قصائدصفي الدين الحلي



خَمِدَتْ لِفَضْلِ وِلادِكَ النّيرانُ،
صفي الدين الحلي



  • خَمِدَتْ لِفَضْلِ وِلادِكَ النّيرانُ،

  • وانشَقّ من فَرَحٍ بكَ الإيوانُ

  • وتزلزلَ النّادي، وأوجسَ خيفة ً

  • مِن هَولِ رؤياهُ أنوشِروانُ

  • فتأوّلَ الرؤيا سَطيحُ وبَشّرَتْ

  • بظُهورِكَ الرّهبانُ والكُهّانُ

  • وعليكَ إرميّا وشَعيا أثنَيا،

  • وهُما وحِزقيلٌ لفَضلِكَ دانُوا

  • بفضائلٍ شهدتْ بهنّ السحبُ والـ

  • ـتوراة ُ والإنجيلُ والفرقانُ

  • فوُضِعتَ للَّهِ المُهَيمِنِ ساجِداً،

  • واستبشرتْ بظهورِكَ الأكوانُ

  • متكملاً لم تنقطعْ لكَ سرة ٌ

  • شَرفاً، ولم يُطلَقْ علَيكَ خِتانُ

  • فرأتْ قصورُ الشّامِ آمنَة ً، وقد

  • وَضَعَتكَ لا تَخفى لها أركانُ

  • وأتتْ حليمة ُ وهي تنظرُ في ابنِها

  • سِرّاً تَحارُ لوَصفِهِ الأذهانُ

  • وغَدا ابنُ ذي يَزَنٍ ببَعثِكَ مُؤمِناً

  • سِرّاً ليَشهَدَ جَدَّكَ الدّيّانُ

  • شرحَ الإلهُ الصدرَ منكَ لأربعٍ،

  • فرأى المَلائكَ حَولَكَ الإخوانُ

  • وحبيتَ في خمسٍ بظلّ غمامة ٍ

  • لكَ في الهواجرِ جرمُها صيوانُ

  • ومَرَرتَ في سَبعٍ بدَيرٍ فانحَنَى

  • منهُ الجدارُ، وأسلمَ المطرانُ

  • وكَذاكَ في خَمسٍ وعشرينَ انثنى

  • نَسطورُ منكَ، وقَلبُهُ مَلآنُ

  • حتى كملتَ الأربعينَ، وأشرقتْ

  • شمسُ النبوة ِ، وانجلى التبيانُ

  • فرَمَتْ رجومُ النيراتِ رجيمَها،

  • وتَساقطتْ من خَوفِكَ الأوثانُ

  • والأرضُ فاحتْ بالسّلامِ عليكَ، والـ

  • ـأشجارُ، والأحجارُ، والكثبانُ

  • وأتَتْ مَفاتيحُ الكُنوزِ بأسرِها،

  • فنهاكَ عنها الزهدُ والعرفانُ

  • ونَظرتَ خلفَكَ كالإمامِ بخاتَمٍ

  • أضحَى لدَيهِ الشكُّ، وهوَ عِيانُ

  • وغدَتْ لكَ الأرضُ البسيطة ُ مَسجداً،

  • فالكلُّ منها للصلاة ِ مكانُ

  • ونُصِرْتَ بالرُّعبِ الشّديدِ على العِدى ،

  • ولكَ المَلائكُ في الوَغَى أعوانُ

  • وسعَى إليكَ فتى سلامَ مسلِّماً

  • طَوعاً، وجاءَ مُسَلِّماً سَلمانُ

  • وغدتْ تكلمُكَ الأباعرُ والظبا،

  • والضّبُّ والثّعبانُ والسِّرحانُ

  • والجِزعُ حَنّ إلى عُلاكَ مُسَلِّماً،

  • وببَطنِ كَفّكَ سَبّحَ الصّوّانُ

  • وهَوَى إلَيكَ العِذقُ ثمّ رَدَدتَهُ

  • في نَخلَة ٍ تُزهَى بهِ وتُزانُ

  • والدّوحَتانِ، وقد دَعوتَ، فأقبَلا

  • حتى تَلاقَتْ منهما الأغصانُ

  • وشكا إليكَ الجيشُ من ظمإِ بهِ،

  • فتَفَجّرَتْ بالماءِ منكَ بَنانُ

  • ورَدَدتَ عَينَ قَتادَة ٍ من بَعدِ ما

  • ذهبَتْ، فلَم يَنظُرْ بها إنسانُ

