الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> دنا السرب إلا أن هجرا يباعده >>
قصائدالبحتري
دنا السرب إلا أن هجرا يباعده
البحتري
- دَنَا السّرْبُ، إلاّ أنّ هَجراً يُباعِدُهْ،
- وَلاحَتْ لَنَا أفْرَادُهُ، وَفَرَائِدُهْ
- بَدَأنَ غَرِيبَ الحُسْنِ ثُمّ أعَدْنَهُ،
- فَهُنّ بَوَادِيهِ، وَهُنّ عَوَائِدُهْ
- نَوَازِلُ مِن عَرْضِ اللّوَى كلَّ منزِلٍ،
- أقامَ طَرِيفُ الحُسنِ فيهِ، وَتَالِدُهْ
- ألا تَرَيَانِ الرَّبْعَ رَاجَعَ أُنْسَهُ،
- وَعادَتْ إلى العَهْدِ القَديمِ مَعاهِدُهْ
- كقَصْرِ حُمَيدٍ بَعدمَا غاضَ حُسنُه،
- وأَقوّتْ نَوَاحيهِ، وَأجْدَبَ رَائِدُهْ
- تَلافَاهُ سَيْبُ الصّامِتيّ مُحَمّدٍ،
- فَعَادَتْ لَهُ أيّامُهُ وَمَشَاهِدُهْ
- فقَد جُمّعتْ أشتاتُ قوْمٍ، وَأُصْلحتْ
- جَوَانبُ أمرٍ، بَعدما التَاثَ فاسِدُهْ
- تجَلّى، فأجلى ظُلمَةَ الظّلمِ عَنهُمُ،
- وَأشرَقَ فيهِمْ عَدْلُهُ وَرَوَافِدُهْ
- وَمَا زَالَ يُحْبَى الحَقَّ حَتّى أنَارَهُ
- لَهُ وَأمَاتَ الجَوْرَ فارْتَدّ خَامِدُهْ
- تَوَسّطَ أوْساطَ الأُمُورِ بِنَفْسِهِ،
- وَنَالَ نَوَاحيها الأقاصِي تَعَاهُدُهْ
- فإنْ تَجحَدُوهُ أنْعُماً، بَعدَ أنعُمٍ،
- مُرَّددةٍ فيكُمْ، فَهُنّ شَوَاهدُهْ
- وَإنْ تُنقِصُوهُ حَقّ ما أوْجَبَتْ لَهُ
- إرَادَتُهُ في الله، فالله رَائِدُهْ
- خَليلُ هُدًى، طَوْعُ الرّشادِ قَضَاؤه؛
- حَليفُ نَدًى أخذُ اليَدَينِ مَوَاعدُهْ
- وَما اشتَدّ خَطْبُ الإ انبرَى لهُ
- أبُو نَهشَلٍ، حَتّى تَلينَ شَدائِدُهْ
- فَقُلْ لقَليلٍ في المُرُوءةِ وَالحِجَى؛
- تَكَثَّرُ عندَ النّاسِ، إن قل حاسدُهْ
- حِذار، فإنّ البَغيَ خَوْضُ مَنيّةٍ،
- مَصَادِرُهُ مَذْمُومَةٌ، وَمحَامِدهُ
- وَرَاءَكَ مِنْ بَحْرٍ يَغُطُّكَ مَوْجُهُ،
- وَمِنْ جَبَلٍ تَعلو علَيكَ جَلامِدُهْ
- تَرُومُ عَظِيماً جَلّ عَنكَ، وَتَرْتَجي
- ريَاسَةَ خِرْقٍ عَطّلَتكَ قَلائِدُهْ
- ومسبعة من دون ذاك أسوده
- حصاها ومحواةٌ نقاهة اساودةٌ
- وَتَدْبِيرُ مَنْصُورِ العَزِيمَةِ يَغتَدي،
- وَتَدْبِيرُهُ حَادي النّجَاحِ وَقَائِدُهْ
- إذا مَا رَمَى بالرّأيِ خَلْفَ أبِيّةٍ
- مِنَ الأمْرِ يَوْماً أدرَكَتها مَصَايدُهْ
- لَهُ فِكَرٌ بَينَ الغُيُوبِ، إذا انتَهَى
- إلى مُقْفَلٍ مِنْهَا، فَهُنّ مَقالِدُهْ
- صَوَاعِقُ آرَاءٍ لَوِ انْقَضّ بَعْضُهَا
- على يَذبُلٍ، لانقَضّ أوْ ذابَ جامدُهْ
- غَمَامُ حَياً ما تَسترِيحُ بُرُوقُهُ،
- وَعارِضُ مَوْتٍ لا تَفيلُ رَوَاعِدُهْ
- وَعَمْرُو بنُ مَعدي، إن ذَهبتَ تَهيجُه،
- وَأوْسُ بنُ سُعدى، إن ذهَبتَ تُكايدُه
- تَظَلُّ العَطَايَا وَالمَنَايَا قَرَائِناً
- لِعَافٍ يُرَجّيهِ، وَغَاوٍ يُعَانِدُهْ
- إذا افْتَرَقَتْ أسْيَافُهُ وَسْطَ جَحفلٍ،
- تَفَرّقَ عَنْهُ هَامُهُ، وَسَوَاعِدُهْ
- فَلا تَسْألَنْهُ خِطّةَ الظّلْمِ إنّهُ
- إلى مَنصِبٍ، تَأبَى الظّلامَ مَحاتِدُهْ
- فَصَامتهُ، وَشَمْسُهُ، وَحَميدُهُ،
- وَرَبْعِيّهُ، تِرْبُ الرّبيعِ، وَخالِدُهْ
- وَأكْرِمْ بغَرْسٍ، هَؤلاء أُصُولُهُ؛
- وَأعْظِمْ بِبَيْتٍ، هَؤلاءِ قَوَاعِدُهْ
- لَهُ بِدَعٌ في الجُودِ تَدْعُو عَذُولَهُ
- عَلَيْهِ إلى استِحسانِها، فيُساعِدْهُ
- إذا ذَهَبَتْ أمْوَالُهُ نَحْوَ أوْجُهٍ
- من البَذلِ جاءَتْ من وُجوهٍ مَحامدُهْ
- وَلَوْ أنّ خَلفَ المَجدِ للمَرْءِ غايَةً،
- لحَازَ المدَى الأقصَى الذي حازَ وَالِدُه
- يُعَارِضُهُ في كُلّ فِعْلٍ، كَأنّهُ،
- غَداةَ يُبَارِيهِ، عَدُوٌّ يُجَاهِدُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه