍ كلّما رَفَعَتْ عَجاجاً
- جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ
- كأنّ مثارَ عثيرِها سحابٌ
- جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ
- كأنّ مثارَ عثيرها سحابٌ
- حَدَتهُ من سَنابكِها جَنوبُ
- أفخرَ الدينِ كم أعليتَ فخراً،
- لآلِكَ حينَ تَشهَدُ، أو تَغيبُ
- برغمي أن تبيتَ غريبَ دارٍ،
- وعشتَ، وأنتَ في الدنيا غريبُ
- وتخلو منكَ أمينة ُ المعالي،
- ويمحلُ ذلكَ المرعَى الخصيبُ
- وتَدعوكَ الكُفاة ُ ولا تُناجي،
- وتَسألُكَ العُفاة ُ، فلا تُجيبُ
- ويُقسَمُ في الأنام زكاة ُ مَدحٍ،
- ومالكَ في نصابهمْ نصيبُ
- خفيتَ عن العيونِ، وأيُّ شمسٍ
- تَلوحُ، ولا يكونُ لها مَغيبُ
- فصبراً يا بني إسحاقَ، صبراً،
- فربُّ العيشِ بالحسنى يثيبُ
- وخفضْ عنك نورَ الدينِ حزناً،
- تكادُ الرّاسياتُ بهِ تَذوبُ
- فإنّ قريبَ ما تخشَى بعيدٌ،
- وإن بعيدَ ما ترجو قريبُ
- وليسَ الحتفُ في الدُّنيا عجيب،
- ولكنّ البقاءَ بها عجيبُ
المزيد...
العصور الأدبيه