قصائدصفي الدين الحلي



خلعَ الربيعُ على غصونِ البانِ
صفي الدين الحلي



  • خلعَ الربيعُ على غصونِ البانِ

  • حللاً، فواضلها على الكثبانِ

  • ونمتْ فروعُ الدوحِ حتى صافحتْ

  • كفلَ الكثيبِ ذوائبُ الأغصانِ

  • وتتوجتْ بسطُ الرياضِ، فزهرها

  • خدَّ الرياضِ شقائقُ النعمانِ

  • وتنوعتُ بسطُ الرياضِ، فزهرُها

  • متباينٌ الأشكالِ والألوانِ

  • مِن أبيَضٍ يَقَقٍ وأصفَرَ فاقِعٍ،

  • أو أزرَقٍ صافٍ، وأحمَرَ قاني

  • والظلُّ يسرقُ في الخمائلِ خطوهُ،

  • والغُصنُ يَخطِرُ خِطرَة َ النَّشوانِ

  • وكأنما الأغصانُ سوقُ رواقصٍن

  • قَد قُيّدَتْ بسَلاسِلِ الرَّيحانِ

  • والشمسُ تنظرُ من خلالِ فروعها،

  • نحوَ الحدائقِ نظرة َ الغيرانِ

  • والطلعُ في خلبِ الكمامِ كأنهُ

  • حللٌ تفتقُ عن نحورِ غوانِ

  • والأرضُ تَعجبُ كيفَ نضحكُ والحيا

  • يبكي بدمعٍ دائمِ الهملانِ

  • حتى إذا افترتْ مباسمُ زهرِها،

  • وبَكى السّحابُ بمَدمَعٍ هَتّانِ

  • ظلتْ حدائقهُ تعاتبُ جونهُ،

  • فأجابَ معتذراً بغيرِ لسانِ

  • طفحَ السرورُ عليّ حتى إنهُ

  • مِن عِظمِ ما قَد سَرّني أبكاني

  • فاصرفْ همومكَ بالربيعِ وفصلهِ،

  • إنّ الرّبيعَ هوَ الشّبابُ الّثاني

  • إنّي، وقد صفَتِ المياهُ وزُخرفَتْ

  • جَنّاتُ مِصرَ وأشرَقَ الهَرَمانِ

  • واخضرّ واديها وحدقَ زهرُهُ

  • والنِّيلُ فيهِ كَكوثَرٍ بِجنانِ

  • وبهِ الجواري المنشآتُ كأنّها

  • أعلامُ بيدٍ، أو فروعُ قنانِ

  • نهضتْ بأجنحة ِ القلوعِ كأنّها

  • عندَ المَسيرِ تَهُمُّ بالطّيَرانِ

  • والماءُ يسرعُ في التدفقِ كلما

  • عجلتْ عليهِ يدُ النسيمِ الواني

  • طوراص كأسنمة ِ القلاصِ، وتارة ً

  • مُتَفَتِّلٌ كأكارِعِ الغِزلانِ

  • حتى إذا كسرَ الخليجُ، وقسمتْ

  • أمواهُ لُجّتِهِ على الخُلجانِ

  • ساوَى البلادَ كما تُساوي في النّدى

  • بينَ الأنامِ مواهبُ السلطانِ

  • النّاصرُ المَلِكُ الذي في عَصرِهِ

  • شكرَ الظباءُ صنيعة َ السرحانِ

  • ملكٌ، إذا اكتحلَ الملوك بنورهِ

  • خَرّوا لهيبَتِهِ إلى الأذقانِ

  • وإذا جَرى بينَ الوَرى ذكرُ اسمِهِ،

  • تغنيهِ شهرتُهُ عن ابنِ فلانِ

  • من معشرٍ خزنوا الثناءَ وقطعوا

  • بغِنا النُّضارِ جَوائزَ الخُزّانِ

  • قومٌ يَرونَ المَنّ عندَ عَطائِهِمْ

  • شركاً بوصفِ الواحدِ المنانِ

  • الموقدو تحتَ المراجلِ للقِرى

  • فضَلاتِ ما حَطَمُوا مِنَ المُرّانِ

  • إنْ أخرَسَتْ فِلَذُ العَقيرِ كلابَهمْ

  • دعوُا الضيوفَ بألسنِ النيرانِ

  • أسدٌ روتْ يومَ الهياجِ أكفهمْ

  • بدَمِ الأُسودِ ثَعالِبَ الخِرصانِ

  • قصفوا القنا في صدرِ كلّ مدرَّعٍ،

  • والبيضَ في الأبدانِ والأبدانِ

  • قد عَزّ دِينُ مُحمّدٍ بسمِيّهِ،

  • وسما بنصرتِهِ، على الأديانِ

  • مَلِكٌ تَعَبّدَتِ المُلوكُ لأمرِهِ،

  • وكذاكَ دولَة ُ كلّ رَبّ قِرانِ

  • وافى ، وقد عادَ السماحُ وأهلُهُ

