الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> شد ما أغرمت ظلوم بهجري >>
قصائدالبحتري
شد ما أغرمت ظلوم بهجري
البحتري
- شَدّ ما أُغْرِمَتْ ظَلُومُ بهَجْرِي،
- بَعْدَ وَجدي بها، وَغُلّةِ صَدرِي
- وَلَعَمْرِي، يَمِينُ بَرٍّ، وَحَسبي
- في الهَوَى أن أقولَ فيهِ لَعَمرِي
- مَا تَعَقّبْتُ رُشْدَ حُبٍّ بغَيٍّ
- مِنْ سُلُوٍّ، وَلاَ وِصَالاً بهَجْرِ
- طَرَقَتْنَا، وَفي الخَيالاتِ نُعْمَى،
- أُمُّ بَكْرٍ، فأسعَفَتْ أُمُّ بَكْرِ
- في بُدُوٍّ مِنَ الشّبابِ، عَلَيْهَا
- وَرَقٌ مِنْ جَديدِهِ المُسْبَكِرّ
- كَمُلَتْ أرْبَعٌ لَهَا بَعدَ عَشْرٍ،
- وَمَدَى البَدْرِ أرْبَعٌ بَعدَ عَشرِ
- خلفت دارها بحزوى وباتت
- بين سحري شروى الضجيع ونحري
- لَوْ دَرَتْ ما أتَتْ لمَنّتْ بِنُجْحٍ
- لمْ يُكَدَّرْ، وَنَائِلٍ غَيْرِ نَزْرِ
- قَدْ وَقَفْنَا على الدّيَارِ وَفي الرّكْـ
- ـبِ حَرِيبٌ مِنَ الغَرَامِ وَمُثْرِ
- وَلَوَ أنّي أُطِيعُ آمِرَ حِلْمي،
- كانَ شَتّى أمْرُ الدّيارِ، وَأمرِي
- وَلَقَدْ رَابَني مِنَ اللّوْمِ إصْغَا
- ئي إلَيْهِ، وأعهَدُ اللّوْمَ يُغرِي
- كَلّفَتْني الخَرْقاءُ إنجاحَ سَعيي،
- أوَ ما قامَتِ الحُظُوظُ بعُذْري
- مُعْلَقاً ما جَنَى الزّمانُ، وَذَنْبي
- في جِناياتِ صَرْفِهِ ذَنْبُ صُحْرِ
- أطْلُبُ الجُودَ في أُنَاسٍ، وَيُمْسِي
- كَهِلالِ الدُّجُنّةِ المُسْتَسِر
- رائِدُ القَوْمِ، لَيسَ بالمُتَأنّي
- دونَ حاجاتِهِمْ، وَلاَ المُتأرّي
- وَخليلي الذي، إذا نَابَ دَهْرٌ،
- حَمَلَتْ كَفُّهُ نَوَائِبَ دَهْرِي
- كابنِ بَدْرٍ، وأينَ ثانٍ، فنَثْني
- إصْبَعاً باعْتِقَادِهِ لابنِ بَدْرِ
- أوْحَدٌ خَسَّ دُونَهُ الخَيرُ، حتّى
- ما تَقولُ: السّماءُ تُجدي بقَطْرِ
- أمُقِلٌّ مِنْ غَزْرِهِ كُلُّ غَيْثٍ،
- أمْ مُخِلٌّ بِفَيْضِهِ كُلُّ بَحْرِ
- خَيّمَتْ شِيمَةٌ بِهِ عِنْدَ أعْلَى
- شَرَفٍ يَرْتَقي، وأكْرَمِ نَجْرِ
- واجِدٌ تحتَ أخْمَصَيْهِ التي يَرْ
- مي إلَيها هَمَّ المَسامي، وَيَجرِي
- تِلْكَ أخْلاَقُهُ خُلِقْنَ خُصُوماً
- للغَوادي، تَربي عَلَيْها وَتُزْري
- وَقَدَتْ دونَهُ إضَاءَةُ نُورٍ،
- وَقَدَتْها لَهُ طَلاَقَةُ بِشْرِ
- رَوْعَةٌ مِنْ وِقَارِهِ ظَنّها الجَا
- هِلُ، إذْ فاجأتْهُ، رَوْعَةَ كِبْرِ
- فترَى القَوْمَ، وَهوَ جَذلانُ طَلْقٌ،
- في نَدِيّ المُجَاهِمِ المُكْفَهِرّ
- تَتَأيّا لَهُ لِتَبْلُغَ عَلْيَا
- هُ بَنو الحَارِثِ بنِ كَعبِ بنِ عَمْرِو
- ما رَأى الغَائبونِ، قَوْلاً وَفِعلاً،
- غيرُ رَائي جَدوَى يَديهِ، وَشِكري
- حَبّذا أنتَ مِنْ كَرِيمٍ، وإنْ كِدْ
- تَ تُدايني وشأوِي وَتُخْمِلُ ذِكرِي
- ما كَرِهتُ الغنى لِشيءٍ، ولكنْ
- ساوَرَتني نُعماكَ من فَوْقِ قَدرِي
- طَاطَ مِنْ شَخصِ ما تُنيلُ، فما من
- حاجَتي أنْ يَطولَ جودكَ شكرِي
- أيُّ شيءٍ تَرَى يكونُ وَقَدْ كثّرْ
- تَ فيهِ قَصْرَ الكُمَيْتِ وَقَصْرِي
- مُتْعَةُ العَينِ مِنْ حَلاَوَةِ مَرْأى،
- وَرِضَى النّفْسِ مِنْ وَثَاقَةِ أسرِي
- حُذِفَتْ مِنْ فُضُولِهِ صِحّةُ العُتْـ
- ـقِ، فأدّتْهُ كالجَديلِ المُمَرّ
- يَتَغَالى بِهِ التّدَفّقُ سَيْلاً،
- كانكِفاتِ السّرِي أسرَعَ يَجري
- أوْ تَقَدّى الشّجاعُ بادَرَ يَنْضُو
- مِزَقاً مِنْ قَمِيصِهِ المُتَفَرّي
- فَهوَ يُعطيكَ، مِنْ تَضَرّمِ شَدٍّ،
- نُهْيَةَ العَينِ مِن تَضَرّمِ جَمْرِ
- شِيَةٌ تَخدَعُ العُيُونَ تَرَى أنّ
- عَلَيْهِ مِنْهَا سُحَالَةَ تِبرِ
- صَبْغَةُ الأُفْقِ عنَد آخِرِ لَيْلٍ،
- مُنْقَضٍ شأنُهُ، وأوّلِ فَجْرِ
- عَلّكَ، ابنَ الحِصَانِ، تَزدَادُ في غيـ
- ـظِ أعادِيّ بالحِصَانِ الطِّمِرّ
- والجَوَادُ الأغَرُّ مِثْلَكَ لا يَمْـ
- ـنَعُ مِثْلي مِنَ الجَوَادِ الأغَرّ
المزيد...
العصور الأدبيه