الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
صفي الدين الحلي
- صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
- ونبلُ جفونٍ للجوارحِ تجرحُ
- وماءُ حَياءٍ لَيسَ يَنقَعُ غُلّة ً،
- ونارُ خدودٍ للجوانحِ تلفحُ
- ومَنظَرُ حُسْنٍ في سَنا البَدرِ رَسمُهُ
- إلى القلبِ أحلى وهوَ في العنينِ أملحُ
- وجَوهرُ ثَغرٍ يُحزِنُ القَلبَ لمحُهُ،
- وقد زعموا أنّ الجواهرَ تفرحُ
- وصَلْتٍ وصَلتُ السّهدَ بالجَفنِ عندما
- غدا وهوَ من عذري عن الصبرِ أوضحُ
- محاسنُ قادَتْ نَحوَها شارِدَ الهَوَى ،
- وظلّ إليها ناظرُ القلبِ يطمحُ
- إذا ضَمّ أقسامَ الجَمالِ تَحَيّزٌ،
- فإنّ جَميلَ الصّبرِ بالحُرّ يَقبُحُ
- فللهِ صبٌّ لا يبلُّ غليلُهُ،
- وإنسانُ عينٍ بالمدامعِ يسبحُ
- ونفسٌ أبتْ إلاّ نزاعاً إلى الصِّبا،
- تقاعسَها وخطُ المشيبِ، فتجمحُ
- وأَشمَطُ من وُرقِ الحَمامِ كأنّما
- سنا الصبحِ يصبي قلبهُ حينَ يصبحُ
- يرجعُ تكرارض الهديلِ مغرداً،
- فيصدعُ قلبي نوحهُ حينَ يصدحُ
- وما ذاكَ إلاّ أن شدَوتُ فقَد غَدا
- يُلَوّحُ بالأحزانِ لي فأُصَرّحُ
- وما ضَرّني بُعدُ الدّيارِ، وأهلُها
- بأرضي، وفقدُ الطرفِ ما كان يلمحُ
- ورِجلايَ في أفناءِ دِجلَة َ قد سعَتْ،
- وطرفيَ في أفناءِ حرزَمَ يسرحُ
- مَنازِلُ لم أذكُرْ بها السِّقطَ واللّوَى ،
- ولم يصبني عنها الدَّخولُ فتوضحُ
- ولم أقرِ بالمِقراة ِ طَرفي بمثلِها،
- فتسرحُ فيها العينُ، والصدرُ يشرحُ
- فإنْ أكُ قد فارقتُ إلفاً ومعشراً
- كراماً، إلى علياهُمُ العزُّ يجنحُ
- فصبراً لما قد أفسدتهُ يدُ النّوى ،
- عسَى أنّهُ بالصالحِ الملكِ يصلحُ
- مليكٌ، إذا ما رمتُ مدحاً لمجدِه،
- تعلمُني أوصافُهُ كيفَ أمدَحُ
- له في الوغَى والجودِ نفسٌ زكية ٌ،
- من الليثِ أسطى ، أو من الغيثِ أسمحُ
- وأضيَقُ من سُمّ الخِياطِ اعتِذارُهُ،
- وصدرٌ من الأرضِ البسيطة ِ أفسحُ
- تَحُلُّ بكَفّيهِ اللُّهَى عُمرَ ساعَة ٍ،
- لتَنزَحَها وُفّادُهُ، ثمّ تَنزَحُ
- لقد ظلّ يصميني الزمانُ لبعدِهِ،
- ويُحزِنُ قَلبي منهُ ما كان يُفرِحُ
- فقلتُ لصرفِ الدهرِ ها أنا راحِلٌ
- غلى ملكٍ قلبي منهُ ما كان يفرحُ
- إلى مَلِكٍ يُخفي الملوكَ، فيَجتَلي،
- وتغلقُ أبوابُ السماحِ، فيفتحُ
- إلى مَلِكٍ لا مَورِدُ الجُودِ عندَهُ
- أُجاجٌ، ولا مَرعَى السّماحِ مُصَوِّحُ
- إلى ملكٍ يَلقَى الثّناء بمثِله
- ويُنعُم من بَعدِ الثّناء ويَسمَحُ
- إلى مَلِكٍ لا زالَ للمَدحِ خاطِباً،
- وزادَ إلى أن كادَ للمَدحِ يَمدَحُ
- ويُذكِرُني الإلفَ الذي هوَ فاقِدٌ،
- فقد زجلَ المداحُ فيه ووشّحُوا
- تَقولُ ليَ العَلياءُ، إذْ زُرتُ رَبعَهُ،
- رويدَك! كم في الأرضِ تسعى وتكدحُ
- إذا كنتَ ترضَى أن تعدّ بتاجرٍ،
- هلمّ، ففيهِ تاجرُ المدحِ يربحُ
- فأنتَجتُ من فِكري له كلّ كاعِبٍ
- يزينُ عطفيْها البديعُ المنقحُ
- وخلدتُ شعري في الطروسِ لأنني
- أرى الشعرَ يَعلو قَدرُه حينَ يقرَحُ
- فَيا مَلِكاً قد أطمَعَ النّاسَ حِلمُهُ،
- لكثرة ِ ما تهفو، فيعفو ويصفحُ
- أعدْ، غيرَ مأمورٍ، على الضّدَ كيدَهُ،
- واذكِ لهُ النّارَ التي باتَ يَقدَحُ
- فقد أيقنَ الأعداءُ أنّكَ راحمٌ،
- فباهوا بأفعالِ الخناءِ، وثجحُوا
- إذا ما فعلتَ الخيرَ ضوعفَ شرُّهمْ،
- وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ يَنضَحُ
- ولو تابعوا قولَ الإلهِ وأمرَهُ،
- لَقالوا بأنّ الصّلحَ للخَلقِ أصلَحُ
- تَهَنّ بعيدِ النّحرِ، وانحَرْ من العِدى ،
- فجُودُكَ عيدٌ للوَرى ليسَ يَبرَحُ
- وضحّ بهم، لا زِلتَ تنحرُ مثلهم،
- ومِن دونِ مَغناكَ العَقايرُ تُذبَحُ
المزيد...
العصور الأدبيه