الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لديك هوى النفس اللجوج وسولها >>
قصائدالبحتري
لديك هوى النفس اللجوج وسولها
البحتري
- لَدَيْكَ هَوَى النّفسِ اللّجُوجِ وَسُولُهَا،
- وَفيكَ المُنى لَوْ أنّ وَصْلاً يُنيلُها
- وَقَدْ كَثُرَتْ مِنْكَ المُلاَحَاةُ في الهَوى،
- وَلَوْ أنّهَا قَلّتْ لَضَرّ قَليلُها
- قَنِيتُ عَزَاءً عَنْ شُجُونٍ أُضِيفُها
- إليّ، وَعَنْ أسْرَابِ دَمْعٍ أُجِيلُها
- وَبِنتَ، وَقد غادَرْتَ في القَلْبِ لوْعَةً،
- مُقِيماً جَوَاهَا، مُطْمَئِنّاً غَليلُها
- خَليلَيّ لا أسْمَاءُ، إلاّ ادّكارُهَا،
- وَلاَ دارُ مِنْ وَهْبِينَ، إلاّ طُلُولُها
- تَمادى بها الهَجرُ المُبَرِّحُ، والتَوَى
- بمَسْمَعِهَا قَالُ الوُشَاةِ، وَقِيلُها
- وإنّي لأسْتَبقي حَيَاتيَ أنْ أُرَى
- قَتيلَ غَوَانٍ، لَيسَ يُودَى قَتيلُها
- وَقَدْ خَبّرَ الشَّيبُ الشّبيبَةَ أنّهَا
- تَقَضّتْ، وإنّي مَا سَبيلي سَبيلُها
- هَلِ الوَجْدُ، إلاّ عَبرَةٌ أستَرِدُُّها،
- أوِ الحُبُّ إلاّ عَثْرَةٌ أسْتَقِيلُها
- لَقَدْ سَرّني أنّ المَكَارِمَ أصْبَحَتْ
- تُحَطُّ إلى أرْضِ العِرَاقِ حُمُولُهَا
- مَجيءُ عُبَيدِ الله مِنْ شَرْقِ أرْضِهِ
- سُرَى الدّيمةِ الوَطْفَاءِ هَبّتْ قَبُولُها
- مَسِيرٌ تَلَقّى الأرْضُ مِنْهُ رَبيعَهَا،
- وَيُبهِجُ عَنْهُ حَزْنُها وَسُهُولُها
- فَمَا هُوَ تَعرِيسُ المَطايَا، وَنَصُّها،
- وَلَكِنّهُ حَلُّ العُلاَ وَرَحيلُها
- وأبيَضَ مِنْ آلِ الحُسَينِ تَرُدُّهُ،
- إلى المَجْدِ، أعرَاقٌ مُهَدًّى دَليلُها
- أضَاءَتْ لَهُ بَغدادُ، بَعدَ ظَلامِها،
- فَعَادَ ضُحًى إمْساؤهَا وأصِيلُها
- وَبَانَتْ بهِ، حتّى تَفَرّدَ بالعُلاَ،
- غَرَائِبُ أفْعَالٍ، قَليلٍ شُكُولُها
- حَلَفْتُ بإِحْسانِ الحُسَيْنِ وَجُودِهِ
- وأَنْعُمِهِ الضَّافِي عَلَيْنَا فُضَولُهَا
- لقَدْ سَبَقَتْ مِنهُ إِليَّ صَنِيعَةٌ
- تَسرْبَلْتُ مِنْهَا حُلَّةً لا أُذِيلُهَا
- إِخَاءُ مُسَاوَاةٍ ، وأَفْضَالُ مُنْعِمٍ
- لهُ دِيمةٌ قَصْدٌ إِليَّ مَسيِلُهَا
- وأَيْسَرُ ما قَدَّمْتُ في مِثْلِ شُكْرِهِ
- عَلَى مِثْلِها أَبْيَاتُ شِعْرٍ أَقُولُها
- إِذا قَصُرتْ أَرْبَى عَلَيْهَا بِطَوْلِهِ
- وإِنْ هيَ طالَتْ فَهْوَ سَرْواً يَطُولُهَا
- نَمَاهُ لِثَأْثِيلِ المَكَارِمِ والعُلاَ
- أَبُو صَالِحٍ تِرْبُ العُلاَ ورَسيلُهَا
- ومَا حَمَدَ الأَقْوامُ كَابْنِ محمَّدٍ
- لِنَعْمَاءَ نُولِيها وبُؤْسى يُزِيلُهَا
- موازينُ حِلْمٍ ما يُوَازَنُ قَدْرُها،
- وَساعاتُ جُودٍ ما يُطاعُ عَذُولُها
- وَقَدْ تُسْعَرُ الهَيْجَاءُ مِنْهُ بمِرْجَمٍ
- تُوَفَّى بهِ أوْتَارُها وَذُحُولُها
- وَتُعْطَفُ أثْنَاءُ السُّرَادِقِ، حَوْلَهُ،
- على قَمَرٍ تَنجابُ عَنْهُ سُدُولُها
- إذا القَوْمُ قامُوا يَرْقُبُونَ بُدُوَّهُ،
- بَدا حَسَنُ الأخلاقِ فيهِمْ جَميلُهَا
- كأنّهُمُ، عِنْدَ اسْتِلاَمِ رِكَابِهِ،
- عَصَائِبُ عِنْدَ البَيتِ حانَ قُفُولُها
- إذا ازْدَحَمُوا قُدّامَهُ وَوَرَاءَهُ،
- مَشَوْا مِشْيَةً يأبَى الأنَاةَ عَجُولُها
- فَمَا تَخْطُرُ الشّبّانُ فيها مُخيلَةً،
- وَلاَ الشِّيبُ تَستَدعي وَقاراً كُهُولُها
- يُجِلُونَ مأمُولاً مَخُوفاً لِنَائِلٍ
- يُوَاليهِ، أوْ صَوْلاتِ بأسِ يَصُولُهَا
- أبا أحمَدٍ، والحَمْدُ رَهْنُ مَآثِرٍ،
- تُؤثِّلُهَا، أوْ عارِفَاتٍ تُنِيلُها
- وَصَلْتُ بِكَ الحاجاتِ جَمعاً، وإنّما
- بطُولِ جَليلِ القَوْمِ يُقضَى جَليلُها
- رَجَوْتُ أَبَا عَبْدِ الإِلهِ لِحَاجَتِي
- خَلاَئِقَكَ الغُرَّ الغَريِبَ شُكُولُهَا
- وأرْسَلْتُ أفْوَافَ القَوَافي شَوَافِعاً
- إلَيكَ، وَقد يُجدي لَدَيكَ رَسُولُها
- بَوَادٍ بإحْسَانٍ عَلَيْكَ، وَخَلْفَهَا
- عَوَائِدُ لمْ تُطْلَقْ إلَيْكَ كُبُولُها
- زَوَاهِرُ نَوْرٍ ما يَجِفُّ جَنِيُّها،
- وأنْجُمُ لَيْلٍ ما يُخَافُ أُفُولُهَا
- وَمَا بصَوَابٍ أنْ يُؤخَّرَ حَظُّهَا،
- وَقَد سَبَقَتْ أوْضَاحُها وَحُجُولُها
- إذا ما البُزَاةُ البِيضُ لمْ تُسْقَ رَيَّها
- على ساعةِ الإحسانِ، خيفَ نُكُولُهَا
المزيد...
العصور الأدبيه