الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> على الحي سرنا عنهم وأقاموا >>
قصائدالبحتري
على الحي سرنا عنهم وأقاموا
البحتري
- على الحَيّ، سرْنا عَنهُمُ وأقَامُوا،
- سَلامٌ، وَهل يُدني البعَيدَ سَلامُ
- إذا ما تَدَانَيْنَا، فأنْتِ عَلاَقَةٌ،
- وإمّا تَبَاعَدْنا، فأنتِ غَرَامُ
- أرَى النّاسَ في جَوٍّ تحُلّينَ غيرَهُ،
- وَلي منهُمُ بُرْءٌ، وَمنكِ سَقامُ
- يَُكلُفَنِي حُبّيكِ أنْ أتبَعَ الهَوَى
- يُضِلُّ، وَآتي الأمْرَ، فيهِ مَلامُ
- وَما انفَكّ داعي البَينِ حتى تَزَايَلَتْ
- قِبَابٌ بَنَاهَا حاضِرٌ، وَخِيَامُ
- عَشِيّةَ ما بي عن شَبيثٍ تَرَحّلٌ،
- فأمضي، ولا لي في شَبيثَ مَقَامُ
- فَمَا نَلْتَقي إلاّ على حُلمِ هاجِدٍ،
- يُحِلُّ لَنَا جَدْوَاكِ، وَهْيَ حرَامُ
- إذا ما تبَاذَلْنَا النّفائِسَ خِلْتَنَا،
- منَ الجِدّ، أيقاظاً، وَنحنُ نِيامُ
- يُرَاقِبُ صَوْلَ الوَغْدِ، حينَ يهزُّهُ اقـ
- ـتِدَارٌ، وَصَوْلَ الحرّ حينَ يُضَامُ
- وأعلَمُ ما كلُّ الرّجالِ مُشَيَّعٌ،
- ولا كلُّ أسيافِ الرّجالِ حُسامُ
- أدِينُ بألاَّ تُستَحَلّ أمَانَةٌ
- لحُرٍّ، وأَلاَّ يُسْتَبَاحَ ذِمَام
- وأترُكُ عِرْضَ المَرْءِ، لَوْ شِئْتُ كان لي
- وَلِلذّمّ فيهِ مَسرَحٌ، وَمَسَامُ
- وَكَيفَ أذُودُ الخَسْفَ عَمّنْ تطُولُهُ
- يَدي، وأُسامُ الخَسفَ حينَ أُسامُ؟
- فتَالله أرْضَى في العِرَاقِ إقَامَةً،
- وَفي الأرْضِ للسّفرِ المُغِذّ شَآمُ
- شَذاتيَ منْ نَحوِ الصّديقِ كليلةُ الـ
- ـمَدَى، وزِيَارَاتي الصّديقَ لِمَامُ
- وَلَستُ بغاشِي القَوْمِ، إلاّ ذُؤَابَةً،
- وَلاَ بابُهُمْ إلاّ عَلَيْهِ زِحَامُ
- وأزهَرَ وَضّاحِ العَشيّاتِ، لايَني
- من البِشْرِ يَنأى عن ذُرَاهُ قَتامُ
- متى جِئْتَهُ عَنْ مَوْعِدٍ، أو فجاءََهً،
- تَهَلّلَ بَدْرٌ، واستَهَلّ غَمَامُ
- تُحَدّثُنا كَفّاهُ، والمَحلُ راهنٌ،
- عن الأرْضِ تَكلا، والسّماءِ تُغامُ
- أقولُ لِيَعقُوبَ بنِ أحمَدَ والنّدى
- يَرُومُ بهِ العَوْصَاءَ، لَيسَ تُرَامُ
- تكاليفُ فِعلٍ لَوْ علاَ الأرْضِ ثِقلُهُ،
- شَكا يَذبُلٌ ما نَابَهُ وَشَمَامُ
- لأَظْلَمَ ما بَيْني وَبَيْنَكَ مُضْحياً،
- وَللظّلمِ، بينَ الخِلّتينِ، ظَلامُ
- أأذْكُرُ أيّامَ المُصَافَاةِ، بَعدَمَا
- تَجَرّمَ عامٌ بَعدَهُنّ، وَعَامُ
- نَدِمْتُ على أمرٍ مَضَى لمْ يُشِرْ بِهِ
- نَصِيحٌ، وَلَمْ يَجمَعْ قُوَاهُ نِظامُ
- وَقد خَبّرُوا أنّ النّدَامَةَ تَوْبَةٌ،
- يُصَلّى بهَا أنْ تُقْتَنى، وَيُصَامُ
- وأنّ جُحُودي سوءُ ظَنٍّ بمُنْعِمٍ،
- وَعَدّي مَعاذِيريِ عَلَيْهِ خِصَامُ
- وَقَدْ شَمَلَتْ بِشراً لأوْسٍ صَنيعَةٌ،
- بمَا أُمِرَتْ سُعْدَى، وَوُرّثَ لامُ
- فإنْ تَمتَثِلْهَا، فالمَكَارِمُ خِطّةٌ،
- لَكُم تابعٌ، في نَهجِهَا، وإمامُ
- وَلَوْ شِئتُمُ أنْ تَستَثِيرُوا استَثَرْتُمُ
- عِجَالاً، وَلَكِنّ الكِرَامَ كِرَامُ
- يَكُرُّ عَليّ اللّوْمُ فيكُمْ، ولابسٌ
- منَ اللّوْمِ مَن لا يَستَفِيقُ، يُلامُ
- تُجَرِّحُ أقْوَالُ الوُشَاةِ فَرِيصَتي،
- وأكثرُ أقْوَالِ الوُشَاةِ سِهَامُ
- تَرَى ألسُناً أُصْمِتْنَ بالعَيّ، إنْ هَفا
- بيَ الرّأيُ، مَصْنُوعاً لهنّ كَلامُ
- لَعَلّ غَيَابَاتِ السُخَائِمِ تَنْجَلي،
- وَمُعْوَجّ ما تُخفي الصّدورُ يُقامُ
- وَلَمّا نَبَتْ بي الأرْضُ عُدتُ إليكُمُ،
- أمُتُّ بحَبلِ الوِدّ، وَهوَ رِمَامُ
- وَقد يُهتدى بالنّجمِ يُشكلُ سَمتُه،
- وَيُرْوَى بماءِ الجَفْرِ، وَهْوَ ذِمَامُ
- وَما كلّ ما بُلّغتُمُ صِدْقُ قائِلٍ،
- وَفي البَعْضِ إزْرَاءٌ عَلَيّ وَذامُ
- وَلاَ عُذْرَ إلاّ أنّ بَدْءَ إسَاءَةٍ،
- لهَا مِنْ زِيَادَاتِ الوُشَاةِ تَمَامُ
المزيد...
العصور الأدبيه