الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> عجبتُ لها تمسي العقولُ لها نهبا، >>
قصائدصفي الدين الحلي
عجبتُ لها تمسي العقولُ لها نهبا،
صفي الدين الحلي
- عجبتُ لها تمسي العقولُ لها نهبا،
- وتَسبي النّدامَى وهيَ ما بَينَهم تُسبى
- وأعجبُ من ذا أنها كلّما طغتْ
- على العقلِ زادَ الشاربونَ لها حبّا
- سلافٌ تميتُ العقلَ في حالِ شربِها،
- وينعشُ منها الروحَ والجسمَ والقلبَا
- معتقة ٌ أفنَى الجديدَ عتيقها،
- وأبقى صميماً من حشاشتِها لبّا
- محجبة ٌ وسطَ الدنانِ، ونورُها
- يخرقُ من لألاءِ غرتِها الحجبَا
- كُمَيتٌ إذا شاهدتَها في إنائِها،
- ولكن لصافي لونها دعيتْ صهبَا
- إذا مسها وقعُ المزاجِ تألمتْ،
- وأزبَدَ منها الثّغرُ، وامتلأتْ رُعبَا
- وأعجبُ من بكرِ لها الماءُ والدٌ،
- وترجعُ أنّي رامَ تقبيلها غضبَى
- عَجوزٌ إذا ما أُبرِزَتْ من حِجابِها،
- تريكَ نشاطاً كالعلانِ إذا شبّا
- هي الشمسُ إلاّ أنها في شروقها،
- إذا مزجتْ في كأسِها أطلعتْ شهبَا
- إذا جُليَتْ في كأسِها وتَبرّجَتْ،
- وزادَتْ نفوسَ الوامقِينَ بها عُجبَا
- يعضّ عليها التّائبونَ بَنانَهم،
- ويَندُبُ كلٌّ منهُمُ عقلَهُ نَدبَا
- إذا ما حَسَوناها أقرّوا بأنّهم
- قد ارتكَبوا في تَركِها مَركَباً صَعبَى
- ولم أرَ حِبراً تابَ عن نَفعِ نَفسِهِ،
- فللهِ ما أعمَى الجهولَ، وما أغبَا
- فهُبّا بنا نحوَ الصَّبوحِ وبَردِهِ،
- فإني ليرضيني النديمُ، إذا هبّا
- وعُوجا بنا نَستَمطِرُ الدّنّ غُدوَة ً،
- إذا عاجتِ الأغمارُ تَستَمطرُ السُّحبَا
- وواصل صَبوحي بالغَبوقِ وعُلّني
- بها كلّ يومٍ لا تذر شربها غبّا
- فإنّ قتيلَ الراحِ يوشكُ بعثهُ،
- إذا أنتَ أترعتَ الكؤوسَ له سكبَا
- إذا نفحتْ من روحها فيهِ نفحة ً،
- تمثلَ حياً بعدَ أن قضَى نحبَا
- فكم ليلة ٍ أحييتها بمسرة ٍ،
- وقَضّيتَ فيها العَيشَ أنهَبُهُ نَهبَا
- وبتنا نوفّي الحاشرية َ حقّها،
- ونُثبِتُ من بَعدِ الغَبوقِ لها نَصبَا
- نُلَبّي مُنادي الاصطِباحِ إذا دَعا،
- وندعو سميعَ الاغتباقِ إذا لبّى
- بليلة ِ سعدٍ نصطلي الندّ ريها،
- ونوقدُ في آنائِها المندلَ الرطبَا
- براحٍ لها طَبعٌ لعَكسِ حرُوفِها،
- يصيرُ ضيقَ الصدرِ من جرّه رحبَا
- وكادتُ تكونُ الروحَ لا الراحَ كملتْ
- قوى طبعها لو كان يابسُها رطبا
- شممنا شذاها في الكؤوسِ فأسكرتْ،
- فأنّى لها رشدٌ، إذا استعملتْ شربا
- فلو لمعتْ في الليلِ غرة ُ وجهها،
- لشاهدتَ دهمَ الليلِ من نورها شهبَا
- ولو قطرتْ منها على الصخرِ قطرة ٌ،
- رأيتَ صفاة َ الصخرِ قد أنبتتْ عشبَا
- َما هيَ إلاَّ أصلُ كلّ مَسرّة ٍ،
- فكم روحتْ هماً وكم فرحتْ كربَا
- إذا ما رَحَى الأفراحِ دارَتْ، فلا يَرَى
- لَبيبٌ سوى كأسِ المُدامِ لها قُطَبَا
المزيد...
العصور الأدبيه