طبيعة نظام الحكم في مصر
يمكن تحديد طبيعة نظام الحكم الذي اعتنقه دستور سنة 1971 فهو من جهة أولى نظام جمهوري ومن جهة ثانية نظام ديمقراطي نيابي يأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية
يتميز الدستور المصري الحالي الصادر سنة 71 بعدد من السمات العامة الهامة يتمثل اولها في النشأة الديمقراطية لهذا الدستور حيث وضع بأسلوب الاستفتاء الدستوري وفي كونه دستورا جامدا يشترط لتعديله إجراءات غير عادية
س:- تكلم عن اسلوب وضع الدستور وطريقة تعديله ؟
نشأ دستور سنة 71 نشأة ديمقراطية حيث قامت بوضعه لجنة خاصة من مجلس الشعب وتم استفتاء الشعب عليه ومن ناحية أخرى فإن هذا الدستور يتميز بالجمود نظراً لضرورة اتباع اجراءات غير عادية في تعديل نصوصه وبناء على ذلك سوف نعرض لأسلوب وضع الدستور الحالي ثم لطريقة تعديله
H- اسلوب وضع الدستور :-
لقد درج أغلب الفقه الدستوري في فرنسا ومصر على القول بانقسام اساليب نشأة الدساتير المكتوبة بوجه عام في أربعة اقسام تتمثل في أسلوب المنحة وأسلوب التعاقد مع إدراج هذين الأسلوبين تحت عنون الأساليب الملكية أو غير الديمقراطية في وضع الدساتير وذلك إلى جانب ألوبي الجمعية التأسيسية المنتخبة والاستفتاء الدستوري مع إدراج هذين الأسلوبين تحت عنوان الأساليب الديمقراطية في وضع الدساتير نظراً لانفراد الشعب دون الحاكم في وضع الدستور مما يجعل هذا الأخير وليد الإرادة الشعبية وحدها
ويتمثل في أسلوب المنحة في صدور الدستور بالإدارة المنفردة من جانب الحاكم وحده ملكا كان ام ابمراطورا دكتاتورا مما يجعل من هذا الدستور هبة أو منحة من الحاكم إلى الشعب .
ويقوم أسلوب العقد على صدور الدستور نتيجة اتفاق رضا متبادل بين طرفين وهما الحاكم من جهة وجمعية يقوم الشعب بانتخابها من جهة أخرى وهو الأمر الذي يفترض أن يتمتع كلا من الطرفين بالحق في مناقشة شروط الاتفاق ورفضه عند اللزوم .
ويتمثل أسلوب الجمعية التأسيسية في قيام الشعب بانتخاب هيئة نيابية يناط بها مهمة وضع الدستور وتسمى هذه الهيئة النيابية بالجمعية التأسيسية أو المجلس التأسيسي.
وأخيراً قد يؤثر الشعب أن يشترك بنفسه في مباشرة السلطة التأسيسية الأصلية فيوجب استخدام أسلوب الاستفتاء الدستوري أو كما يسميه البعض الاستفتاء التأسيسي كأسلوب لوضع الوثيقة الدستورية .
ولا شك أن أسلوب الاستفتاء الدستوري يمثل الأسلوب الأمثل لممارسة الديمقراطية حيث يباشر الشعب بسلطاته الشعب مباشر دون أدنى وسلطة وتظهر بذلك إرادة الامة مباشرة بواسطة الشعب ذاته .
أما بالنسبة لأسلوب وضع الدستور المصري الحالي المصادر سنة 1971 فإنه00 بناء على طلب رئيس الجمهورية قام مجلس الشعب بتشكيل لجنة خاصة من ثمانين عضوا من اعضائه لتولي مهمة وضع الدستور .
وعند بداية عمل اللجنة تفرعت إلى اربع لجان00 اللجنة الأولى تتولى دراسة المقومات الأساسية للمجتمع والحريات الاخلاق واللجنة الثانية تقوم بدراسة نظام الحكم والجنة الثالثة تدرس نظام الإدارة المحلية والقوانين الأساسية واللجنة الرابعة تتلقى مقترحات الجماهير وأعداد بيان موجز لها وتبوبيها وتوزيعها على اللجان الثلاث السابقة حسب اختصاص كل منها
وبعد انتهاء اللجان الفرعية من عملها عرضت مقترحاتها على اللجنة التحضيرية التي قامت بدروها بتقديم تقرير عن المبادئ الأساسية لمشروع الدستور إلى مجلس الشعب الذي قام بمناقشتها ثم عهد إلى لجنة فنية خاصة لصياغة نصوص الدستور على اساس المبادئ التي تم إقرارها وبعد ذلك أقر مجلس الشعب نصوص الدستور
واخيراً عرض مشروع الدستور وثيقة اعلانه في استفياء عام على الشعب فتمت الموافقة عليه بما يشبه الإجماع في الحادي عشر من سبتمبر سنة 1971 وبدأ العمل به من هذا التاريخ وفقا لنص المادة 193 من الدستور وبذلك يكون الدستور المصري الحالي قد تم وضعه وإقراره بطريق الديمقراطي خالص يتمثل في اسلوب الاستفتاء الدستوري وهو يعد كما ذكرنا سابقا أفضل الأساليب الديمقراطية في وضع الدساتير.
