قصائدصفي الدين الحلي



خَطْبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أبكَمُ،
صفي الدين الحلي



  • خَطْبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أبكَمُ،

  • وهوًى طَريقُ الحَقّ فيهِ مُظلِمُ

  • وقَضيّة ٌ صَمَتَ القُضاة ُ تَرَفّعاً

  • عن فصلها، والخصمُ فيها يحكمُ

  • أمسَى الخَبيرُ بها يُسائِلُ: مَن لها،

  • فأجَبتُهُ، وحُشاشتي تَتَضرّمُ:

  • إن كنتَ ما تدري، فتلكَ مصيبة ً،

  • أو كنتَ تَدري، فالمُصيبَة ُ أعظَمُ

  • أشكو فيَعرِضُ عن مَقالي ضاحكاً،

  • والحرُّ يوجعهُ الكلامُ ويؤلمُ

  • ماذاكَ من فرطِ العياءِ، وإنّما

  • لِهَوَى القلوبِ سَريرَة ٌ لا تُعلَمُ

  • فلئِنْ عَلا رأسي المَشيبُ، فلم يكُنْ

  • كبراً، ولكنّ الحوادثَ تهرمُ

  • فالله يَحرُسُ ماردينَ، فإنها

  • بلَدٌ يَلَذُ بها الغَريبُ ويَنعَمُ

  • أرضٌ بها يسطو على الليثِ الطلا،

  • ويعوثُ في غابِ الهزبرِ الأرقمُ

  • حالتْ بها الأشياءُ عن عاداتها،

  • فالخيلُ تنهقُ، والحميرُ تحمحمُ

  • يجني بها الجاني، فإنْ ظَفِروا بهِ

  • يوماً، يُحَلَّفُ بالطّلاقِ ويُرحَمُ

  • شَرْطُ الوُلاة ِ بها بأنْ يَمْضي الَّذي

  • يَمْضي، ويَسْلَمُ عِنْدَهُمْ ما يَسْلَمُ

  • لا كالشآمِ، فإنّ شرطَ ولاتِها:

