السمات العامة لدستور سنة 1971
يتميز الدستور المصري الحالي الصادر سنة 71 بعدد من السمات العامة الهامة يتمثل اولها في النشأة الديمقراطية لهذا الدستور حيث وضع بأسلوب الاستفتاء ال
H- المقومات الاجتماعية :-
أبرز المشرع الدستوري أربعة مقومات اجتماعية اساسية هي التضامن الاجتماعي من ناحية ورعاية الأسرة من ناحية ثانية وحق العمل من ناحية ثالثة واخيرا حق التعليم
وسوف ندرس التضامن الاجتماعي ورعاية الأسرة في هذا المبحث ونرجى دراسة حق العمل وحق التعليم إلى الباب الثالث الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة
أولاً : التضامن الاجتماعي :-
نصت المادة السابعة من الدستور على ان يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي
ومما لاريب فيه أن تحقق التضامن الاجتماعي يقتضي توافر عدة عوامل هامة تعمل على اقامته وتكفل استمراريته وتأتي فترة العدالة الاجتماعية على رأسها وتحقيقها يتطلب منع الاحتكار والاستغلال وتوزيع الأعباء العامة بطريقة عادلة . كما يجب أن تتوافر الحماية لمبدا تكافؤ الفرص وهذا ما جاء في المادة الثانية من الدستور التي نصت على تكفل الدولة تكافؤ الفرض لجميع المواطنين
ومن أجل تحقيق التضامن الاجتماعي نصت المادة السادسة عشر من الدستور على ان تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام رفعا لمستواها 00وتحقيقا للتضامن الاجتماعي كذلك قرارات المادة السابعة عشرة من الدستور تكفل الدولة خدمات للتأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العلم والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا وذلك وفقا للقانون .
ثانياً:- رعاية الأسرة :-
كان اهتمام المشرع الدستوري بالأسرة المصرية ورعايتها واضحا باعتبارها الخالية الأول للمجتمع إذ نصت المادة التاسعة من الدستور على أن الأسرة اساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق الوطنية وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد مع تأكيد هذا الطابع وتنميته في العلاقات داخل المجتمع المصري . ولذلك قررت المادة العاشرة من الدستور كفالة الدولة حماية الامومة والطفولة ورعاية النشئ والشباب وتوفير الظروف المناسبة للتنمية ملكاتهم
H - المقومات الدينية والخلقية :-
كانت النزعة الإيمانية والعودة إلى رحاب الشريعة الإسلامية الغراء من ابرز ما تميز به دستور سنة 71 من خصائص ولقد جاءت المادة الثانية من الدستور متضمنة الاعتداد بالشريعة الإسلامية بنصها على ان الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع وعند تعديل الدستور سنة 1980 وبعدما يقرب من تسع سنوات من تاريخ صدور الدستور تم تعديل العبارة الثانية من هذه المادة ضمن المواد التي عدلت بعد الاستفتاء الشعبي الذي أجرى لهذا الغرض وقد استهدف هذا التعديل وضع الأمر في نصابه لتنبوأ الشريعة الإسلامية موقع الصدارة أعلاء لشأنها حيث أصبحت العبارة الثانية من المادة الثانية تنص على ومبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع .
وبناء على هذا النص المعدل اصبحت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي لجميع الشريعة والقوانين التي تصدرها الدولة .
وتتجلى النزعة الإيمانية وأيضا في المقومات الدينية الخلفقية الأساسية الأخرى للمجتمع التي قررها الدستور فنص في المادة الثانية عشرة من الدستور على أن يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب والحقائق والعلمية والسلوك الاشتراكي في الآداب العامة وذلك في حدود القانون وتلتزم الدولة باتباع هذه المبادئ والتمكين لها
كما نص في المادة التاسعة عشرة من الدستور على ان التربية الدينية مادة اساسية في مناهج التعليم .