  • رِمَماً، فكانَ لَهُ المَسيحَ الثّاني

  • فالطيرُ تلجأُ لأنها

  • بنداهُ لم تأمنْ منَ الطوفانِ

  • لاعيبَ في نعماهُ إلاّ أنها

  • يسلو الغريبُ بها عنِ الأوطانِ

  • شاهَدتُهُ، فشَهدتُ لُقمانَ الحِجى ،

  • ونظرتُ كِسرى العَدلِ في الإيوانِ

  • ورأيتُ منهُ سَماحَة ً وفَصاحة ً

  • أعدَى بفَيضِهِما يَدي ولِساني

  • يا ذا الذي شغلَ الزمانَ بنفسهِ،

  • فأصَمّ سَمعَ طَوارِقِ الحِدثانِ

  • لو يكتبُ اسمكَ بالصوارم والقنا

  • أغنَى عنِ التضرابِ والتطعانِ

  • وكتيبَة ٌ ضرَبَ العَجاجُ رِواقَها

  • من فَوقِ أعمِدَة ِ القَنا المُرّانِ

  • نسجَ الغبارُ على الجيادِ مدارِعاً

  • موصولة ً بمدارعِ الفرسانِ

  • ودَمٌ بأذيالِ الدروعِ كأنّهُ،

  • حولَ الغديرِ، شقائقُ النعمانِ

  • حتى إذا استعرَ الوغَى وتتبعتْ

  • بيضُ الصفاحِ مكامنَ الأضغانِ

  • فعلتْ دروعكَ عندها بسيوفهمْ،

  • فِعلَ السّرابِ بمُهجَة ِ الظّمآنِ

  • وبرزتَ تلفظكَ الصفوفُ إليهمُ

  • لَفظَ الزّنادِ سَواطِعَ النّيرانِ

  • بأقَبّ يَعصي الكَفَّ ثمّ يُطيعُهُ،

  • فتَراهُ بَينَ تَسرّعٍ وتَوانِ

  • قد أكسَبتْهُ رِياضَة ً سُوّاسُهُ،

  • فتكادُ تركضهُ بغيرِ عنانِ

  • كالصقرِ في الطيرانِ، والطاووسِ في الـ

  • ـخَطَرانِ، والخَطّافِ في الرَّوغانِ

  • يَرنو إلى حُبُكِ السّماءِ تَوَهّماً

  • لمشَى عليهِ مشية َ السرطانِ

  • وفللتَ حدَّ جموعهمْ بصوارمٍ،

  • ككراكَ، نافرة ٍ عن الأجفانِ

  • ضلتْ فظنتْ في مقارعة ِ العدى

  • أنّ الغُمودَ مَعاقدُ التّيجانِ

  • صَيّرْتَ هاماتِ الكُماة ِ صَوامِعاً،

  • وكواسرَ العقبانِ كالرهبانِ

  • يا ذا الذي خطبَ المديحَ سماحهُ،

  • فنَداهُ قَبلَ نِدايَ قَد لَبّاني

  • أقصَيتَني بالجُودِ ثمّ دَعَوتَني،

  • فنَدَاكَ أبعَدَني، وإنْ أدناني

  • ضاعَفتَ بِرّكَ لي، ولو لم تُولِني

  • إلا القبولَ عطية ً لكفاني

  • فنأيتُ عنكَ، ولستُ أولَ حازمٍ

  • خافَ النّزولَ بمَهبِطِ الطُّوفانِ

  • علمي بصرفِ الدهرِ أخلى معهدي

  • منّي، وصرفَ في البلادِ عناني

  • ولربما طلبَ الحريصُ زيادة ً،

  • فغَدَتْ مُؤدّيَة ً إلى النّقصانِ

  • فَلَئِنْ رَحَلتُ، فقد تَركتُ بَدائِعاً

  • غصبتْ فصولَ الحكمِ من لقمانِ

  • وخريدة ً هيَ في الجمالِ فريدة ٌ،

  • فهيَ الغَريبَة ُ وهيَ في الأوطانِ

  • مُعتادَة ً تَهَبُ الخَليلَ صَداقَها،

  • فخراً على الأكفاءِ والأقرانِ

  • لاعيبَ فيها، وهو شاهدُ حسنِها،

  • إلاّ تَبَرّجَها بكلّ مَكَانِ

  • قَلّتْ، وإنْ حَلّتْ صَنائِعَ لَفظِها

  • لكم، وإنْ نطقتْ بسحر بيانِ

  • فجميلُ صنعكمُ أجلُّ صنائعاً،

  • وبديعُ فضلكمُ أدقُّ معانِ



أعمال أخرى صفي الدين الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه

اخطر 20 صورة سيلفي في العالم

اخطر 20 صورة سيلفي في العالم



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك