الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لدن هجرته زحزحته عن الصبر >>
قصائدالبحتري
لدن هجرته زحزحته عن الصبر
البحتري
- لدن هجرته زحزحته عن الصبر
- سواء عليه الموت أو لوعة الهجر
- إليك عن الصب الذي برحت به
- صروف هوى لو كن في الماء لم يجر
- وقائلة، والدمع يصبغ خدها،
- رويدك يابن الست عشرة كم تسري
- فقلت: أحق الناس بالعزم والسرى
- طلاب المعالي صاحب الست والعشر
- مقام الفتى في الحي حيا مسلماً
- معافى مقام ذلة بالفتى يزري
- متى يمسك الهجز الزمان، وتمتطى
- مطايا الهوى والليل تنس شبا العسر
- ومهما تنم في ظل بيتك عاجراً
- تصبك خطوب الدهر من حيث لا تدري
- وما الحزم إلا العزم في كل موطن
- وما المال إلا معدن الجود والوفر
- وما المرء إلا قلبه ولسانه
- فإن قصرا عنه فلا خير في المر
- سأخبط وجه الدهر والليل، أو أرى
- تمزق ثوب الليل في وضح الفجر
- وأوثر عنسي في المهامه والفلا
- على قرب عرسي في السواجير أو أثري
- تحملني الأيام ما لا أطيقه
- وتحملني منها على مركب وعر
- أأن كان قومي قوموا بفعالهم
- شديد اعوجاج الدهر في سالف العصر
- وجاروا على الأموال بالجود جورهم
- على معشر الأعداء بالقتل والأسر
- أيقتص مني آخر الدهر ظالما
- جزائر أجدادي على أول الدهر؟
- بنو بحتر قومي، ومن يك بحتر
- أباه يكن في منتهى المجد والفخر
- أنا البحتري ابن البحاترة الألى
- هم غمروا الأيام بالنائل الغمر
- وهم أقطعوا كل العفاة بجودهم
- وبأسهم مال الأعادي على قسر
- وما نحن إلا كالقضاء فإننا
- ضربنا جميع الناس بالخير والشر
- تضيق ذروع المجد عن رحب فضلنا
- إذا اتسعت في فضلنا الإنس بالذكر
- لقد علمت قحطان أنا سراتها
- وأشرافها السادات في البدو والحضر
- وأنا ليوث حين تشتجر القنا
- غيوث إذا ضن السحائب بالقطر
- وإنا لمشاءون تحت سيوفنا
- إلى الموت، معروفون بالبأس والنصر
- فندرك بالإقدام بغيتنا التي
- نطالبها لا بالمكيدة والمكر
- أبدنا جموع الروم حين تنازعت
- فوارسنا الهيجاء في وقعة الجسر
- غدت بيضنا مثل اللجين ابيضاضها
- وراحت من التضراب كالذهب التبر
- وخلو لنا عن منبج وذواتها
- مخافة صد البيض والأسل السمر
- سمونا لهم في عصبة بحترية
- يكرون ليسوا يعرفون سوى الكر
- قليلين إلا أن حسن بلائهم
- كثير إذا قل الحفاظ لدى الفر
- أشداء ما شدوا، كأن قلوبهم
- وآراءهم في الحرب ينحتن من صخر
- إذا وتروا خلوا جفون سيوفهم
- خلاء، ولا يغضون جفنا على وتر
- وأفلت منا عامر كبش عامر
- كحبة بر من دقاق رحى البر
- فقأنا، وقد أصغى إلى الكر، عينه
- وفر فردته الرماح إلى عقر
- ويوم القرينين انتصرنا ولم نخف
- بكل طويل الباع منفسح الصدر
- كأنهم تحت السيوف غرائب
- من البدن سيقت يوم عيد إلى نحر
- كأنهم إذ أسلموا بنت شيخهم
- سحاب تجلى عن سنا قمر بدر
- فلولا عفاف البحتري ومنه
- عليهم، لما آبت بعوف ولا فهر
- ومر طريداً للقنا السمر بعدما
- نكحناه بالخطية السمر في الدبر
- وأسلم مولاه، وخلف بينه،
- ونجاه خنذيذ كخافية النسر
- هناك يقول، وهو يعذل نفسه
- ويشكو تمادي الحرب في محكم الشعر
- لحا الله قيساً حين ولت حماتها
- عن الاشعث المقتول والكاعب البكر
- ولم تك مني نبوة غير هذه:
- فراري وتركي صاحبي وراء ظهري
- وفي يوم صفين اقتسمنا ذرى العلا
- وقد جعل الخطي يعثر بالكسر
- لنا حسب لو كان للشمس لم تغب
- وللبدر ما استولى المحاق على البدر
- فأبخلنا بالمال ند لحاتم
- وأجبننا في الروع أشجع من عمرو
المزيد...
العصور الأدبيه