ومع ذلك إذا كان يحسب للرئيس الراحل أنور السادات حرصة على وضع دستور دائم لمصر سنة 1971 بعد سلسلة من الدساتير المؤقتة منذ سنة 1952 فإنه يؤخذ على طريقة وضع هذا الدستور أن الذي قام بوضعه لجنة حكومية وعدم توفير الفرصة الكافية للمناقشة العلنية لنصوصه كما يؤخذ على مضمونه الإبقاء على كثير من المفاهيم والمؤسسات الشمولية
H- طريقة تعديل الدستور :-
يمكن تقسيم الدساتير من حيث كيفية تعديله والإجراءات المتبعة في ذلك إلى دساتير مرنة وأخرى جامدة 00 والدستور المرن وهو الذي لا يحتاج إلى إجراءات خاصة ومعقدة لتعديله وأنما يكفي لإحداث ذلك صدور قانون عادي من السلطة التشريعية وبعبارة أخرى فإن الدستور المرن هو الذي تعدل نصوصه بذات الطريقة التي تعدل بها القوانين العادية وبذات الأغلبية اللازمة لتعديل تلك القوانين
أما الدستور الجامد فهو الدستور الذي لا يمكن تعديله إلا وفقا لإجراءات تختلف عن تلك المتبعة في تعديل القوانين العادية فإذا كان يكفي مثلا لتعديل القوانين وفقا لقواعد دستور ما توافر الاغلبية العادية لأعضاء المجلس التشريعي بينما يشترط لتعديل هذا الدستور ضرورة الحصول على أغلبية ثلثى أعضاء هذا المجلس عد ذلك الدستور دستورا جامدا فالدستور الجامد إذا يختلف في إجراءات تعديله عن أجراءات تعديل القوانين مهما بلغ هذا الاختلاف حدا من الضالة .
ولا يعني جمود الدستور عدم إمكان تعديله نهائيا وأنما يقصد بذلك اختلاف طريقة تعديل الدستور عن تلك المتبعة في تعديل القوانين العادية فعدم إمكان تعديل الدستور بصورة مطلقة كأن ينص مثلا على عدم جواز تعديل أي نص من نصوصه في أي وقت الأوقات هي حالة نادرة أن لم تكن نظرية
وبالنسبة لإجراءات تعديل نصوص الدستور الحالي00 فقد نصت المادة 189 من هذا الدستور على أن لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ويجب ان يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل فإذا كان الطلب صادرا من مجلس الشعب وجب أن يكون موقعا من ثلث أعضاء المجلس على الأقل وفي جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل ويصدر قراره في شأن بأغلبية أعضائه فإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على هذا الرفض وإذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة المواد المطلوب تعديها فإذا وافق على التعديل ثلثا أعضاء المجلس عرض على الشعب لاستفتائه في شأنه فإذا وافق على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ أعلان نتيجة الاستفتاء .
وهكذا يتضح لا لنا من نص المادة 189 أن دستور سنة 1971 يتصف بالجمود النسبي وليس المطلق مثل جميع الدساتير المصرية السابقة نظراً لاشتراطه إجراءات خاصة لتعديل نصوصه تتضح في المراحل التي تمر بها هذه الإجراءات وهي مراحل اقتراح التعديل وإقرار مبدا التعديل ثم مناقشة التعديل وأخيرا إجراء الاستفتاء على التعديل وذلك على النحو التالي :-
أولاً : اقتراح التعديل :-
اعطت المادة 189 من الدستور كلا من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب الحق في طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور وفي حالة تقديم طلب التعديل من مجلس الشعب فإنه يجب أن يكون موقعا من ثلث أعضاء المجلس كحد أدنى .
ثانياً : إقرار مبدا التعديل :-
يعرض طلب التعديل المقدم على النحو السابق بيانه على مجلس الشعب ليناقش مبدأ التعديل ويصدر قراره في شأنه بالأغلبية المطلقة لأعضائه . فإذا صدر قرار مجلس الشعب برفض الطلب فإنه لا يجوز في هذه الحالة إعادة طلب تعديل ذات المواد قبل أن تمر سنة على هذا الرفض .
ثالثا: مناقشة التعديل :-
عند موافقة مجلس الشعب على مبدأ التعديل فإن باب مناقشة المواد المطلوب تعديلها يفتح بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة. ويشترط الإعلان موافقة مجلس الشعب على تعديل المواد التي تمت مناقشتها أن يصدر قرار بأغلبية ثلثى أعضائه .
رابعاً : الاستفتاء على التعديل :-
بعد موافقة ثلثا أعضاء مجلس الشعب على التعديل فإنه يتعين عرض هذه التعديل على الشعب لاستفتائه فيه فإذا وافقت أغلبية الناخبين على التعديل فإنه يصبح نافذاً وساريا من التاريخ الذي أعلنت فيه نتيجة هذا الاستفتاء .