  • اللصُّ يجني، والمقدَّمُ يغرمُ

  • ومُعَنِّفٍ في الظّنّ قلتُ له: اتّئِدْ،

  • فأَقصِرْ، فبَعضُ الغَيبِ غَيبٌ يُعلَمُ

  • من أينَ يدري اللصُّ أنّ دراهمي

  • لم يبقَ منها في الخزانة ِ درهمُ؟

  • صَبَروا، ومالي في البيوتِ مُقَسَّمٌ،

  • حتى إذا اكتملَ الجميعُ تسلمّوا

  • يا أيها الملكُ الذي في عصرِهِ

  • كُلُّ المُلوكِ لعَدلِهِ تَتَعَلّمُ

  • لا تطمعنّ ذوي الفسادِ بتركهم،

  • فالنذلُ تطغَى نفسهُ إذْ تكرمُ

  • إن كانَ من مراراً لم يخفْ

  • قَطعاً، فلا أدري على ما يَندَمُ

  • أيَجوزُ أنْ تَخفَى علَيكَ قَضِيّتي،

  • والنّاسُ في مُضَرٍ بها تَتَكَلّمُ

  • فإذا شكَوتُ، يقالُ لم يَذهَبْ لهُ

  • مالٌ، ولكنْ ظالِمٌ يتَظَلّمُ

  • أيَجوزُ أنْ يُمسي السّقيمُ مُبَرّأً

  • منها، وصِبيانُ المَكاتِبِ تُتْهَمُ

  • وأُجيلُ عَيني في الحبوسِ فلا أرى

  • إلاّ ابنَ جاري، أو غلاماً يخدمُ

  • أيزارُ في بابِ البويرة ِ راهبٌ

  • ليلاً، فيدري في الصباحِ ويعلمُ

  • وتزفُّ داري بالشموعِ جماعة ٌ

  • غُلبٌ، فيُستَرُ عن عُلاكَ ويُكتَمُ

  • قومٌ لهمْ ظهرٌ شديدٌ مانعٌ،

  • كُلٌّ بهِ يَدري على ما يُقدِمُ

  • لا يَحفِلونَ، وقد أحاطَ عديدُهم

  • بالدّارِ، أيقاظٌ بها أو نُوّمُ

  • إن يَظفَروا فتَكوا، وإنْ يُظفَرْ بهِم،

  • كلٌّ عليهِ ينابُ أويستخدمُ

  • فأقِمْ حدودَ اللَّهِ فيهِم، إنّهمْ

  • وثقوا بأنكَ راحمٌ لا تنقمُ

  • إن كنتَ تخشى أن تعدّ بظالمٍ

  • لهمُ، فإنّكَ للرّعيّة ِ أظلَمُ

  • فالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلّة ٌ،

  • والبَغْيُ جُرْحٌ، والسّياسة ُ مَرهَمُ

  • بالبَطِش تَمّ المُلكُ لابنِ مَراجِلٍ،

  • وتأخّرَ ابنُ زُبَيدَة َ المُتَقَدِّمُ

  • وعَنَتْ لمُعتصِم الرّقابُ ببأسِه،

  • ودهى العبادَ بلينهِ المستعصمُ

  • ما رتبَ اللهُ الحدودَ، وقصدهُ،

  • في النّاس، أن يَرَعى المُسيءَ ويَرحَمُ

  • لو شاءَ قال: دَعوا القِصاصَ، ولم يقلْ

  • بل في القصاصِ لكم حياة ٌ تنعمُ

  • إن كانَ تَعطيلُ الحُدودِ لرَحمَة ٍ،

  • فاللهُ أرأفُ بالعبادِ وأرحمُ

  • فاجزِ المُسيءَ، كما جَزاهُ بفِعلِهِ،

  • واحكمْ بما قد كانَ ربكَ يحكمُ

  • عقرتْ ثمودُ لهُ قديماً ناقة ً،

  • وهو الغنيّ، عن الورى ، والمنعمُ

  • فأذاقَهمْ سَوطَ العَذابِ، وإنّهمْ

  • بالرجزِ يخسفُ أرضهمْ ويدمدمُ

  • وكَذاكَ خَيرُ المُرسَلِينَ مُحَمّدٌ،

  • وهوَ الذي في حكمِهِ لا يظلمُ

  • لمّا أتَوهُ بعُصبَة ٍ سَرقوا لهُ

  • إبلاً من الصدقاتِ، وهو مصممُ

  • لم يَعفُ بل قَطَعَ الأكُفّ وأرجُلاً

  • من بَعدِ ما سَمَلَ النّواظِرَ منهُمُ

  • ورماهمُ من بعدِ ذاكَ بحرة ٍ،

  • نارُ الهَواجرِ فوقَها تتَضرّمُ

  • ورجا أناسٌ أن يرقّ عليهمُ،

  • فأبَى ، وقال: كذا يجازي المجرمُ

  • وكذا فتى الخطابِ قادَ بلطمة ٍ

  • ملكاً لغسانٍ، أبوهُ الأيهمُ

  • فشكا، وقالَ له: أتلطمُ سوقة ٌ

  • مَلِكاً؟ فقال: أجَل وأنفُك مُرغَمُ

  • هذي حدودُ اللهِ من يخللْ بها،

  • فجزاؤهُ، يومَ المعادِ، جهنمُ

  • وانظرْ لقولِ ابنِ الحسينِ وقد رأى

  • حالاً يشقُّ على الأبيّ ويعظمُ

  • لا يَسلَمُ الشرَفُ الرّفيعُ من الأذى ،

  • حتى يراقَ على جوانبِهِ الدمُ

  • هذا فَعالُ اللَّهِ، ثمّ نَبيّهِ،

  • والصحبُ والشعراءُ، فيما نظموا

  • فافتُكْ بهمْ فَتكَ المُلوكِ، ولا تَلِنْ

  • فيصحَّ ما قالَ السوادُ الأعظمُ

  • واعذِرْ مُحِبّاً لم يُسىء ْ بقَريضِهِ،

  • أدباً، ولكنّ الضرورة َ تحكمُ

  • واللهِ ما أسفي على مالٍ مضَى ،

  • إلاّ على استِلزامِ بُعدي عنكُمُ

  • فالمالُ مكتسبٌ على طولِ المدى ،

  • والذكرُ ينجدُ في البلادِ ويتهمُ

  • هَذي العِبارَة ُ للمُحَقِّقِ عِبرَة ٌ،

  • واللَّهُ أعلَمُ بالصّوابِ وأحكَمُ



أعمال أخرى صفي الدين الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط