الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> رأت وخط شيب من عذاري فصدت >>
قصائدالبحتري
رأت وخط شيب من عذاري فصدت
البحتري
- رَأتْ وَخْطَ شيْبٍ من عذاري، فصَدّت،
- وَلَمْ يَنْتَظِرْ بي نَوىً قد أجَدّتِ
- تَصُدُّ على أنّ الوِصَالَ هُوَ الّذي
- وَدِدْتُ زَماناً أن يدومَ، وَودّتِ
- هل العيش إلاّ بُلْغَةٌ مِنْ دُنُوّهَا،
- أُعِيرَتْ فَزَالَ العيش، حِينَ استرَدّتِ
- تجنّبْتِنَا أو تسْلُكِ العِيسُ قصْدنا،
- أمِ العِيسُ عَنّا، يوْمَ عُسفانَ، ندّتِ
- وفي البلد الأقْصَى، الذي تسكُنينَهُ،
- سُكونٌ لأحْشاءٍ ببُعْدِكِ كُدّتِ
- شَكرتُ السحابَ الوُطْفَ حتى تَصَوّبتْ
- إلَيْهِ، فَأدّتْ ماءَهَا حَيْن أدّتِ
- تُقارِضُنَي لَيْلى التّهاجُرَ، بعدَ ما
- تَسدّيْتُ هَوْلاً في الهوَى، وَتسدّتِ
- وَما كان للهِجْرَانِ بَيْني وبَيْنَها
- بِدِيٌّ، سِوَى أنّي هَزَلْتُ، وَجَدّتِ
- فأقْصِرْ عن الوَجد الذي عنهُ أقْصرَتْ،
- وَعَدَّ عنِ الشّوْقِ الذي عنهُ عَدّتِ
- ولَلمُهْتَدي بالله مَجْدٌ لَوِ ارتقتْ
- إليه النجومُ، رِفعةً، ما تِهَدّتِ
- مَوَارِيثُ منْ أي الكِتابِ وَقُرْبَةٌ
- مِنَ المُصْطَفَى حِيزَتْ إليهِ فرُدّتِ
- وَقَدْ عَلِمَ الأقْوَامُ أنّ صَريمَةً،
- إذا اختلفَتْ شورَى النجِيّ استبَدّتِ
- متى وُقدَتْ في مُظلِمِ الأمرِ ضَوّأتْ،
- وَإنْ ضُرِبَتْ في جانبِ الخَطبِ قَدّتِ
- ملي بنصر الحق والحق أوحد
- إذا عصبت منا بظلم تصدت
- وَتَأيِيدُهُ حُكْمَ الهُدَى بخُشونَةٍ
- من الجِدّ لوْ مرّتْ على الصخْرِ خدّتِ
- جَلَتْ قُبّةُ المِيدانِ أحسن حَليَةٍ
- لنا، عن تَلالي غُرّةٍ قَدْ تبدّتِ
- وقيدت عتاق الخيل حتى تلفّتَتْ
- بأعْطافِها مخْتَالَةً، أوْ تَقَدّتِ
- حَمَلْتُ عَلَيْها البالِغينَ، توَقّياً
- على صِبْيَةٍ للهُلْكٍ كانت أُعدّتِ
- فما استثْقَلَتْ فُرْسانَها إنْ تلاحَقَتْ،
- وما اسْتَبْعَدَتْ غاياتِها حِينَ مدّتِ
- وَلا عُدّ سَبْقٌ مثْلُ سبقِكَ في الذي
- أتيْتَ، إذا آلاءُ غيرك عُدّتِ
- وَمَا زِلْتَ بالمجْدِ الغريبِ مُظفَّراً،
- إذا الأنْفُسُ المخْسوسَةُ الحظّ جَدّتِ
- أسيت لأقْوَام مَلَكْتَ أمورهم،
- وكانت دجت أيامهم فاسوأدت
- مضوا لم يرو من حسن عدلك منظر
- وَلَمْ يَلبَسوا نعماك حِينَ استجدّتِ
- وَلا عَلِموا أنّ المَكارِمَ أُبْدِيَتْ
- جِذاعاً، ولا أنّ المظالِمَ رُدّتِ
- لئِنْ خسّ حَظُّ الغائِبينَ، لقدْ زكَتْ
- حُظوظُ الشهودِ من نَداكَ وَجَدّتِ
- وَإعمالَكَ الحقّ المُجَرَّدَ بيْنَنَا،
- إذا عُصْبَةٌ مِنّا لِظُلْمٍ تَصَدّتِ
- هنتك أمير المؤمنين بشارة
- إليك على كره الأعادي تأدت
- لَقَدْ بَسَطَ الآمالَ حادِثُ وَقْعَةٍ
- بِدِجْلَةَ، أجْرَتْهَا دماءً، فمدّتِ
- كَتائِبُ للْمُرّاقِ سَارَتْ لِمِثْلها،
- وكُلٌّ كَفَتْ أقرَانَها وَأبْدّتِ
- وَلَمّا تَلاقَوا قُلتُ: مَنٌّ وَنِعْمَةٌ
- مِنَ الله، أيُّ العُصْبَتَينِ ترَدّتِ
- فكِلتاهما، كُفراً، أضَلّتْ وَأوْبقَتْ،
- وكِلتاهما، ظُلماً، بغَتْ وَتَعَدّتِ
- وَلله مَا لاقَى عُبَيْدَةُ، إذْ رَأى
- فِجاجَ الوَغَى ضَاقتْ بهِ فاجَرَهدّتِ
- إذا بُتِكَتْ يُمْنى يد فهي التي
- مَكانُ الشّمالِ حاجَزَتْ أوْ تَحَدّتِ
- وَقَد سارَ موسَى في جبالٍ لَوَ أنّها
- تُرَادي الجِبالَ الرّاسِياتِ لَهُدّتِ
- لَهُمْ عادَةٌ من نُصرَة الله في العِدى،
- أُقِيمَ بهَا دَرْءُ الثّغورِ، فَسُدّتِ
- فَأنْتَ لمن ود الرشاد مرصاداً
- لساعات حزم للجليل استعدت
- وَعينٌ مَتى كَلّفْتَها الحِفظَ لم تَنمْ،
- وَنفسٌ متى ما سِمتَها الجِدّ جدّتِ
- وكنْتُ أمرَأً لا يتْبعُ النقصُ رَائدي،
- ولا تتَعدّى الأكرمِينَ مَودّتي
- غَنِيتُ أُرَاعي نعمة منك أُكّدَتْ
- مُقَدَّمَةُ الأسْبابِ منْها فشُدّتِ
- وَصالِحَ رَأيٍ مِنكَ كنتُ ذَخَرْتُهُ،
- فَصَارَ عَتادي للزّمانِ، وَعُدّتي
- فإن تم إذن في الوصول فإنه
- تمام وجوب الشكر آخر مدتي
المزيد...
العصور الأدبيه