الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن دارج القسطلي >> ما أحسن الصبر فيما يحسن الجزع >>
قصائدابن دارج القسطلي
- ما أحسن الصبر فيما يحسن الجزع
- وأوجد اليأس ما قد أعدم الطمع
- وللمنايا سهام غير طائشة
- وذو النهى بجميل الصبر مدرع
- فإن خلت للأسى في شجوها سنن
- فطالما أحمدت في كظمها البدع
- وللفجائع أقدار وأفجعها
- للنفس حيث ترى أظفارها تقع
- كأن للموت فينا ثأر محتكم
- فما بغير الكريم الحر يقتنع
- قد خبرت نفس إسماعيل في يده
- أن ليس عن حرمات المجد يرتدع
- فاحتسبوا آل اسماعيل ما احتسبت
- شم الربى من غمام الغيث ينقشع
- واحتسبوا آلا إسماعيل ما احتسبت
- خيل الوغى من لواء الجيش ينصرع
- ماذا إلى مصر من بر ومن كرم
- بعثتم مع وفد الله إذ رجعوا
- حجوا به بهلال الفطر وانقلبوا
- فاستودعوه ثرى مصر وما ربعوا
- فأي قدر رفيع حان محله
- في النعش يوما على أكتافهم رفعوا
- وأي مختشع لله متضع
- حر الشمائل في حر الثرى وضعوا
- وغادروه ولا عذر بما فعلوا
- وودعوه ولا باك لمن ودعوا
- تغدو عليه حمام الأيك باكية
- وتستهل على أكنافه القلع
- والريح تهدي له من كل عارفة
- عرفا وتحمل عنه فوق ما تدع
- فاستشعروا آل إسماعيل تعزية
- يهدى لها واعظ منكم ومستمع
- فإن غدا شعبكم في الله مفترقا
- فإن شعبكم في المجد مجتمع
- وإن يصدع قلوبا صدع شملكم
- فالصبر كالشمس حيث الفجر ينصدع
- وإن جزعتم فرزء لا يقوم له
- فيض الدموع ولا يشفى له وجع
- وإن صبرتم فمن قوم إذا بعثوا
- لم يوه عزمهم ذعر ولا فزع
- قد وطنوا أنفسا للدهر ليس لها
- إلا من الذم أن يدنو لها جزع
- كأنهم في نعيم العيش ما نعموا
- وفي الفجائع بالأحباب ما فجعوا
- لله من حرم الأموال ما بذلوا
- جودا ومن حرم الجيران ما منعوا
- وما كسوكم من المجد الذي لبسوا
- واستحفظوكم من الصبر الذي شرعوا
- فاربط لها يا أبا مروان جأش فتى
- سما فأتبع حتى عاد يتبع
- وقد عضضت على ناب البزول فلا
- يغنيك حسن العزاء الأزلم الجذع
- دهر شجاك وقد وفاك تعزية
- جلت فليست بغير القلب تستمع
- بشرى لمن زود التقوى لمنقلب
- حياه مدخر فيه ومطلع
- بميتة في سبيل الله أسلمه
- فيها إلى ربه الأبناء والشيع
- في حجة برها في الله متصل
- بالمحرمين عن الأوطان منقطع
- لبى من الغاية القصوى فجاوبه
- حور الخيام إلى لقياه تطلع
- واستفتح الكعبة العياء فافتتحت
- له إلى الجنة الأبواب والشرع
- فكيف توحشك الدنيا إلى شيم
- لذكرها في الورى مرأى ومستمع
- تتلى فيعبق منها كل ذي تفل
- ويعذب منها الصاب والسلع
- قد حملت ألسن المثنين ما حملت
- وأوسعت أيدي العافين ما تسع
- كالغيث ينأى وما يخفى له أثر
- والمسك يوعى وما يوعى له فنع
- لطيب الذكر من حلم ومن ورع
- لو كان للموت حلم عنه أو ورع
- ومانع الجار من ضيم ومن عدم
- لو أنه من حمام الحين يمتنع
- ووازع الخطب عن قرب وعن بعد
- لو أن صرف الرى من بعض ما يزع
- وإن أقمت أبا مروان سنتها
- شجوا فذو اللب في السلوان يبتدع
- فاردد زفيرك عما لا مرد له
- وارجع دموعك عمن ليس يرتجع
- واستخلف العارض المنهل يخلفه
- روض تصيف به مصر وترتبع
- من كل بحرية شام يشام بها
- حادي الجنوب فلا ريث ولا سرع
- ينوب عن ضرم الأحشاء بارقها
- وعن دموعك فيها الوابل الهمع
- تزور في مصر قبرا قل زائره
- لكنه للعلا والمجد مضطجع
- وأكرم الغيث غيث عاد منتجعا
- لأمن لم يزل للندى والجود ينتجع
المزيد...
العصور الأدبيه