الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> رويدك إن شانك غير شاني >>
قصائدالبحتري
رويدك إن شانك غير شاني
البحتري
- رُوَيْدَكَ! إنّ شانَكَ غَيرُ شَاني،
- وَقَصرَكَ! لَستُ طاعةَ مَن نَهَاني
- فإنّكَ لَو رأيتَ كَثِيبَ رَمْلٍ
- يُجاذِبُ جانِبَاهُ قَضِيبَ بَان
- وَمُقْتَبَلَ المَلاَحَةِ، بِتُّ لَيْلي
- أُعَاني مِنْ هَوَاهُ ما أُعَاني
- عَذَرْتَ على التّصابي مَنْ تَصَابَى،
- وآثَرْتَ الغَوَايَةَ، في الغَوَاني
- وَكَمْ غَلّسْتُ مُدّلِجاً بصَحْبي
- على مُتَعَصْفِرِ النّاجُودِ، قانِ
- أُغَادِي أُرْجُوَانَ الرّاحِ صِرْفاً،
- على تُفّاحِ خَدٍّ أُرْجُوَاني
- إذا مَالَتْ يَدي بالكأسِ رُدّتْ
- بكَفِّ خَضِيبِ أطْرَافِ البَنَانِ
- تأمّلْ مِنْ خِلالِ السِّجْفِ فانظُرْ
- بعَيْنِكَ ما شرِبتُ وَمَنْ سَقَاني
- تجدْ شَمسَ الضحَى تَدنو بشَمسٍ
- إليّ، مِنَ الرّحيقِ الخُسْرُواني
- سُبُوتُ الإصْطِبَاحِ مُعَشِّقَاتٌ،
- وأحظَاهُنّ سَبْتُ المِهرَجَانِ
- أتَى يَهْدي الشّتَاءَ على اشْتِيَاقٍ
- إلَيْهِ، وَصَيِّبَ الدِّيَمِ الدّوَاني
- يُحَيِّينا بنَرْجِسِهِ، وَيُدْني
- مَكَانَ الوَرْدِ وَرْدِ الزّعْفَرَانِ
- وَمِنْ إكْرَامِهِ حَثُّ النّدَامى،
- وإعْجَالُ المَثَالِثِ والمَثَانِي
- بيُمْنِ خِلاَفَةِ المُعْتَزّ عادَتْ
- لَنَا حَقّاً أكاذيبُ الأَمَانِي
- يَسُحُّ عطَاؤُه فينا، فتُغْني
- عنِ القُلْبِ النّوَازِحِ، والسّوَاني
- أغَرُّ كَبَارِقِ الغَيثِ المُرَجّى،
- يُحَبَّبُ في الأبَاعِدِ والأدَاني
- تَخَاضَعَتِ الوُجُوهُ لحُسْنِ وَجْهٍ
- يَدُلُّ على خَلاَئِقِهِ الحِسَانِ
- وَعَايَنَتِ الرّعِيّةُ مِنْ قَرِيبٍ
- مَقَامَ مُوَفَّقٍ فيها، مُعَانِ
- اَرُدَّتْ بَهْجَةُ الدُّنْيَا إِلَيْهَا
- وعادَ كَعَهْدِهِ حُسْنُ الزَّمَانِ
- وأضْحَى المُلْكُ أزْهَرَ مُسْتَنِيراً
- بأزْهَرَ مِن بَنِي فِهْرٍ، هِجَانِ
- وَمَنْصُورٍ أُعِينَ على الأعَادِي
- بِكَرّ عَوَاقِبِ الحَرْبِ العَوَانِ
- لَقَدْ جَاءَ البَرِيدُ يَنِثُّ قَوْلاً
- شَهِيَّ اللّفظِ، مَفْهُومَ المَعَاني
- إذا الخَبَرُ استَخَفّكَ من بَعيدٍ،
- نَثَاهُ، فكَيفَ ظَنُّكَ بالعِيَانِ
- أُبِيد المَارِقُونَ، وَمَزّقَتْهُمْ
- سُيُوفُ الله مِنْ ثَاوٍ وَعَانِ
- وَقد شَرِقتْ جِبالُ الطّيبِ مِنهُمْ
- بِيَوْمٍ، مِثْلِ يَوْمِ النّهْرَوَانِ
- وَفَرّ الحَائِنُ المَغْرُورُ يَرْجُو
- أمَاناً، أيَّ سَاعَةِ مَا أمَانِ؟
- يَهَابُ الالْتِفَاتَ، وَقَدْ تأيّا
- لِلَفْتَةِ طَرْفِهِ طَرَفَ السّنَانِ
- تَبَرّأ مِنْ خِلاَفَتِهِ، وَوَلّى
- كأنّ العَبْدَ يَرْكُضُ في رِهَانِ
- وَمَا كَانَتْ رَعِيّتُهُ قَدِيماً،
- سِوَى خِلْطَينِ مِنْ مَعِزٍ وَضَانٍ
- أمِيرَ المُؤمِنِينَ عَمَرْتَ فِينَا،
- عَزِيزَ المُلْكِ، مَحرُوسَ المكانِ
- فإنّكَ أوّلٌ في كُلّ فَضْلٍ
- نُعَدّدُهُ، وَعَبْدُ الله ثَانِ
المزيد...
العصور الأدبيه