الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> عناني من صدودك ما عناني >>
قصائدالبحتري
عناني من صدودك ما عناني
البحتري
- عَنَاني مِنْ صُدُودِكِ ما عَنَاني،
- وَعَاوَدَني هَوَاكِ، كَمَا بَدَاني
- وَذَكّرَني التّبَاعُدُ ظِلَّ عَيْشٍ
- لَهَوْنَا فيهِ، أيّامَ التّداني
- أُلاَمُ على هَوَى الحَسنَاءِ ظُلماً،
- وَقَلبي، في يَدِ الحَسناءِ، عانِ
- إذا انصرَفتْ أضَاءَتْ شمسَ دَجنٍ،
- وَمَالَ من التّعَطّفِ غُصْنُ بَانِ
- وَيَوْمَ تأوّهَتْ للبَينِ وَجْداً،
- وَكُفّتْ عَبْرَتَيْنِ تَبَارَيانِ
- جَرَى في نَحْرِها، مِنْ مُقلَتَيها،
- جُمَانٌ يَستَهِلُّ عَلى جُمَانِ
- وَكَانَ الحَجُّ للقَلْبِ المُعَنّى
- ضَماناً، زِيدَ فيهِ إلى ضَمَانِ
- وَمَا ذِكْرُ الأحبّةِ، مِنْ ثَبيرٍ
- وَبَلْدَحَ، غَيرُ تَضْليلِ الأمَاني
- نَظَرْتُ إلى طِدانَ، فقُلتُ: لَيلى
- هُنَاكَ، وأينَ لَيلى مِنْ طِدانِ
- وَدونَ لِقَائِهَا إيجافُ شَهْرٍ،
- وَسَبْعٍ للمَطَايَا، أو ثَمَانِ
- تَجَاوَزْنَ السّتَارَ إلى شَرَوْرَى،
- وأَظْلَمَ، واعْتَسَفْنَ قُرَى الهِدانِ
- وَلَمّا غَرّبَتْ أعْرَافُ سَلْمَى
- لَهُنّ، وَشَرّقَتْ قُنَنُ القِنَانِ
- وَخَلّفْنَا أَيَاسِرَ وارِداتٍ
- جُنُوحاً، والأيامِنَ مِنْ إبَانِ
- وَخُفّضَ عَنْ تَنَاوُلِها سُهَيْلٌ،
- فَقَصّرَ واسْتَهَلَّ الفَرْقَدانِ
- تَصَوّبَتِ البِلادُ بِنَا إلَيْكُمْ،
- وَغَنّى، بالإيَابِ، الحَادِيَانِ
- أمُبهِجَتي العِرَاقُ، وَلَيْسَ فيها
- عَقِيدايَ اللّذانِ تَكَنّفاني
- وَمُؤنِسَتِي، وَكَيْفَ شُهُودُ أُنْسِي
- بها، وابْنَا المُدَبِّرِ غَائِبَانِ
- حُسَامَا نُصرَةٍ، وَيَدا سَمَاحٍ،
- وَبَحْرَا نَائِلٍ يَتَدَفّقَانِ
- إذا ابْتَدَرَا مَدَى مَجْد بَعِيدٍ،
- تَمَطّرَ دُونَهُ فَرَسَا رِهَانِ
- هُمَا كَنْزِي لأحْداثِ اللّيالي،
- إذا خِيفَتْ، وذُخْرِي للزّمَانِ
- ألا أبْلِغْ أبَا إسْحَاقَ تُبْلِغْ
- فتى االإِحْسَانِ، والشّيَمِ الحِسَانِ
- وَمَنْ شَادَ المَعَالي غَيرَ آلٍ،
- وأوْجَفَ في المَكَارِمِ غَيرَ وَانِ
- ظلَمتُكَ إن جَعَلتُ سوَاكَ قَصْدي،
- أوِ استَكفَيتُ غَيرَكَ عُظْمَ شاني
- وَفيكَ تَبَاعَدَتْ غاياتُ مَدحي،
- وَمُدّ إلى ِنهايَتِهِ عِنَاني
- وَلمْ يَسبُقْ فَعَالَكَ فَرْطُ قَوْلي،
- وَخَبْطي في مَديحِكَ، وافتِناني
- حَلَفْتُ برَبّ زَمْزَمَ والمُصَلّى،
- وَرَبِّ الحِجرِ، والحَجَر اليَماني
- وَبالسّبْعِ الطِّوَالِ، وَمَنْ تَوَلّى
- تِلاَوَتَهُنّ، والسّبعِ المَثَاني
- لَقَدْ وَفّرْتَ مِنْ جَدْوَاكَ حَظّي،
- كَمَا وَفّرْتُ حَظّكَ مِنْ لِسَانِي
- وَكَيْفَ أمُنُّ شُكراً كانَ منّي
- بعُقْبِ تَطَوّلٍ لكَ، وامتِنَانِ
- أبُو العَطّافِ عندَكَ حَيثُ يُرْضَى
- لَهُ شَرَفُ المَحَلّةِ، والمَكَانِ
- يُشَفَّعُ في لُبَانَاتِ الأَقَاصِي،
- وَتُحْفَظُ فيهِ أسْبَابُ الأداني
المزيد...
العصور الأدبيه