الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> تشاركَ الشمُّ والذوقُ واللمسُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
تشاركَ الشمُّ والذوقُ واللمسُ،
صفي الدين الحلي
- تشاركَ الشمُّ والذوقُ واللمسُ،
- ومَرّ على الأسماعِ من صَبّها جَرسُ
- ولاحَ للحظِ الصحبِ ساطعُ نورِها،
- فقد أُشرِكتْ فيها حَواسهمُ الخَمسُ
- رَبيبَة ُ دَيرٍ لَيسَ تُرفَعُ حُجبُها،
- إذا سامَها الشماسُ عوذها القسّ
- دعَوتُ لها خِلاًّ من الدّيرِ صالحاً،
- رقيقَ الحواشي لا بطيءٌ ولا نكسُ
- فجاءَ برَيحانيّة ٍ كَهرَبيّة ٍ،
- تُخالُ على كَفّ النّديمِ بها وَرسُ
- براحٍ، إذا حقّقتَ طَردَ حروفِها،
- غدا طَبعُها في الكيفِ، وهوَ لها عكسُ
- تفوقُ جميعَ المسكراتِ بأصلِها،
- فقد طابَ منها الفصلُ والنوعُ والجنسُ
- تُوَلِّدُ ما بينَ القُلوبِ مَوَدّة ٌ،
- وتحدثُ أنساً ليسَ في محضه وكسُ
- ا قاتِلٌ حَيّا بها ابنَ قَتيلِهِ،
- تولّدَ منها بينَ قلبيهِما الأنسُ
- إذا ما درى إبليسُ ما في طِباعِها،
- من السرّ، قال الجنّ: نفديك يا إنسُ
- لو علمتْ أهلُ المدارسِ قدرِها،
- جَلَتْ كأسَها في موضع يُذكرُ الدّرسُ
- ولو رشفَ الرعديدُ فاضلَ كأسِها،
- على ضعفهِ، ظنتهُ عنترها عبسُ
- ولمّا قتلناها بسيفِ مزاجِها،
- فبردَ منها الحرُّ، واعتدلَ اليبسُ
- أقامَتْ لها الأطيارُ في الدَّوحِ مأتَماً،
- بهِ للنّدامَى من سرورِهِمِ عُرسُ
- وقامَتْ لها الحرباءُ من كلّ مرقَبٍ
- تُطالعُها، لا تَهزَئي إنّها الشّمسُ
- وباتَ يُعاطينا سُلافاً كأنّها
- هيَ النارُ لكن يستطاعُ لها لمسُ
- بكأسٍ لها أشخاصُ كسرى وقَيصرٍ،
- وقد أحدقتْ من حولها الرومُ والفرسُ
- فلو لبثتْ في كأسها عمرَ ساعة ٍ،
- إذاً نَطَقتْ من سرّها الصّوَرُ الخُرسُ
- ولمّا استحالتْ نشوة ُ الكأسِ سكرة ً
- إذا ماتَ منها العقلُ تنتعشُ النفسُ
- وهَبتُ لها كَهلاً من العَقلِ وافراً،
- فكان لديها النّصفُ والثّلثُ والسّدسُ
- يقولونَ لي جهلاً: متى تتركُ الطلا،
- فقلتُ: إذا ما عادَ من فَوتِهِ أمسُ
- وكيفَ اطراحي للمدامِ، وفضلُها
- جليٌّ، على الأبصارِ ليسَ به لبسُ
- فَما سادِرٌ في السّكرِ إلاَّ كَحاتِمٍ،
- وما باقِلٌ إلاَّ إذا ذاقَها قَسّ
المزيد...
العصور الأدبيه