  • وحكَى ذِراعُ الشّاة ِ مُودَعَ سُمّه،

  • حتى كأنّ العُضوَ منهُ لِسانُ

  • وعَرَجتَ في ظَهرِ البُراقِ مُجاوِزَ الـ

  • ـسّبعِ الطباقِ كما يشا الرحمانُ

  • والبدرُ شقّ وأشرقتْ شمسُ الضّحى

  • بعدَ الغروبِ، وما بها نقصانُ

  • وفضيلة ٌ شهدَ الأنامُ بحقّها،

  • لايستطيعُ جحودَها إنسانُ

  • في الأرضِ ظِلّ اللَّهِ كنتَ، ولم يلُحْ

  • في الشّمسِ ظِلُّكَ إنْ حَواكَ مكانُ

  • نُسخَتْ بمَظهَرِكَ المَظاهرُ، بعدَما

  • نُسِختْ بملّة ِ دينِكَ الأديانُ

  • وعلى نُبُوّتِكَ المُعَظَّمِ قَدرُها،

  • قامَ الدليلُ، وأوضحَ البرهانُ

  • وبكَ استغاثَ الأنبياءُ جميعهمْ،

  • عندَ الشدائدِ، ربهمْ ليعانوا

  • أخذَ الإلهُ لكَ العهودَ عليهِمُ،

  • من قبلِ ما سمحتْ بكَ الأزمانُ

  • وبكَ استغاثَ اللهَ آدمق عندما

  • نُسِبَ الخِلافُ إليهِ والعِصيانُ

  • وبكَ التجا نوحٌ وقد ماجتْ بهِ

  • دُسْرُ السّفينَة ِ، إذْ طغَى الطّوفانُ

  • وبكَ اغتدى أيوبُ يسألُ ربَّهُ

  • كَشفَ البَلاءِ فزالَتِ الأحزانُ

  • وبكَ الخليلُ دعا الإلهَ، فلم يخفْ

  • نَمرودَ إذْ شُبّتْ له النّيرانُ

  • وبكَ اغتدى في السّجن يوسفُ سائلاً

  • رَبّ العِبادِ، وقَلبُهُ حَيرانُ

  • وبكَ الكليمُ غداة َ خاطبَ ربَّهُ

  • سألَ القبولَ، فعمَّهُ الإحسانُ

  • وبكَ استبانَ الحقُّ بعدَ خفائه،

  • حتى أطاعَكَ إنسُها والجانُ

  • ولوَ أنّني وفّيتُ وصفَكَ حقَّهُ،

  • فَنِيَ الكَلامُ وضاقَتِ الأوزانُ

  • فعلَيكَ من رَبّ السّلامِ سَلامُهُ،

  • والفَضلُ والبَركاتُ والرّضوانُ

  • وعلى صِراطِ الحقّ آلُكَ كلّما

  • هَبّ النّسيمُ، ومالَتِ الأغصانُ

  • وعلى ابنِ عمّكَ وارِثِ العِلمِ الذي

  • ذَلّتْ لسَطوَة ِ بأسِهِ الشّجعانُ

  • وأخيكَ في يومِ الغديرِ، وقد بدَا

  • نُورُ الهُدى وتآخَتِ الأقرانُ

  • وعلى صحابتكَ الذينَ تتبّعوا

  • طُرُقَ الهُدى ، فهَداهمُ الرّحمانُ

  • وشَرَوا بسَعيهِمُ الجِنانَ، وقد دَرَوا

  • أنّ النّفوسَ لبيعِها أثمانُ

  • يا خاتمَ الرّسلِ الكرامِ وفاتحَ الـ

  • ـنّعمِ الجِسامِ، ومَن لهُ الإحسانُ

  • أشكُو إليكَ ذنوبَ نَفسٍ هَفوُها

  • طبعٌ عليهِ رُكّبَ الإنسانُ

  • فاشفَعْ لعَبْدٍ شانَهُ عِصيانُهُ؛

  • إنّ العبيدَ يشينُها العِصيانُ

  • فَلكَ الشّفاعة ُ في مُحبّيكمْ، إذا

  • نصبَ الصراطُ، وعلقَ الميزانُ

  • فلقد تعرضَ للإجازة ِ طامِعاً

  • في أن يكونَ جزاءَهُ الغفرانُ



أعمال أخرى صفي الدين الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك