الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> يا عارضا متلفعا ببروده >>
قصائدالبحتري
يا عارضا متلفعا ببروده
البحتري
- يا عَارِضاً مُتَلَفّعاً بِبُرُودِهِ،
- يَختَالُ بَينَ بُرُوقِهِ وَرُعُودِهِ
- لوْ شئتَ عُدتَ بلادَ نجدٍ عَوْدَةً،
- فنَزَلْتَ بَينَ عَقيقِهِ، وَزَرُودِهِ
- لتَجودَ في رَبْعٍ بمُنعَرَجِ اللّوَى،
- قَفْرٍ، تَبَدّلَ وَحشُهُ من غِيدِهِ
- رَفعَ الفِرَاقُ قِبابَهمْ، فتَحمّلوا
- بِفُؤادِ مُخْتَبَلِ الفُؤادِ عَميدِهِ
- وَأنا الفِداءُ لمُرْهَفٍ غَضِّ الصّبَا،
- يُوهيهِ حَملُ وِشاحِهِ وَعُقُودِهِ
- قَصُرَتْ تَحِيّتُهُ، فجادَ بخَدّهِ
- يَوْمَ الفراقِ لَنا، وَضَنّ بجيدِهِ
- عيبَتْ بهِ عَينُ الرّقيبِ، فلَمْ تدَعْ
- مِنْ نَيْلِهِ المَطلوبِ غيرَ زَهيدِهِ
- وَلَوِ استَطاعَ لكانَ يوْمُ وِصَالِهِ
- للمُستَهامِ مَكانَ يَوْمِ صُدودِهِ
- ما تُنكِرُ الحَسناءُ مِنْ مُتَوَغِّلٍ
- في اللّيلِ، يَخلِطُ أينَهُ بسُهودِهِ
- قد لَوّحَتْ منهُ السُّهوبُ وَأثّرَتْ
- في يُمنَتَيهِ، وَعَنسِهِ، وَقُتودِهِ
- فلِفِضّةِ السّيفِ المُحَلّى حُسنُهُ
- مُتَقَلِّداً، وَمَضاؤهُ لحَديدِهِ
- أعلى بَنُو خاقانَ مَجداً، لم تَزَلْ
- أخلاقُهُمْ حَبْساً على تَشْييدِهِ
- وَإلى أبي الحَسَنِ انصَرَفتُ بهمّتي
- عن كلّ مَنزُورِ النّوَالِ، زَهيدِهِ
- أُثْني بنِعمَتِهِ التي سَبَقَتْ لَهُ،
- وَمَزِيدِهِ مِنْ قَبلُ حينَ مَزِيدِهِ
- وَعُلُوّهِ في المَكرُماتِ، فَجُودُهُ
- فيها طَوَالَ الدّهرِ فوْقَ وُجودِهِ
- إنْ قَلّ حَمْدٌ عادَ في تَكثيرِهِ،
- أوْ رَثّ مَجدٌ عادَ في تَجديدِهِ
- خَطّاً على مِنهاجِهِ المُفضِي إلى
- أمَدِ العُلا، وَتَقيُّلاً لجُدودِهِ
- وإذا أشارَ إلى الأعاجِمِ أعرَبَتْ
- عن طارِفِ الحسبِ الكَرِيمِ، تَليدِهِ
- عَن مُستَقَرٍّ في مَرَاتبِ مجْدهمْ،
- في باذِخٍ، نائي المَحَلّ بَعيدِهِ
- تَجرِي خَلائقُهُ، إذا جَمَدَ الحَيا
- بغَليلِ شانِئِهِ، وَغَيظِ حَسودِهِ
- يَفْدِي عُبَيدَ الله، مِن حُسّادِهِ،
- مَنْ باتَ يَرْبَأُ عَنهُمُ بعَبيدِهِ
- أرَجُ النّدَى يَنبَثٌّ في مَعرُوفِهِ
- مِنْ عُرْفِهِ، ويَزِيدُ في تَوْكيدِهِ
- وَمُبَجَّلٍ وَسطَ الرّجالِ، خفوفُهمْ
- لقِيامِهِ، وَقِيامُهُمْ لقُعُودِهِ
- ألدّهرُ يَضْحَكُ عَن بَشاشةِ بِشرِه،
- وَالعَيشُ يَرْطَبُ من نَضَارَةِ عُودِه
- وَنَصِيحَةُ السّلطانِ مَوْقعُ طَرْفِهِ،
- وَنحيُّ فِكرَتِهِ، وَحُلمُ هُجودِهِ
- إنْ أوْقعَ الكُتّابَ أمرٌ مُشكِلٌ
- في حَيرَةٍ، رَجَعوا إلى تَسديدِهِ
- وَالحَزْمُ يَذهَبُ غيرَ مُلتاثٍ إلى
- تَصْوِيبِهِ في الرّأيِ، أوْ تَصْعيدِهِ
- أوْفَى على ظُلَمِ الشّكوكِ، فشقّها
- كالصّبحِ يضرِبُ في الدّجى بعَمودِهِ
- نَعْتَدُّه ذُخْرَ العُلا وَعَتادَها،
- وَنَرَاهُ من كَرَمِ الزّمانِ وَجُودِهِ
- فالله يُبْقيهِ لَنَا، وَيَحُوطُهُ،
- وَيُعِزُّهُ، وَيَزِيدُ في تأييدِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه