الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
صفي الدين الحلي
- في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
- فكَيفَ يَسجَعُ فيها الطّائرُ الغَرِدُ
- لذاكَ أُحجِمُ عن قدحي، فيَبعثُني
- صِدقُ الوَلاءِ، وإنّي فيكَ مُعتَقِدُ
- وكيفَ أُفصِحُ أشعاري لدى مَلِكٍ،
- يغدو له التبرُ زيفاً حينَ ينتقدُ
- يَقظانُ يَقرأُ من عُنوانِ فِكرَتِه،
- في يومهِ، ما طواهُ في الضميرِ غدُ
- بحرٌ، ولكنّهُ بالدُّرّ مُنفَرِدٌ،
- والبَحرُ يُجمعُ فيهِ الدُّرُّ والرَّبَدُ
- من معشرٍ إن دعوا جادوا لآملِهمْ
- قبل السّؤالِ، وأعطَوا فوقَ ما وَجدُوا
- تُضاعِفُ الرَّفدَ للوُفّادِ راحتُهُ،
- فكلمّا وفدوا من جودهِ رفدُوا
- عادوا وفي كلّ عُضوٍ بالثّناءِ فَمٌ،
- وقد أتوُ، وكلٌّ بالسؤالِ يدُ
- ولو رأوا ما أرى من فَرطِ لَذّتِهِ
- بالجُودِ ما شكَروا يَوماً ولا حَمِدُوا
- يا أيّها الملكُ المنصورُ طائرهُ،
- ومَنْ بآرائِهِ الأملاكُ تَعتَضِدُ
- ومن يسابقُ بالإنعامِ، مبتدئاً،
- نطقَ العفاة ِ، ويعطي قبلَ ما يعدُ
- أنتَ الفريدُ الذي حازتْ خلائقُهُ
- ما لا يحيطُ بهِ الإحصاءُ والعددُ
- وواحدُ العَصرِ، حتى لو حلَفتُ به
- يوماً، لما شَكّ خَلقٌ أنّهُ الأحَدُ
- لكَ اليَراعُ الذي إنْ هُزّ عامِلُهُ،
- لم تُغنِ عَنهُ صِلابُ البِيضِ والزَّرَدُ
- المستطيلُ، وي حدّ الظبَي قصرٌ،
- والمستقيمُ، وفي قدّ القنا أودُ
- إذا اغتدى نافثاً بالسحرِ في عقدٍ،
- حُلّتْ، بنَجواهُ، من آمالِنا العُقَدُ
- يَقظانُ منهُ عيونُ النّاسِ راقدَة ٌ،
- ولو تَوعّدَ أهلَ الكَهفِ ما رَقَدُوا
- رَبيبُ سُمرِ المَعالي، وهوَ يَحطِمُها،
- وربّما جَرّ حَتفَ الوالِدِ الوَلدُ
- بالأمسش كانَ بوطءِ الأسدِ مرتعداً،
- واليومَ منهُ فريصُ الأسدِ ترتعدُ
- ضَمّ الأُسودَ فَما زالَ الزّمانُ لهُ
- يَنوي المُكافاة َ حتى ضَمّهُ الأسَدُ
- إذا انثنى ساجداً قامَ الملوكُ لهُ
- طَوعاً، وإنْ قامَ في أمرٍ لهم سجَدُوا
- يا بانيَ المَجدِ مِن قبلِ الدّيارِ، ومَن
- لهُ المعالي التي لمْ يرقها أحدُ
- بنيتَ بعدَ بناءِ المجدِ، مبتدئاً،
- داراً لها العزُّ أسٌّ، والعُلى عمدُ
- أسّستَ بالدّينِ والتّقوى قَواعدَها،
- فكانَ عُقباكَ منها عِيشة ٌ رَغَدُ
- داراً توَهّمتُها الدّنيا لزينَتِها،
- وما سَمِعتُ بدُنيا ضَمّها بَلَدُ
- بها صَنائِعُ أبدَتها صَنائِعُكُمْ،
- يَفنى المَدَى ، وبها آثارُكم جُدُدُ
- تَدَفَّقَ الماءُ في سَلسالِها، فحكى
- سَماحَ كَفّكَ فينا حينَ يَطّرِدُ
- تَجَمعَ الأُسدُ فيها والظباءُ، كَما
- من فرطِ عدلك يرعى الذئبُ والنقدُ
- مولايَ! دِعوَة َ عَبدٍ غَيرِ مُفتَتِنٍ
- بشعِرِهِ ولهُ الحُسّادُ قد شَهِدُوا
- قد صنتَ شعري وجلُّ الناسِ تخطبُه،
- وذاكَ لَولاكَ لم يَعبأ بهِ أحَدُ
- والشَعرُ كالتّبرِ يخفَى حينَ تَنظُرُهُ
- عَينُ الغَبيّ، ويَغلو حينَ يُنتَقَدُ
- فكَيفَ يذهَبُ ما نَفعُ الأنامِ بِهِ،
- منهُ جُفاء، ويَرسو عندَك الزّبَدُ
- إنْ شَبّهوني بمنْ دوني، فلا عجَبٌ،
- فالدرُّ يشبهُهُ في المنظرِ البردُ
- بكَ انتصرتُ على الأيامِ منتصفاً،
- وصارَ لي فوقَ أيدي الحادثاتِ يدُ
- وكيفَ تَعجَزُ كَفّي أن أنالَ بها
- هامَ السماكِ، وأنتَ الباعُ والعضدُ
المزيد...
العصور الأدبيه