الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> إني ليطربني العذولُ، فأنثني، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
- فيظنُّ عن هواكم أنثني
- ويلذُّ لي تذكارُكم، فأعيرُه
- أُذناً لغيرِ حديثِكم لم تأذَنِ
- وأقولُ للاحي الملحّ بذكرِكم:
- زدني، لعمرُ أبيك، قد أطربتني
- أسكَرتَني بسُلافِ ذكرِ أحبّتي،
- يا مُترِعَ الكاساتِ، فاملأ واسقنِي
- يا ساكِني جَيرونَ جُرتم في الهوى ،
- الجورُ شرُّ خلائقِ المتمكنِ
- وسمعتمُ قولَ الوشاة ِ، وإنّه
- ظنٌّ رميتُ بهِ بغيرِ تيقنِ
- أيسومُ إشراكي بدينِ هواكمُ
- مَن لَيسَ في شرعِ الغَرامِ بمؤمنِ
- يا عاذلي إنْ كنتَ تجهلُ ما الهوَى ،
- فانظُرْ ظِباءَ التُّركِ كيفَ تركنني
- واعجبْ لأعينهنَّ كيفَ أسرنني
- من مَعشري وأخَذَننَي من مأمني
- بيضُ الطُّلى سمرُ القدودِ نواصعُ الـ
- وَجَناتِ حمرُ الحَلي سودُ الأعينِ
- ومن كلِّ فاضحة ِ الجبينِ كأنّها
- شمسُ النارِ بدتْ بليلٍ أدكنِ
- يسمو لها كحلٌ بغيرِ تكحلِ،
- ويزينُها حسنٌ بغبرِ تحسنِ
- ومضعف الأجفانِ فوقَ لحظَه
- نبلاً على بعدِ المدى لم يخطبني
- إن قلتُ: مِلتَ على المُتَيَّمِ، قال لي:
- أرأيتَ غصناً لا يميلُ وينثني
- أو قلتُ: أتلفتَ الفؤادَ، أجابني:
- دعني، فما أخربتُ إلاّ مسكني
- أو قلتُ: يا دنيايَ، قال: فإن أكن
- دنياكَ لمْ أنكرتَ فرطَ تلوني
- لم أنسَ إذ نادمتهُ في ليلة ٍ
- عدلَ الزمانُ بمثلها لم يمننِ
- والرّاحُ تبذلُ في الكؤوسِ كأنّها
- لَفظٌ تَلجلَجَ من لسانٍ ألكَنِ
- حتى إذا ما السكرُ ثقلَ عطفَه
- كسلاً، وسكنَ منهُ ما لم يسكنِ
- عاجلتُه حَذَراً عليهِ من الرّدى ،
- عجلَ الجفونِ إلى حفاظِ الأعينِ
- وضمَمتُه من غيرِ موضِعِ رِيبَة ٍ،
- وأطعتُ فيهِ تعففي وتديني
- نحنُ الذينَ أتَى الكتابُ مخبراً
- بعفافِ أنفسنا وفسقِ الألسنِ
- وكَذاكَ لا أنفَكُّ أُلقي مِقوَدي
- طوعَ الهوى ، وأعفُّ عند تمكّني
- فإذا أقمتُ جعلتُ أنباءَ العُلى
- سكَني، وأبنَية َ المَعالي مَسكَني
- وإذا رحلتُ، فجنتي أجم القنا،
- وعلى متونِ الصافناتِ تحصني
- ولكم ألفتُ الإغترابَ، فلم يزلْ
- جوادُ ابنِ أرتقَ في التغربِ موطني
- الصالحُ الملكُ الذي إنعامهُ
- كَنزُ الفَقيرِ، وطَوقُ جيد المُغتني
- ملكٌ يريكَ، إذا خطبتَ سماحه،
- عذرَن المسيءِ وجودَ كفّ المحسنِ
- متألقٌ، متدفقٌ، مترفقٌ،
- للمجتلي، والمجتدي، والمجتني
- بفضائلٍ، وفواضلٍ، وشمائلٍ
- قَيدُ الخَواطرِ والثّنا والأعيُنِ
- فإذا تَبَدّى كانَ قيدَ عيونِنا؛
- وإذا تلَفّظَ كانَ قيدَ الألسُنِ
- يُرجى ويُخشَى جودُه ونَكالُه،
- في يومِ مكرمة ٍ وخطبٍ مزمنِ
- كالبَحرِ يُرغَبُ في جواهرِ لُجّهِ
- عندَ الورودِ، وهولهُ لم يؤمنِ
- يا طالباً منا حدودَ صفاتِه،
- أتعبتنا بطلابِ ما لم يمكنِ
- يا أيها الملكُ الذي في حربهِ
- بالعزمِ عن حدّ الصوارمِ يغتني
- لو أنّ رأيكَ للدجنة ِ لم تحلْ
- صِبغاً، وللحِرباءِ لم تَتَلوّنِ
- فإذا هززتَ الرمحَ نكسَ رأسهُ،
- وأجابَ: ها إنّي كما عودتني
- وإذا سألتَ السيفَ قال فرندُه:
- لا علمَ لي إلاّ الذي علمتني
- هذي يَمينُكَ والوغى ومَضاربي
- ودَمُ الفَوارِسِ والظّما بي فاسقني
- يا مَن رَماني عن قِسيّ سَماحِهِ
- بسهامِ أنعمهِ التي لم تخطني
- أغرَقتَني بالجُودِ مع سَأمي لهُ
- رداً عليّ، فكيفَ لو قلتُ: اعطني
- يعتادُني بالشامِ بركَ واصلاً،
- طَوراً، وطَوراً في بِلادِ الأرمَنِ
- ويَزورُني في غيبَتي، ويَحوطُني
- في أوبتي، ويعودني في موطني
- أتعبتني بالشكرِ أعجزَ طاقتي،
- وظننتَ أنكَ بالنوالِ أرحتني
- أخفيتَ بركَ لي، فأعلنَ منطقي،
- لا يشكرُ النعماءَ من لم يعلنِ
- شَهدتْ علومُكَ أنّني لك وامقٌ،
- واللَّهُ يَعَلَمُ والأنامُ بأنّني
- وعرفتُ رأيكَ بي، فلو كشفّ الغطا
- عن حالة ٍ ما ازدادَ فيكَ تيقني
- عودتني صفوَ الودادِ، فعدْ به،
- واصبِرْ لعادَتكَ التي عَوّدتَني
- واعذِرْ مُحبّاً حبُّه لعُلاكُمُ
- طبعٌ، وصفو ودادِه من معدنِ
- يعو لدولتكَ الشريفة ِ مخلصاً،
- والناسُ بينَ مؤملٍ ومؤمنِ
المزيد...
العصور الأدبيه