الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> زوجَ الماءَ بابنة ِ العنقودِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- زوجَ الماءَ بابنة ِ العنقودِ،
- فانجَلَتْ في قَلائِدٍ وعُقودِ
- قُتِلَتْ بالمِزاجِ ظُلماً، فقالتْ:
- كم قَتيلٍ كما قُتِلتُ شَهيدِ
- طافَ يَسعَى بها أغنُّ حكَى ما
- في يديهِ بثغرهِ والخدودِ
- قربّ الكأس نحوَ عارضه الغضّ،
- فأبدى العتيقَ فضلُ الجديدِ
- فغدا التائبونَ منّا ندامَى ،
- والنّدامى في ظِلّ عَيشٍ رَغيدِ
- فصَلَينا لَظًى ، وأُزْلِفَتِ الجَنّة ُ
- للمتقينَ غيرَ بعيدِ
- أنا صَبٌّ قَضَتْ لهُ شِرعة ُ العِشقِ
- بألاّ يموتَ غيرَ شهيدِ
- فإذا ما نجوتُ من معركِ الألحاظِ
- لم أنجُ من كمينِ القدودِ
- كلذما أخلقَ التجلدُ وجدي
- جادَ داعي الهوى بوجدٍ جديدِ
- مثلَ أهلِ الجَحيمِ إن تُذهبِ النارُ
- جُلوداً تَبَدّلوا بجُلُودِ
- قَسَماً بالمَطيّ مثلَ الهَوادي،
- نَظَمَتها الحُداة ُ نَظمَ العُقودِ
- فهيَ طوراً قلائدُ القللِ الشمّ،
- وطَوراً وِشاحُ خَصرِ البِيدِ
- نكَبَتْ مَرتَعَ الشّآمِ وأمّتْ
- نحوَ مرعًى أحوى وظلٍّ مديدِ
- فإذا ما تَجاوزَتْ حَرّ حَرّانَ،
- أناخَتْ ببَردِ عينِ البَرودِ
- وتَغانَتْ بنَهرِ حَرزَمَ والغَرْ
- سينه عن نهرِ ثورة ٍ ويزيدِ
- لقد استَعصَمتْ بحِصِنٍ حَصينٍ،
- حينَ لاذتْ منها بركنٍ شديدِ
- وأناختْ بظلّ أبلَجَ رَحبِ الصّدرِ،
- نَزرِ الأقرانِ، جَمِّ الحَسودِ
- ساهرِ النّارِ، راقدِ الجارِ، رَحبِ الدّارِ
- حيِّ الأكنافِ، ميتِ الحقودِ
- بطولِ النجادِ، ضيق باع العُـ
- ـذرِ، سمحٍ، قصيرِ عُمرِ الوعودِ
- خيرِ أبناءِ أرتقَ الملكِ الصالحِ
- شمسِ الدّينِ الفريدِ الوحيدِ
- ملكٌ أنفدَ الذوابلَ بالنقلِ،
- وأفنى الصفاحَ بالتقليدِ
- حاملٌ من شَدائِدِ المُلكِ ما حُمّلَ
- قدماً سميُّهُ مِنْ ثمودِ
- من أناسٍ، إذا تمنعتِ العلياءُ
- كانوا منها كحَبلِ الوَريدِ
- عرَفوا الزّحفَ قبل معرِفة ِ القُمْطِ،
- وحلّوا السروجَ قبلَ المهودِ
- أيّها الماجدُ الذي حمَلَ الأثقالَ
- في طاعة ِ الحميدِ المجيدِ
- لا تكُنْ خائِفاً سِوى اللَّهِ شَيئاً،
- إنّها من شَواهِدِ التّوحيدِ
- فإذا زادَتِ الحَوادِثُ حَدّاً،
- كانَ نقصُ الكمالِ في المحدودِ
- كم جُموعٍ فَلّلتَها بحُسامٍ
- شرقِ الصفحتينِ ظامي الخدودِ
- فغدوا والرؤوسُ فوقَ صعادٍ،
- وجِسامُ الجُسومِ تحتَ الصّعيدِ
- يا إمامَ السّخا، وصِنوَ المَعالي،
- ونبيَّ الندَى ، وربَّ الجودِ
- نقدتك العلياءُ، غذا أعوزَ، الكفءُ لديها
- فكنتَ أغلى النقودِ
- فإذا آلُ أُرتُق حاولوا الفَخرَ
- بماضي الحُدودِ أو بالجُدودِ
- كنتَ ملقى العصا وواسطة َ العقد،
- وقُطبَ الرّجا وبيتَ القَصيدِ
- فلو أنّ الزمانض ينطِقُ يوماً،
- قالَ: هذا إنسانُ عَينِ الوُجودِ
- وإذا الدهرُ خطذ حولكَ طرساً،
- كانَ عنوانُهُ أقلّ العَبيدِ
- يا مليكاً، إذا عزيتَ لفخرٍ
- كانَ من برّهِ وجودي وجودي
- أنتَ علّمتَني التّجَرّي على الدّهرِ
- وفَتكي بكُل خَطبٍ شَديدِ
- فإذا ما أمرْتُ دَهري بأمرٍ
- خِلتُ أنّ الأيّامَ بَعضُ جُنودي
- وبكَ استعذبَ الملوكُ كلامي،
- ورعَوا حقّ حُرمتي وعُهودي
- فمِنَ الجَهلِ أن أرومَ أُجازِيكَ
- بمَعنى رِسالَة ٍ، أو قَصيد
- أو أصوغَ الأشعارض يومَ هناءٍ،
- يَشمَلُ المَلكَ، أو أُهَنّي بعيدِ
- غيرَ أنّ الإلهَ يجزيكَ، غذ لم
- يكُ غَيرَ الثّناءِ من مَجهودي
- فاستمعها بكراً حماها ضياءُ الحسّ
- منّي عن ظُلمَة ِ التعقيدِ
- هجَنتْ شعرَ كلّ مَن عقَدَ القافَ
- جَميعاً، لا جرولٍ ولَبيدِ
- وابقَ طولَ الزّمانِ تُفني وتُغني،
- وتُهَنّى بكلّ عيدٍ جَديدِ
المزيد...
العصور الأدبيه