الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> خذا من بكاء في المنازل أو دعا >>
قصائدالبحتري
خذا من بكاء في المنازل أو دعا
البحتري
- خُذا مِنْ بُكاءٍ في المَنازِلِ، أوْ دَعَا،
- وَرُوحَا على لَوْمي بهِنّ، أوِ أرْبَعَا
- فَما أنَا بالمُشتَاقِ، إنْ قُلتُ أسْعِدَا
- لِنَنْدُبَ مَغنىً مِنْ سُعَادَ، وَمَرْبَعَا
- وَلي لَوْعَةٌ تَستَغرِقُ الهَجرَ وَالنّوَى
- جَميعاً، الحُُبٌّ يُنفِدُ َودْمعَ أجمَعَا
- على أنّ قَلْبي قَدْ تَصَدّعَ شَمْلُهُ
- فُنُوناً لشَمْلِ البِيضِ، حينَ تصَدّعَا
- ظَعائنُ أظعَنّ الكَرَى عن جُفونِنَا،
- وَعَوّضْنَنَا مِنْهُ سُهَاداً وَأدْمُعَا
- نَوَينَ النّوَى، ثمّ استَجبنَ لهَاتِفٍ
- مِنَ البَينِ نادى بالفِرَاقِ، فأسْمَعَا
- وَحاوَلْن كِتمانَ التّرَخّلِ بالدّجَى،
- فَنَمّ َبهِنّ المِسْكُ حِينَ تَضَوّعَا
- أمُولَعَةً بالبَينِ! رُبّ تَفَرّقٍ
- جَرَحتِ بهِ قَلْباً، بحُبّكِ، مُولَعَا
- وَمِنْ عاثِرٍ بالشّيبِ ضَاعَفَ وَجدَهُ
- على وَجْدِهِ، إنْ لمْ تَقُولي لهُ لَعَا
- فأثْقِلْ عَلَيْنَا بالمَشيبِ مُسَلِّماً،
- وَأحْبِبْ إلَيْنَا بالشّبابِ مُوَدِّعَا
- ألَمْ تَرَيَا البرْقَ اليَمانيّ مُصْلَتاً،
- يُضِيءُ لَنا مِنْ نَحْوِ يَبْرين أجرَعَا
- تَرَفْعَ، حتى لمْ أُرِدْ، حينَ شِمْتُهُ
- مِنَ الجانِبِ الغَرْبيّ، أنْ أتَرَفّعَا
- فكَمْ بَلقَعٍ من دونِهِ سَوْفَ تَقترِي،
- إلى طَيّهِ، العَنْسُ العَلَنْداةُ بَلْقعَا
- إلى آلِ قَيسِ بن الحُصَينِ، وَلم تكُنْ
- لتَبلُغَهُمْ إلاّ فَقَاراً وَأضْلُعَا
- فَلا بُدَّ من نَجرانِ تَثْلِيث إِن نَأَوْا،
- وإِن قَرُبُوا شيئاً فنَجْرانِ لعْلَعا
- مُلُوكٌ، إذا التَفّتْ عَلَيهِمْ مُلِمّةٌ
- رَأيْتَهُمُ فيهَا أضَرّ وَأنْفَعَا
- هُمُ ثَأَرُوا الأخدودَ، لَيلَةَ أغرَقَتْ
- رِمَاحُهمُ في لُجّةِ البَحْرِ تُبّعَا
- صَناديدُ، يَلْقَوْنَ الأسِنّةَ حْسّراً
- رِجَالاً وَيَخشَوْنَ المَذَلّةَ دُرَّعاَ
- إذا ارْتَفَعَوا في هَضْبَةٍ وَجَدُوا أبَا
- عَلِيهِمُِ أعْلَى مَكاناً وَأرْفَعَا
- وَأقرَبَ، في فَرْطِ التّكَرّمِ، نائِلاً،
- وَأبْعَدَ، في أرْضِ المَكارِمِ، مَوْقِعَا
- قَفَا سُنّةَ الدّيّانِ مَجْداً وَسُؤدَداً،
- وَلمْ يَرْضَ حتى زَادَ فيها، وَأبدَعَا
- لَمَرَّ عَلَيْنا غَيْمُهُ، وَهْوَ مُثْقَلٌ،
- وَعَرّجَ فينَا وَبْلُهُ، فتَسَرّعَا
- وَسِيلَ، فأعطَى كلّ شيْءٍ، ولم يُسَلْ
- لكَثْرَةِ جَدْوَى أَمْسِهِِ، فتَبَرّعَا
- جَوَادٌ، يرَى أنّ الفَضيلَةَ لمْ تكُنْ
- تَجُوزُ بِهِ الغَاياتِ، أوْ يَتَطَوّعَا
- فَلَوْ كانَتِ الدّنْيَا يَرُدُّ عِنَانَهَا
- عَلَيْهِ النّدَى، خِلْنَا نَداهُ تصَنُّعَا
- أصَاب شَذاةَ الحادِثِ النُّكرِ إذْ رَمى،
- وَأدْرَكَ مَسعاةَ الحُصَينَينِ إذ سَعَى
- كَرِيمٌ، تَنالُ الرّاحُ منهُ، إذا سرَتْ،
- وَيُعْجِلُهُ داعي التّصَابي، إذا دَعَا
- وَأبْيَضُ وَضّاحٌ، إذا ما تَغَيّمَتْ
- يَداهُ تَجَلّى وَجْهُهُ، فتَقَشّعَا
- تَرَى وَلعَ السّؤالِ يَكْسُو جَبينَهُ،
- إذا قَطّبَ المَسؤولُ، بشْراً مُوَلَّعَا
- تَخَلّفَ شَيْئاً في رَوِيّةِ حِلْمِهِ،
- وَحَنّ إلَيْنَا بَذْلُهُ، فَتَسَرّعَا
- تَغَطْرَسَ جُودٌ لمْ يَِّكلفْهُ وَقْفَةً،
- فيَختَار فيهَا، للصنّيعَةِ، مَوْضِعَا
- خَلائِقُ، لَوْلاهُنّ لمْ تَلْقَ للعُلا
- جِمَاعاً، ولا للسّؤدَدِ النّثْرِ مَجمَعَا
- سَعيدِيّةٌ، وَهْبِيّةٌ، حَسَنِيّةٌ،
- هيَ الحُسنُ مَرْأى، وَالمَحاسنُ مَسمعَا
- فلا جُودَ إلاّ جُودُهُ، أوْ كَجودِهِ،
- وَلا بَدْرَ ما لمْ يُوفِ عشراً وَأرْبَعَا
- عَدَدْتُ فلَمْ أُدْرِكْ لفَضْلِكَ غايةً،
- وهل يُدرِكُ السّارُونَ للشّمسِ مَطلعَا
- وَما كُنتُ في وَصْفيكَ إلاّ كَمُعتَدٍ،
- يَقيسُ قَرَا الأرْضِ العرِيضَةِ أذرُعَا
- وَلي غَرْسُ وِدٍّ في ذَرَاكَ، تَتابَعَتْ
- لهُ حِجَجٌ خُضرٌ، فَأثّ وَأيْنَعَا
- وَكُنْتَ شَفيعي، ثمّ عادَتْ عَوَائِدٌ
- مِنَ الدّهْرِ آلَتْ بالشّفيعِ مُشَفِّعَا
- رَدَدْتُ مُدَى الأيّامِ مَثنىً وَموْحَداً،
- وَقد وَرَدَتْ مني ورَِيداً وَأخدَعَا
المزيد...
العصور الأدبيه