الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي، >>
قصائدصفي الدين الحلي
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
صفي الدين الحلي
- سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
- فقد شاهدوا ما لم يرَوا منكمُ منّي
- رأوْني أُراعي منكُمُ العَهدَ لي بكُم،
- وأحسنَ ظَنّاً منكمُ بي بكُمْ ظَنّي
- وقد كنتُ جمّ الخوفِ من جَور بُعدكم
- فقد نِلتُ لمّا نالَني جَوركُم أمني
- خطَبتُ بغالي النّفسِ والمالِ وُدَّكم،
- فقد عزّ حتى باتَ في القلبِ والذّهنِ
- ولمّا رأيتُ العِزّ قد عزّ عندَكم،
- ولا صبرَ لي بينَ المنيّة ِ والمنّ
- ثَنيتُ عِناني مَع ثَنائي علَيكُمُ،
- فأصبَحتُ والثّاني العنانِ هُوَ المُثني
- وليسَ أنيسي في الدُّجَى غيرُ صارِمٍ
- رَقيقِ شِفارِ الحَدّ مُعتَدِلِ المَتنِ
- وطِرْفٍ كأنّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ
- فيُسرعُ طَوراً في المِراحِ ويَستأني
- أميلُ بهِ بالسهلِ مرتفعاً بهِ،
- فيُحزِنُهُ إلاّ التّوَقّلَ في الحَزْنِ
- وما زالَ عِلمي يَقتفيني إلى العُلَى ،
- فيَسبُقُ حتى جاهَدَ الأكلَ بالأذْنِ
- وزرتُ ملوكاً كنتُ أسمعُ وصفهم،
- فيُنهِضُني شَوقي ويُقعِدُني أمني
- فلمّا تلاقينا، وقد برحَ الجفا،
- رأتْ مُقلَتي أضعافَ ما سمعتْ أُذني
- خطبتُ بوُدّي عندَهمْ لاهبَاتِهِمْ،
- فأصبحتُ بالعزِّ الممنَّعِ في حِصنِ
- إذا ما رأوني هكذا قيل: هكا ذا!
- ولو شاهَدوني راغباً رَغبوا عَنّي
- إذا ما أقمتُ الوزنَ في نظمِ وصفهم،
- تَجودُ يَداهمْ بالنُّضارِ بِلا وَزنِ
- تُعَيّرُني الأعداءُ بالبَينِ عَنهُمُ،
- وما كان حكمُ الدّهرِ بالبينِ عن إذني
- وتزعمُ أنّ الشِّعرَ أحنى فضائلي،
- وتُنكِرُ أفعالي، وقد علِمَتْ أنّي
- وقد شاهدتْ نثري ونظميَ في الوَغى ،
- لهامِ العِدى والنّحرِ بالضّرْبِ والطّعنِ
- وإن كان لَفظي يخرُقُ الحُجبَ وقعهُ
- ويدخُلُ أُذنَ السامعينَ بلا إذنِ
- ورُبّ جَسيمٍ منهُمُ، فإذا أتَى
- بنُطقٍ حمدتُ الصّمتَ من منطق اللُّكن
- ومستقبحٍ حتّى خبرتُ خِلالَهُ،
- فأيقنَ قلبي أنّهُ يوسفُ الحُسنِ
- فإن حَسدوا فَضلي وعابوا مَحاسِني،
- وذلكَ للتقصيرِ عنَها وللضِّغْنِ
- وتلكَ لعَمري كالنّجومِ زَواهرٌ،
- تقرُّ بها الحُسادُ رغماً على غَبنِ
- مَحاسِنُ لي من إرثِ آلِ مَحاسنٍ،
- وهَلْ ثَمَرٌ إلاّ على قَدَرِ الغُصن
- أظَلُّ وأُمسي راقدَ الجارِ ساهراً،
- سواميَ في خوفٍ وجاريَ في أمْنِ
- كأنّ كرَى عينيّ سيفُ ابنِ حمزة ٍ،
- إذا استُلّ يَوماً لا يَعُودُ إلى الجَفن
- فتًى لم تزَلْ أقلامُه وبنانُهُ،
- غذا نابَ جدبٌ، نائباتٍ عن المُزنِ
- ولوْ خَطّ صَرْفُ الدّهرِ طِرْساً لقصدِه
- لخطّ على العُنوانِ من عبدِهِ القِنِّ
- فتًى جلّ يوماً أن يُعَدّ بظالِمٍ
- لغَيرِ العِدى والمالِ والخَيلِ والبُدن
- ولاعُدّ يوماً في الأنام بغاصبٍ
- أعادَ الأعادي في الحُروبِ تَجارِباً،
- جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعِهنِ
- فإنْ فلّتِ الأيّامُ في الحَربِ حدَّهُ،
- فما زالَتِ الأيَامُ في أهلِها تجني
- وإنْ أكسبتني بالخطوبِ تجارباً،
- فقد وهبتْ أضعافَ ما أخذتْ منّي
المزيد...
العصور الأدبيه