الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> عليك السلام أيها القمر البدر >>
قصائدالبحتري
عليك السلام أيها القمر البدر
البحتري
- عَلَيكَ السَلامٌ، أيّها القَمَرُ البَدْرُ،
- وَلا زَالَ مَعْمُوراً بِأيّامِكَ العُمْرُ
- وَداعاً لشَهرٍ، إنّ مِنْ شاسعِ النّوَى
- على الكَبِدِ الحَرّى، إذا التهبتْ، شَهْرُ
- هوَ اسمُ فِرَاقٍ طالَ أوْ قَصُرَ المَدى،
- فللصّدْرِ مِنهُ ما يَحُرُّ لَهُ الصّدْرُ
- أنا الظّالِمُ المُختارُ فَقدَكَ عالِماً
- بفَقْدِ اللُّهَى فيهِ، وَما ظَلَمَ الدّهرُ
- ملأتُ يَدي فاشتَقْتُ، وَالشّوْقُ عادةٌ
- لكُلّ غَرِيبٍ ذَلّ، عن يدِهِ، الفَقْرُ
- وَأيُّ امرئ يَشتاقُ، مِن بُعدِ أرْضِهِ،
- إلى أهلِهِ، حتّى يكونَ لَهُ وَفْرُ
- تَلافَيتَني في ظَمأةٍ، فَدَفَعتَني
- إلى نَائِلٍ، فيهِ المَخاضَةُ وَالغَمْرُ
- وَيَدنُو قَرَارُ البَحْرِ طَوْراً، وَرُبّما
- تَبَاعَدَ حتّى لا يُنَالُ لَهُ قَعْرُ
- وَلَوْلاكَ ما أسخَطْتُ غُمّى وَرَوْضَها
- وَنَهرَ دُجَيْلٍ بالذي رَضِيَ الثّغْرُ
- وَلا كانَ غَزْوُ الرّومِ بَعضَ مآرِبي،
- وَهَمّي، وَلا ممّا أُطالِبُهُ الأَجرُ
- لِتعْلَمَ أنّ الوِدّ يَجْمَعُنَا علَى
- صَفاءِ التّصَافي، قَبلَ يَجمعُنَا عمرُو
- وَإنّي متى أعْدُدْ معاليكَ أعْتَدِدْ
- بها شَرفاً، إذْ كلَ فَخرُكَ لي فَخرُ
- وَلمْ أرَ مثلي ظَلّ يَمدَحُ نَفسَهُ،
- وَيأخُذُ أجراً، إنّ ذا عَجَبٌ بُهْرُ
- وَما اخترْتُ داراً غَيرَ دارِكَ من قِلًى،
- وَأينَ ترَى قَصْدي وَمن خلفيَ البَحْرُ
- فإنْ بِنْتُ مِنكُمْ مُصْبِحاً حضرَ الهَوى،
- وَإنْ غِبتُ عَنكُمْ سائراً شهدَ الشِّعرُ
- سأشكُرُ لا أنّي أُجازِيكَ نِعْمَةً
- بأُخرَى، وَلكِنْ كيْ يُقالَ لهُ شكرُ
- وَأذكُرُ أيّامي لَدَيْكَ وَحُسْنَهَا،
- وَآخِرُ ما يَبقَى مِنَ الذّاهبِ الذّكْرُ
المزيد...
العصور الأدبيه