H- المقومات الاقتصادية :-
خصص المشرع الدستوري المادة الرابعة من الدستور لبيان النظام الذي يجسد الأساس الاقتصادي في مصر إذ كان النص الأصلي للمادة عند صدور الدستور سنة 1971 يقرر الاساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي القائم على الكفاية في الانتاج والعدل في التوزيع بما يحول دون الاستغلال ويهدف إلى تذويب الفوارق بين الطبقات
وقد تم تعديل هذه المادة سنة 1980 حيث أصبح نصها الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية وهو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل بما يحول دون الاستغلال ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمي الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الاعباء والتكاليف العامة .
وبمقارنة النص الأصلي للمادة الرابعة ونصها بعد التعديل يتضح لنا أنه توجد ثلاثة فروق بينهما يتمثل الفرق الأول منها في إضافة كلمة الديمقراطي في النص المعدل إلى النظام الاشتراكي اما الفرق الثاني فيتجلى في احلال جملة ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول محل جملة ويهدف إلى تذويب الفوارق بين الطبقات واخيرا فإن الفرق الثالث يبرز في اضافة الجملتين الاخيرتين في نص المادة بعد تعيله وهما ويحمي الكشب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة
وبعد أن حدد الدستور الأساس الذي يمثل النظام الاقتصادي وأهدافه حدد كذلك المقومات الاقتصادية الأساسية للمجتمع وهي التخطيط ومشاركة العمال في إدارة المشروعات وأرباحها وتحديد انواع الملكية وتنظيمها .
أولاً : التخطيط :-
نصت المادة 23 من الدستور على ان ينظم الاقتصاد القومي وفقا لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالانتاج وضمان حد أدنى للأجور ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفروق بين الدخول وبذلك تكون هذه المادة قد أوضحت بجلاء أن تنظيم الاقتصاد في مصر يعتمد على التخطيط الشامل وبينت الأهداف التي يجب أن يكفلها .
ولضمان نجاح خطة التنمية الشاملة قررت المادة 24 من الدستور يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج وعلى توجيه فائضها وفقا لخطة التنمية التي تضعها الدولة .
ويلاحظ أن عبارة يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج تعكس المفهوم الاشتراكي الذي كان متأثرا بالنظرية الماركسية الشمولية إلى حد كبير والذي كان مهيمنا على النظام السياسي والاقتصادي في مصر عند وضع الدستور .
ثانياً : مشاركة العمال في إدارة المشروعات وأرباحها :-
تنص المادة 26 من الدستور على أن للعاملين نصيب في إدارة المشروعات في أرباحها ويلتزمون بتنمية الإنتاج وتنفيذ الخطة في وحداتهم الإنتاجية وفقا للقانون والمحافظة على أدوات الإنتاج واجب وطني ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام في حدود خمسين في المائة من عدد أعضاء هذه المجالس وتعمل الدولة على أن يكفل القانون لصغار الفلاحين وصغار الحرفيين ثمانين في المائة على ان يكفل القانون لصغار الفلاحين وصغار الحرفيين ثمانين في المائة في عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والجمعيات التعاونية الصناعية . كما تقرر المادة 27 من الدستور يشترك المنتفعون في إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام والرقابة عليها وفقا للقانون
ثالثا: تحديد انواع الملكية وتنظيمها :-
حددت المادة 29 من الدستور أنواع الملكية في ثلاثة ملكية عامة وملكية تعاونية وملكية خاصة وقررت خضوعها لرقابة الشعب والحماية الدولة .
1= الملكية العامة :- هي ملكية الشعب وقد قررت المادة 30 من الدستور على أن هذه الملكية تتأكد بالدعم المستمر للقطاع العام في فقرتها الأولى واكدت الفقرة الثانية من المادة أن القطاع العام يقود التقدم في جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية في خطة التنمية .
كما نصت المادة 23 من الدستور على أن للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون باعتبارها سند لقوة الواطن واساسا للنظام الاشتراكي ومصدرا لرفاهية الشعب .
