الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ،
- وانفجعَ العلمُ فيكَ والعلمُ
- وضَجّتِ الأرضُ، فالعِبادُ بها
- لاطِمَة ٌ، والبِلادُ تَلتَطِمُ
- تُظهِرُ أحزانَها على ملكٍ،
- جُلُّ ملوكِ الوَرَى لهُ خَدَمُ
- أبلجُ، غضُّ الشبابِ، مقتبلُ العمـ
- ـرِ، ولكِنّ مَجدَهُ هَرِمُ
- محكمق في الورى ، وآملهُ
- يَحكُمُ في مالِهِ ويَحتَكِمُ
- يجتمعُ المجدُ والثناءُ لهُ،
- ومالُهُ، في الوُفودِ، يُقتَسَمُ
- قد سَئِمتْ جُودَهُ الأنامُ، ولا
- يلقاهُ، من بذلهِ الندى ، سأمُ
- ما عرفتْ منهُ لا، ولا نعمٌ،
- بل دونهنّ الآلاءُ والنِّعَمُ
- الواهبُ الألفِ، وهوَ مُبتَسِمٌ،
- والقاتلُ الألفِ، وهوَ مقتحمُ
- مبتسمٌ والكماة ُ عابسة ٌ،
- وعابِسٌ، والسّيوفُ تَبتَسِمُ
- يَستَصغِرُ العَضبَ أن يَصولَ به
- إنْ لم تجردْ من قبلهِ الهممُ
- ويستخفّ القناة َ يحملُها،
- كأنّها في يمنه قلمُ
- لم يَعلَمِ العالمونَ ما فَقَدوا
- منهُ، ولا الأقرَبونَ ما عَدِمُوا
- ما فَقدُ فَردٍ من الأنامِ، كمَنْ
- إنْ ماتَ ماتتْ لفقدِهِ أممُ
- والنّاسُ كالعَينِ إن نَقَدتَهُمُ،
- تَفاوَتَتْ عندَ نَقدِكَ القِيَمُ
- يا طالبَ الجودِ قد قضى عمرٌ،
- فكلُّ جودٍ وجودهُ عدمُ
- ويا مُنادي النّدى ليدركَهُ!
- أقصِرْ، فَفي مَسمعِ النّدى صَمَمُ
- مضَى الذي كانَ للأنامِ أباً،
- فاليومَ كلُّ الأنامِ قد يتموا
- وسارَ فوقَ الرقابِ مطرحاً،
- وحَولَهُ الصافناتُ تَزدَحِمُ
- مقلباتِ السروجِ شاخصة ٌ،
- لها زَفيرٌ ذابتْ بهِ اللُّجُمُ
- وحلّ داراً ضاقتْ بساكنِها،
- ودونَ أدنَى دِيارِهِ إرَمُ
- كأنّهُ لم يَطُلْ إلى رُتَبٍ،
- تقصرُ من دونِ نيلها الهممُ
- ولم يمهدْ للملكِ قاعدة ً
- بها عُيُون العُقولِ تَحتَلِمُ
- ولم تُقَبِّلْ لهُ المُلوكُ يَداً
- تَرغَبُ في سِلمِها، فتَستَلِمُ
- ولم يقد للحروبِ أسدَ وغى ً،
- تَسري بها من رِماحِها أجَمُ
- ولم يصلْ والخميسُ مرتكبٌ
- عُبابُهُ، والعَجاجُ مُرتَكِمُ
- أينَ الذي كانَ للوَرى سَنَداً،
- ورحبُ أكنافِهِ لها حَرَمُ
- أينَ الذي إنْ سرَى إلى بلَدٍ
- لا ظُلمَ يَبقى به، ولا ظُلَمُ
- أين الذي يَحفَظُ الذّمامَ لَنا
- إنْ خفرتْ عندَ غيرهِ الذممُ
- يا ناصرَ الدّينِ، وابنَ ناصِرِهِ،
- ومن بهِ في الخطوبِ يعتصمُ
- وصاحبَ الرّتبَة ِ التي وَطِئَتْ
- لها على هامَة ِ السّهَى قَدَمُ
- تُثني علَيكَ الوَرى ، وما شهِدوا
- من السجايا إلاّ بما علموا
- يبكيكَ مألوفكَ التقَى أسفاً،
- وصاحباكَ العَفافُ والكَرَمُ
- لم يَشقَ يوماً بكَ الجَليسُ، ولا
- مسّ نداماكَ عندكَ الندَمُ
- أغنيتني بالودادِ عن نسبي،
- كأنّما الودّ بَينَنا رَحِمُ
- لولا التسلي بمن تركتَ لنا
- ألَمّ بي من تَدَلُّهي لَمَمُ
- وفي بقاءِ السلطانِ تسلية ٌ
- لكلّ قلبٍ بالحزنِ يضطرمُ
- المَلِكُ الصّالحُ الذي ظَهَرَتْ
- منهُ السجايا، وطابتِ الشيمُ
- لا زالَ يُغني الزّمانَ في دَعَة ٍ،
- والذكرُ عالٍ، والملكُ منتظمُ
المزيد...
العصور الأدبيه