الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أكثرت في لوم المحب فأقلل >>
قصائدالبحتري
أكثرت في لوم المحب فأقلل
البحتري
- أكْثَرْتَ في لَوْمِ المُحِبّ، فأقْلِلِ،
- وَأَمَرْتَ بالصّبْرِ الجمِيلِ، فأجْملِ
- لَمْ يَكْفِهِ نَأيُ الأحْبّةِ باللّوَى،
- حَتّى ثَنَيْتَ عَلَيْهِ لَوْمَ العُذّلِ
- قَسَمَ الصّبابَةَ فِرْقَتَيْنِ، فَشَوْقُهُ
- للظّاعِنِينَ، وَدَمْعُهُ للْمَنْزِلِ
- مُتقَسِّمُ الأحْشاءِ، يُنْشِدُ أرْبُعاً
- مُتَقَسِّماتٍ بالصَّبَا وَالشّمألِ
- حَطّتْ على تِلْكَ الأجارِعِ وَالرُّبَى
- مِنْهُنّ، أعْباءُ الغَمامِ المُثقَلِ
- وَسَرَى الرّبيعُ لهَا يُنمْنِمُ وَشْيَهَا،
- ضَرْبَيْنِ، بَينَ مُعَمَّدٍ وَمُهَلَّلِ
- وََلَرُبّ جِيدٍ وَاضِحٍ زُرْنَا بهَا،
- وَمُقَبَّلٍ عَذبٍ، وَطَرْفٍ أكْحَلِ
- مِنْ كلّ مائِلَةِ الجُفونِ إلى الكَرَى،
- عنْ طولِ ليْلِ الساهِرِ، المُتملمِلِ
- لَوْ شِئْتُ زِدْتُ الكاشِحينَ من الجوَى،
- وَوصَلْتِ خِلّةَ عاشِقٍ لَمْ توصَلِ
- أهْلاً وَسَهْلاً بالأمِيرِ مُحَمّدٍ
- بالمُقبِلِ المُوفي بِدَهْرٍ مُقْبِلِ
- أهْلاً وَسهلاً بابْنِ صالِحٍ الّذي
- بَذَّ المُلوكَ بِرَأْفَةٍ، وَتَفَضُّلِ
- بالهاشِميّ، الصَّالِحىِّ المُكْتَسي
- مِنْ فَضْلِ آصِرَةِ النّبيِّ المُرْسَلِ
- جَاءَ البَرِيدُ ِ يَهُزُّ مِنْهُ سمَاحَةً
- قُرَشِيّةً، مِثْلَ الغَمامِ المُسْبِلِ
- بَحْرٌ لِكَفِّ المُستمِيحِ المُجتَدي،
- بَدْرٌ لِعَيْنِ النّاظِرِ المُتأمّلِ
- لَوْ أنّ كَفّكَ لمْ تَجُدْ لِمُؤمِّلٍ،
- لَكَفاهُ عاجِلُ وَجْهِِكَ المُتَهَلِّلِ
- أوْ أنّ مَجْدَكَ لم يكُنْ مُتقادِماً،
- أغْنَاكَ آخِرُ سُؤدَدٍ عَنْ أوّلِ
- رَغّبْتَ قَوْماً في السّماحِ، وَأيْنَ هُمْ
- إنْ ساجَلوكَ منَ السّماكِ الأعْزَلِ
- سَامَوْكَ مِنْ حَسَدٍ فَأَفْضَل مِنْهُمُ
- غيرُ الجَوَادِ ، جادَ غيْرُ المُفضِلِ
- فبذَلْتَ فِينَا ما بذَلْتَ سَماحَةً،
- وتَكَرّماً، وَبَذَلْتَ ما لمْ يُبْذَلِ
- وَتنَفَّسَتْ بكَ في المَكارِم هِمّةٌ،
- نَزلَتْ مِنَ العَلْياءِ أرْفَعَ منزِلِ
- أَدْركْتَ ما فاتَ الكُهولَ مِن الحِجى
- في عُنْفُوَانِ شَبابِكَ المُستَقبِلِ
- فإذا أمَرْتَ، فما يُقالُ لكَ اتّئِدْ،
- وَإذا قَضَيْتَ فما يُقالُ لك اعْدِلِ
- جُزْتَ الفُرَاتَ إلى الشّآمِ بِرَاحَةٍ
- أرْبَتْ على مَدّ الفُرَاتِ المُعجِلِ
- وَغَدَوْتَ في فَلَقِ الصّباحِ بِغُرّةٍ،
- زَادَتْ على ضَوْءِ الصّباحِ المُنجَلي
- اللهُ اَعْطانَا المُنَى، فََقدِمتَ أسْـ
- ـعَدَ مَقْدَمٍ، وَدَخلتَ أيمنَ مَدخلِ
- فالمَنُّ فِيكَ، وفي مجِيئِكَ سالماً،
- لله ثُمّ القائِمِ المُتَوَكِّلِ
المزيد...
العصور الأدبيه