2= الملكية التعاونية :-
قد عرفتها المادة 31 من الدستور بانها ملكية الجمعيات التعاونية ونصت على ان القانون يكفل رعايتها ويضمن لها الإدارة الذاتية . كما أوجبت المادة 28 من الدستور على الدولة رعاية المنشآت التعاونية بكل صورها وتشجيع الصناعات الحرفية بمكا يكفل تطوير الإنتاج وزيادة الدخل .
3= الملكية الخاصة :-
تتمثل الملكية الخاصة في رأس المال غير المستغل ويتولى القانون تنظيم أدائها لوظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي اطار خطه التنمية دون انحراف أو استغلال ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب .
H- المقومات القانونية :-
أخذ الدستور المصري الحالي بمبدا سيادته القانون باعتباره أهم عناصر الدولة القانونية وأساس الحكم فيها كما قرر العديد من الضمانات التي تكفل احترامه 00كما افرد المشرع الدستوري بابا خاصا من أبواب الدستور لسيادة القانون ضمنه الضمانات الكفيلة لتحقيقه واحترامه في المواد من 65 إلى 72
وكان الباعث الدافع إلى تكريس مبدأ سيادة القانون ما وقع في مصر من انتهاكات لقواعد القانون واحكامه بشكل سافر في عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين تحت ستار الشرعية الثورية مما أدى إلى ضياع المشروعية القانونية وإهدار الحقوق والحريات الفردية انتهى بالبلاد إلى هزيمة وخيمة سنة 67 00ومن المسلم به أن القانون الذي يجب أن يسود ويلقي الاحترام من الحكام والمحكومين هو القانون بمعناه الواسع سواء كان قانونا دستوريا أو تشريعيا أو لائحيا وكذلك المبادئ العامة للقانون .
أم الضمانات التي تكفل احترام المبدأ وتطبيقه تطبيقا صحيحا دون حدوث أي انحراف فتتمثل في :-
أولاً : استقلال القضاء :-حيث نصت المادة 65 من الدستور على ان00 واستقلال القضاء وحصانته ضمانات اساسيان لحماية الحقوق والحريات
ثانياً : حماية حقوق المتهمين بارتكاب جرائم :-
تضمن الباب الرابع من الدستور الخاص بسيادة القانون أربعة نصوص اساسية توفر حماية دستورية كاملة لكل شخص يتهم بارتكاب جريمة من الجرائم سواء بالنسبة لمبدأ شخصية العقوبة وقانونية الجرائم والعقوبات اوالقاعدة الأصل براءة المتهم وكذلك قاعدة إقامة الدعوى الجنائية بامر من جهة قضائية واخيرا حق كل مقبوض عليه او معتقل في معرفة اسباب القبض أو الاعتقال والتظلم للقضاء
كما حرص المشرع الدستوري على تأكيد قاعدة أن الأصل براءة المتهم في الفقرة الأولى من المادة 67 من الدستور التي قررت ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .
ولكفالة قاعدة أصل البراءة نصت المادة 70 من الدستور على أن لا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الاحوال التي يحددها القانون
وفي هذا الشأن نصت المادة الاولى من قانون الإجراءات الجنائية على ان تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا في الاحوال المبينة في القانون
ثالثا : حق التقاضي :-
قد نصت المادة 68 من الدستور على ان التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا ويحظر النص في القوانين على تحصين أيعمل أو قرار إداري من رقابة القضاء .
رابعاً حق الدفاع :-
تنص المادة 69 من الدستور على ان حق الدفاع اصالة أو بوكالة مكفول ويكفل القانون لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم كما تنص المادة 67 على ان المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له محام بدافع عنه
خامساً : تجريم الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها :-
إذا كانت كفالة حق التقاضي وحق الدفاع تمثل ضمانة هامة لتحقيق مبدأ سيادة القانون إلا أنهما لا يكفيان وحدهما لتحقيق هذه السيادة إذ لابد من التأكيد على تنفيذ ما يصدره القضاء من احكام لصالح الأفراد وذلك لأن عدم تنفيذ هذه الأحكام يعني إهدار مبدا سيادة القانون في الواقع .