الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
- ونزولي في كلّ يومٍ بوادٍ
- ومقيلي ظلُّ المطيّة ِ، والتُّرْ
- بُ فِراشي، وساعداها وسادي
- وضَجيعي ماضي المَضاربِ عَضْبٌ
- أصلحتهُ القيونُ من عهدِ عادِ
- أبيضٌ أخضرُ الحديدة ِ ممّا
- شقّ قدماً مرائرَ الآسادِ
- وقميصي درعٌ كأنّ عُراها
- حبكُ النّملِ أو عيونُ الجرادِ
- ونَديمي لَفظي، وفكري أنيسي،
- وسروري مائي، وصبريَ زادي
- ودليلي من التوسّمِ في البيـ
- ـدِ لِبادي الأعلامِ والأطوادِ
- وإذا ما هدَى الظّلامُ، فكَمْ لي
- من نُجومِ السّماءِ في السبل هادي
- ذاكَ أنّي لا تَقبَلُ الضّيمَ نَفسي،
- ولو أنّي افترشتُ شوكَ القتادِ
- هذه عادّتي، وقد كُنتُ طِفلاً،
- وشَديدٌ عليّ غَيرُ اعتِيادي
- فإذا سرتُ أحسبُ الأرضَ ملكي،
- وجَميعَ الأقطارِ طوعَ قِيادي
- وإذا ما أقَمتُ، فالنّاسُ أهلي،
- أينَما كنتُ، والبلادُ بلادي
- لا يَفوتُ القُبولُ مَن رُزِقَ العَقـ
- ـلَ وحُسنَ الإصدارِ والإيراد
- وإذا صَيّرَ القَناعة دِرْعاً
- كانَ أدعى غل بلوغِ المُرادِ
- لَستُ ممّنْ يَدِلُّ مَع عَدَمِ الجَـ
- ـدّ بفِعْلِ الآباءِ والأجداد
- ما بَنيتُ العَلياءَ إلاّ بجَديّ،
- وركوبي أخطارَها واجتهادي
- وبلَفظي، إذا ما نَطَقتُ، وفَضلي،
- وجدالي عن منصبي وجلادي
- غَيرَ أنّي، وإنْ أتَيتُ منَ النّظْـ
- ـمِ بلَفْظٍ يُذيبُ قَلبَ الجَماد
- لَستُ كالبحتريّ أفخَرُ بالشّعْـ
- ـرِ وأَثني عِطفَيّ في الأبراد
- وإذا ما بَنَيتُ بَيتاً تَبَختَرْ
- تُ كأنّي بنيتُ ذاتَ العِمادِ
- إنّما مَفخَري بنفسي، وقَومي،
- وقناتي، وصارمي، وجوادي
- معشرٌ أصبحتْ فضائلُهم في الأرْ
- ضِ تُتلَى بألسُنِ الحُسادِ
- ألبسوا الآملينَ أثوابَ عزِّ،
- وأذلّوا أعناقَ أهلِ العِنادِ
- كم عَنيدٍ أبدى لنا زُخرُفَ القَوْ
- لِ وأخفَى في القلبِ قدحَ الزّنادِ
- ورمانا من غدرهِ بسهامٍ،
- نَشِبَتْ في القُلُوبِ والأكباد
- فسرينا إليهِ في أجمِ السُّمْـ
- ـرِ بغابٍ يسيرُ بالآسادِ
- وأتَينا مِن الخُيولِ بسَيْلٍ
- سالَ فوقَ الهِضابِ قبلَ الوِهاد
- وبرزنا منَ الكماة ِ بأطوا
- دِ حُلومٍ تَسري على أطواد
- كلّما حاولوا الهوادَة َ منّا
- شاهدوا الخيلَ مُشرفاتِ الهَوادي
- وأخذنا حقوقنا بسيوفٍ
- غنيتْ بالدّما عنِ الأغمادِ
- فكأنّ السيوفَ عاصِفُ ريحٍ
- وهُمُ في هبوبِها قومُ عادِ
- حاولتْ رؤوسهمْ صعوداً فنالتـ
- ـهُ ولكنْ من رؤوسِ الصِّعادِ
- فَلَئِنْ فَلّتِ الحَوادِثُ حَدّي
- بعدَما أخلصَ الزّمانُ انتقادي
- فلقد نلتُ من مُنى النّفسِ ما رُمْـ
- ـتُ وأدركتُ منهُ فوقَ مُرادي
- وتحَقّقتُ انّما العَيشُ أطوا
- رٌ كلٌّ مصيرُهُ لنفادِ
المزيد...
العصور الأدبيه