الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> سفحَ المزاجُ على حميا الكاسِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- سفحَ المزاجُ على حميا الكاسِ،
- وسعى يطوفُ بها على الجلاسِ
- ساقٍ، فلو طرحَ المدامَ لأسكرتْ
- صَهباءَ فاترِ طرفِهِ النّعاسِ
- سكرانُ من خَمرِ الدّنانِ كأنّما
- عبثَ النسيمُ بقدهِ المياسِ
- سالَ العِذارُ على أسيلِ خُدودِهِ،
- فغَدا يُسَيّجُ وردَها بالآسِ
- ساوَى الرّفاقَ بشُربِها، حتى إذا
- ثملَ المديرُ، وغابَ رشدُ الحاسي
- سكنتْ مقرّ عقولهم، وتمكنتْ،
- فغَدَتْ توَسوِسُ في صُدورِ النّاسِ
- سفرتْ فكانتْ تحتَ جلبابِ الدجى ،
- تُغني عن المِصباحِ والمِقباسِ
- سلتْ عليها للمزاجِ صوارمٌ،
- لتروضَ منها الخلقَ بعدَ شماسِ
- سَلِّ النّفُوسَ بقَهَوة ٍ دَيرِيّة ٍ،
- كالشّمسِ تُشرِقُ في يَدِ الجُلاّسِ
- سمها، ولا تبخل، إذا تجلو بها
- خَوفاً منَ الإقتارِ والإفلاسِ
- سمح كفوفكَ في الشراءِ، فرأينا
- ثَقلُ الكؤوسِ وخفّة ُ الأكياسِ
- سابق إلى جناتِ عدنٍ قد بدتْ
- أزهارُها بغرائبِ خيرَ لباسِ
- سَكِرَتْ قدودُ غصونِها فتَرنّمَتْ
- ورقُ الحمامِ بأطيبِ الأنفاسِ
- سجَعَتْ، فخِلنا الطّوقَ في أعناقِها
- من ابنِ أرتُقَ في رِقابِ النّاسِ
- سلطانُ عدلٍ بل خليفة ُ منصبٍ،
- أحيَتْ مَناقبُهُ بَني العَبّاسِ
- سَقِمَتْ بهِ مُهَجُ العُداة ِ، وطالَما
- سَقِم الزّمانُ وكانَ نِعمَ الآسِي
- سيفٌ أعزّ الدّينَ بَعدَ هَوانِهِ،
- فبدتْ رسومُ ربوعهِ الأدراسِ
- سارتْ لخسفِ الأرضِ قبُّ جيادهِ،
- فأمَدّها مِن حِلمِهِ بِرَواسِ
- سهلُ الخلائقِ لينٌ عندَ الندى ،
- لكنهُ عندَ الشدائدِ عاسِ
- سبقتْ عطاياهُ السؤالَ، فمالهُ
- في مأتمٍ، والناسُ في أعراسِ
- سنّ المواهبَ، والجهادَ، فدهرهُ
- يومانِ: يومُ قرى ً ويومُ قراسِ
- سعيٌ أساسُ المجدِ منهُ ثابتٌ،
- والمَجدُ لا يُبنَى بغَيرِ أساس
- سَهَدتَ، نجمَ الدّينِ، طرفَكَ للعلى ،
- فحَفِظتَ دوحَتَها مِنَ الإيباسِ
- سُرّتْ بسَعِيكَ، واطمأنتْ أنفسٌ
- كانَتْ مِنَ الأيّامِ في وَسواسِ
- سَعِدَتْ بكَ الدّنيا، وعادَ نِفارُها،
- مِن بَعدِ وحشَتِها، إلى الإيناسِ
- سدْ في الأنامِ، فلا برحتَ مؤملاً
- تسوي الخَلائقَ في النّدى وتُواسِي
- سمحُ الأكفَ ترومُ نائلَك الوَرى ،
- وتخافكَ الآسادُ في الأخياسِ
- سَعدٌ أتاكَ من الإلَهِ مؤيَّد،
- فاخلُد، ودُمْ في نِعمَة ٍ وغِراسِ
المزيد...
العصور الأدبيه