الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> نشدتك الله من برق على إضم >>
قصائدالبحتري
نشدتك الله من برق على إضم
البحتري
- نَشَدْتُكَ الله مِنْ بَرْقٍ على إضَمِ،
- لمّا سَقَيتَ جُنوبَ الحَزْنِ، فالعَلَمِ
- وَصُبْتَ بَيْنَهُمَا، حتى تُسيلَهُمَا
- بمُسْتَهِلٍّ، مِنَ الوَسميّ، مُنسَجِمِ
- مَنازِلٌ، لا تُجيب الصّبَّ من خَرَسٍ،
- وَلا ترِِيعُ إلى شَكْوَاهُ مِنْ صَمَمِ
- أقَامَ يَنْشُدُ شَمْلاً، غَيرَ مُتّفِقٍ،
- مِنْ آلِ لَيلى وَشِعْباً غَيرَ مُلْتَئِمِ
- وَقَدْ تَكُونُ بهاِ قُضْبانُ إسْحِلَةٍ
- مُهتَزّةٍ في احمِرَارِ الوَرْدِ وَالعَنَمِ
- إذْ وِدُّ لَيلى صَحيحٌ، غَيرُ مُؤتَشِبٍ،
- وَخََبلاًُ لَيلى جَديدٌ، غَيرُ مُنصَرِمِ
- تُعدَى القُلوبُ بعَيْنَيْها إذا نَظَرتْ،
- حتى تُجِدّ لهَا حَبْلاً مِنَ السّقَمِ
- أمَا، وَضَحكَتِها عن وَاضحٍ رَتِلٍ،
- تُنْبي عَوَارِضُهُ عَنْ بارِدٍ شَبِمِ
- لَقَد كَتَمْتُ هَوَاها، لوْ يُطاوِعُني
- شَوْقٌ لَجوجٌ، وَدَمعٌ غَيرُ مُنكَتِمِ
- ألله جَارُ بَني خَاقانَ إنّهُمُ الـ
- ـأثرَوْنَ من كَرَمِ الأخلاقِ وَالشّيَمِ
- بَيْتٌ تَقَدّمَ فيهِ المَجدُ، وَاجتَمعتْ
- لهُ عِظامُ المَساعي وَالعُلاَ القُدُمِ
- النّازِحُونَ عَنِ الفَحشاءِ يُبعِدُهُمْ
- عَنْ لُؤمِها عِظَمُ الأَخطَارِ والهِممِ
- ما انفَكّ مَجدُ عُبَيدِ الله يُكسِبُهمْ
- مَحبّةً مِنْ صُدورِ العُرْبِ وَالعَجَمِ
- مَا إنْ يَزَالُ النّدَى يُدْني إلَيهِ يَداً
- مُمتاحَةً مِنْ بَعيدِ الدّارِ وَالرّحِمِ
- يَلُومُهُ عَاذِلوهُ، في سَماحَتِهِ،
- على خَلائِقَ لمْ تُذْمَمْ، وَلمْ تُلَمِ
- خِرْقٌ، أقامَ قَناةَ المُلْكِ، فاعتدلتْ
- بمُسْتَتِبٍّ مِنَ التّدْبيرِ، مُنتَظِمِ
- مُستَحكِمُ الرّأيِ لا عَهدُ الصّبَا كثبٌ
- منهُ، وَلا هوَ بالمُوفي على الهَرَمِ
- قد أكمَلَ الحِلمَ، وَاشتَدّتْ شكيمتُه
- على الأعادي، وَلم يَبلُغْ مدى الحُلُمِ
- فكَيفَ إذا شابَ وَاجتازَتْ تجَارِبُهُ
- لَهُ الحِجَى وَتَلَقّى الحَزْمَ من أُمَمِ
- طَرْفٌ مُطِلٌّ على الآفاقِ، يكلأهَا
- بِنَاظِرٍ، لمْ يُنَمْ عَنها، وَلمْ يَنَمِ
- مُذَلَّلُ السَّمْعِ للدَّاعِينَ ، لَيْسَ بِذِي
- بَأْوٍ عَلَى الصَّارِخِ الأَقْصَى ولا بُذُمِ
- إذا استَعاذَ بهِ المُستَصرِخُونَ رَأوْا
- وَجهاً يُجَلّي سَوَادَ الظُّلْمِ، وَالظُّلَمِ
- إنْ قَلّلُوا هَيْبَةً، أوْ أكثرُوا لَغَطاً،
- أصْغى بحِلْمٍ، وَرَدّ القَوْلَ عن فَهَمِ
- أَو أغْفَلُوا حُجّةً لمْ يُلْفَ مُسترِقاً
- لهَا، وَإنْ يَهِمُوا في القَوْلِ لمْ يهِمِ
- حارِسُ مُلْكٍ، لَهُ مِن دونِهِ أبَداً
- صَدْرٌ شَفيقٌ، وَرَأيٌ غَيرُ مُتّهَمِ
- سُسْتَ الخِلافَةَ إشْرَافاً وَحَيِّطَةً،
- وَذُدتَ عن حَقِّها بالسّيفِ وَالقَلمِ
- وَلمْ يَزَلْ لكَ، مُذْ وُلّيتَ حَوْزَتَها،
- غَوْثٌ للَهْفَانِ، أوْ نَصْرٌ لمُهتَضَمِ
- تِلْكَ الرَّعِيَّةُ مَوْفُوراً جوَانِبُها
- وقد تَكُونُ كَنَهْبٍ شَعَّ مُقْتَسَمِ
- رَأوْكَ حِرْزاً لَهُمْ مِنْ كلّ بائِقَةٍ،
- وَعُصْمَةً فيهمِ مِنْ أوْثَقِ العُصَمِ
- وَما انفَكَكتَ وَما انفَكّتْ أناتُكَ من
- توْفيرِ وَفْرِ امْرِىءٍ منهُم وَحَقنِ دَمِ
- تَوَخّياً لاصْطِنَاعِ العُرْفِ تَصْنَعُهُ
- في الصّالحينَ، وَإبْقاءً على النِّعَمِ
- أظَلّهُمْ مِنكَ جُودٌ، لَوْ وَسَمتَ به
- مَنابِتَ الأرْضِ لاستَغنَتْ عن الدّيمِ
- ما كُنتَ فيهِ بمَنْزُورِ النّوَالِ، وَلا
- رَثِّ الفَعالِ، وَلا مُستَحدَثِ الكرَمِ
- إنّي أمُتّ بِوِدٍّ قَدْ تَقادَمَ عَنْ
- حَدْثِ اللّيالي، وَلمْ يُخلِقْ على القِدَمِ
- وَذِمّةٍ بكَ لمْ يُشْبِهْ تأكُّدَها،
- إلاّ وَفاؤكَ، للأقْوَامِ، بالذّمَمِ
المزيد...
العصور الأدبيه